السعودية – السابعة الاخبارية
حمد المزيني، فُجع الوسط الفني السعودي والعربي، اليوم الأحد، بخبر وفاة الفنان الكبير حمد المزيني عن عمر ناهز الـ80 عامًا، بعد مسيرة فنية طويلة وحافلة امتدت لعقود، دون أن يُعلن حتى الآن عن سبب الوفاة الرسمي.
وبرحيله، يُسدل الستار على مسيرة نجم تميز بالحضور الهادئ، والأداء الصادق، والقدرة على الوصول إلى قلوب الجمهور بصدق وعفوية، سواء في الكوميديا أو الدراما، أو حتى الأدوار ذات الطابع الإنساني العميق.
حمد المزيني يرحل.. موعد صلاة الجنازة ومكانها
ومن المقرر أن تُقام صلاة الجنازة على الفنان الراحل حمد المزيني بعد صلاة عصر اليوم الأحد، في مسجد الراجحي شرق العاصمة الرياض، حسب ما أعلنه الفنان والإعلامي السعودي فايز المالكي.
المالكي نشر تغريدة عبر حسابه الرسمي بمنصة “إكس”، جاء فيها:
“انتقل إلى رحمة الله والدنا وحبيبنا الفنان حمد المزيني، والصلاة عليه في مسجد الراجحي العصر. أسأل الله العظيم له الجنة. عظم الله أجر أهله ومحبيه، والحمد لله على كل شيء.”
وقد تفاعل الجمهور السعودي والخليجي مع هذا الإعلان بكثير من الحزن والدعوات بالرحمة، وشارك الآلاف بمقاطع وصور قديمة للفنان الراحل، تعبيرًا عن حبهم له وتقديرهم لمسيرته.
ردود الفعل على مواقع التواصل الاجتماعي
منذ الإعلان عن خبر الوفاة، امتلأت منصات التواصل الاجتماعي برسائل الوداع والدعاء، وأعاد الكثير من المتابعين نشر مقاطع شهيرة للراحل، لا سيما تلك التي يظهر فيها وهو يقرأ القرآن أو يقدم نصائح أخلاقية بروح أبوية محبة.
وقد أجمع المتابعون أن حمد المزيني لم يكن مجرد فنان عابر، بل صوت هادئ في المشهد الثقافي السعودي، ظلّ على مدى أكثر من 40 عامًا يقدم رسالة فنية بناءة، توازن بين الترفيه والمضمون، وبين المتعة والرسالة الاجتماعية.
بداية المشوار الفني للفنان حمد المزيني
ولد حمد المزيني في المملكة العربية السعودية في منتصف الأربعينيات من القرن الماضي، وبدأ مشواره الفني في فترة السبعينات، في مرحلة شهدت بداية تشكّل ملامح الدراما السعودية الحديثة.
كانت انطلاقته من خلال المسرح المحلي، الذي كان آنذاك يُمثل المنصة الرئيسية للتعبير الفني، ومنه انتقل إلى الشاشة الصغيرة مع بداية ازدهار الإنتاج الدرامي التلفزيوني السعودي، وشارك في العديد من الأعمال التي أصبحت لاحقًا جزءًا من الذاكرة الشعبية الخليجية.
أعمال ستظل خالدة في ذاكرة المشاهدين
على مدى أكثر من أربعة عقود، قدّم الفنان حمد المزيني أدوارًا متعددة، تنوعت بين الكوميديا والدراما والإنسانيات، وتعاون مع أبرز نجوم الفن السعودي والخليجي.
من أبرز المسلسلات التي شارك فيها:
- “طاش ما طاش”: أحد أعمدة الكوميديا السعودية، حيث تألق المزيني في العديد من الحلقات بأداء بسيط لكنه يحمل رسائل عميقة.
- “العاصوف”: العمل الدرامي التاريخي الذي تناول تحولات المجتمع السعودي، وكان لحمد دور بارز فيه.
- “غشمشم” و”شباب البومب”: الأعمال الشبابية التي قربته من جيل جديد من المشاهدين.
- “الدنيا دروب” و”الضيف الغريب” و”عائلة أبو رويشد”: مسلسلات درامية واجتماعية سجلت حضوره القوي منذ بداياته.
وقد عرف عنه إتقانه للأدوار المركبة، وقدرته على تقديم شخصية الأب، أو الجار، أو الرجل الطيب المتسامح، بصورة صادقة تُحاكي الواقع اليومي للعائلة السعودية والخليجية.
موهبة لا تقتصر على التمثيل فقط
لم يكن المزيني فنانًا فقط، بل كان أديبًا وشاعرًا هاويًا، حيث كتب العديد من النصوص الشعرية والنثرية، وتناول في بعضها قضايا اجتماعية وأخلاقية تعكس اهتمامه العميق بواقع الناس ومعاناتهم.
وكان يُعرف بين أصدقائه ومحبيه بـالهدوء والحكمة، وكان دائمًا ما يُستعان به كـ”رجل صالح” في المشهد الفني، يحمل بوصلة أخلاقية ترشد الجميع داخل وخارج الاستوديو.
الحضور الإعلامي والرسالة الهادئة
رغم كونه شخصية فنية عامة، لم يكن المزيني من هواة الظهور الإعلامي الكثيف. بل كان يفضل أن يتحدث من خلال فنه وأدواره، وكان نادرًا ما يجري مقابلات تلفزيونية أو يشارك في أحداث فنية كبرى، إلا إذا شعر أن حضوره سيُضيف قيمة حقيقية.
كان يؤمن أن الفن الحقيقي لا يحتاج إلى ضجيج، بل إلى صدق في التقديم وإخلاص في العمل. وهذه الفلسفة البسيطة هي ما جعلت حضوره محبوبًا ومقبولًا لدى فئات مختلفة من الجمهور.
الحالة الصحية في السنوات الأخيرة
في السنوات الأخيرة، ابتعد حمد المزيني عن الأضواء، وقلّ ظهوره في الأعمال الجديدة، وسط أنباء غير مؤكدة عن معاناته مع بعض الأمراض المزمنة المرتبطة بتقدمه في العمر.
لكن حتى مع هذا الغياب الجزئي، ظلّ اسمه حاضرًا في وجدان الجمهور، وكانت له مكانة خاصة في كل من يتابع الأعمال السعودية الكلاسيكية.
محطات في مسيرة فنية ناصعة
- أكثر من 100 عمل فني بين تلفزيون ومسرح.
- تعاون مع كبار نجوم الخليج مثل ناصر القصبي، عبدالله السدحان، راشد الشمراني، محمد العلي، وسعد خضر.
- أدواره دائمًا ما حملت رسائل اجتماعية، وكان يحب تجسيد شخصية الحكيم أو الواعظ.
- ترك بصمة خاصة في الدراما الرمضانية، خصوصًا تلك التي تُعرض في أوقات الذروة.
- كان من رواد جيله في مرحلة التأسيس الفني في المملكة.
فايز المالكي يرثيه بكلمات مؤثرة
لم يكن فايز المالكي مجرد زميل فني للمزيني، بل كان من أبرز المقرّبين إليه، وكتب في وداعه:
“اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنة. كان فنانًا خلوقًا، طيب القلب، صادقًا في تمثيله، صادقًا في حياته. فقدنا اليوم أبًا ومعلمًا وإنسانًا نقيًا”.
وقد تفاعل الفنانون والمنتجون والممثلون الشباب مع كلمات المالكي، وشاركوا بدورهم رسائل وداع مليئة بالحب والاحترام.
وداعًا يا وجه الفن الطيب
بغياب الفنان حمد المزيني، يخسر الفن السعودي أحد أعمدته الصلبة، ورمزًا من رموزه الذين حافظوا على الهوية المحلية والبساطة الراقية في الأداء.
ولعل أكثر ما يُجمع عليه جمهوره ومحبيه، أن المزيني كان فنانًا حقيقيًا، لا بالنجومية الزائفة، بل بالتأثير الإنساني والفني.
رحم الله أبا الجميع، وأسكنه فسيح جناته، وألهم عائلته ومحبيه الصبر والسلوان.