القاهرة – السابعة الاخبارية
حنان مطاوع، في مشهد يُجسد صراع الفن مع التكنولوجيا، فجّرت الفنانة حنان مطاوع موجة من الجدل، بعد ظهورها في فيديو مولّد باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، يجمعها بوالدها الراحل الفنان القدير كرم مطاوع، إلى جانب مجموعة من الفنانين الراحلين، في مشاهد مؤثرة حملت طابعًا إنسانيًا.
لكن، ما بدا للبعض لحظة “وفاء وحنين”، كان بالنسبة لحنان انتهاكًا صارخًا للخصوصية والحقوق الشخصية، أشعل نقاشًا واسعًا حول حدود استخدام الذكاء الاصطناعي في الفن، خاصة في غياب القوانين الضابطة.
حنان مطاوع.. عندما يتحول التقدير إلى اعتداء
استيقظت حنان مطاوع، كما صرحت لاحقًا، على موجة تعليقات تشيد بمقطع “مؤثر” انتشر كالنار في الهشيم عبر منصات التواصل الاجتماعي، يظهرها وهي تتفاعل مع والدها الراحل في لحظة تم تجسيدها رقميًا عبر الذكاء الاصطناعي.
رغم اعترافها بأنها لا تشكّ في نية صانع الفيديو، إلا أن الفنانة عبّرت عن غضبها واستيائها من استخدام صورتها، وهيئتها، وصورة والدها، دون علمها أو إذن مسبق منها، معتبرة ما حدث نوعًا من السرقة المعنوية والانتهاك لحقوق الإنسان قبل أن يكون مجرد تصرف عابر.
موقف صريح وتحذير أولي
في ردّ فعل مباشر، نشرت حنان منشورًا مطوّلًا عبر حسابها على “إنستغرام”، عبّرت فيه عن موقفها الرافض تمامًا لاستخدام ملامحها وصوتها أو صورة والدها في أي محتوى مرئي أو فني دون الرجوع إليها.
وقالت في منشورها:
“ما عنديش شك في نية صانع المحتوى، لكن هل من حق أي حد يستخدم صورتي وهيئتي وصورة بابا دون الرجوع لي؟”
وتابعت: “زمان لما كانوا بيحبوا يستخدموا أصواتنا أو صورنا حتى في الكرتون، كان بيتم التعاقد معنا. هل عادي إني أصحى في يوم ألاقي نفسي في فيلم ضد قناعاتي؟”
كان واضحًا من نبرة كلامها أن المسألة لا تتعلق فقط بفيديو واحد، بل بمبدأ عام، ورسالة موجهة إلى كل من يتهاون أو يستخف باستخدام ملامح وصور الفنانين عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي دون استئذان، مما قد يُحدث لاحقًا كوارث أخلاقية ومهنية يصعب السيطرة عليها.
تحذير من التكرار… والتصعيد القانوني قادم
وفي تصريح خاص لـ”فوشيا”، أوضحت حنان أنها لم تتخذ بعد إجراءً قانونيًا، مشيرة إلى أنها قررت الاكتفاء حاليًا بـ”لفت النظر” و”التحذير”، معتبرة ذلك الخطوة الأولى في الردّ على هذا النوع من الانتهاكات.
لكنها حسمت موقفها قائلة: “في حال تكرار الأمر، أو تجاهل التحذير، لن أتردد في اللجوء إلى القضاء واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.”
تصريحها حمل رسالة واضحة مفادها أن الفنانين ليسوا مادة مفتوحة للاستهلاك الرقمي، وأن كلّ ما يتعلق بصورتهم، صوتهم، أو إرثهم الفني محمي بقوانين وحقوق معنوية يجب احترامها.
الذكاء الاصطناعي تحت المجهر: بين الإبداع والانتهاك
حادثة حنان مطاوع ليست الأولى ولن تكون الأخيرة. فالذكاء الاصطناعي اليوم بات قادرًا على إعادة تشكيل صور وصوت الفنانين، سواء الراحلين أو الأحياء، لتصنيع محتوى “يشبه الواقع” بشكل مذهل، لكنه يطرح في المقابل تساؤلات عميقة حول ملكية الصورة، وحق التحكم في الهوية الرقمية، وحدود الأخلاق في العالم الافتراضي.
وعلى الرغم من أن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في الفن قد يفتح أبوابًا جديدة للإبداع، فإنه في ذات الوقت قد يتحول إلى أداة للتلاعب بمشاعر الناس، أو الترويج لأفكار لا تمثل الشخص المعني، أو استخدامه في سياقات ضد إرادته.
حنان مطاوع، التي عبّرت عن قلقها من هذه الإمكانية، قالت:
“ما دام عادي استخدامي في فيديو إنساني، يبقى ممكن كمان استخدامي في أي شيء آخر دون علمي.”
وهو طرح واقعي يُظهر أن النية الحسنة لا تكفي حين يتعلق الأمر بالحقوق الفردية.
دعوة إلى تشريع يحمي الفنانين
من خلال هذه الأزمة، أطلقت حنان مطاوع ضمنيًا دعوة إلى وضع قوانين وتشريعات واضحة وصارمة، تُنظم استخدام الذكاء الاصطناعي في الفن والإعلام، وتمنع استغلال صورة أو صوت أي فنان دون موافقة مكتوبة وصريحة.
ورأت أن ما يحدث حاليًا هو نتيجة غياب رقابة قانونية صارمة، وافتقار السوق الفنية إلى إطار تشريعي يواكب تطورات التكنولوجيا. هذه الفجوة القانونية هي ما يسمح حاليًا لصانعي المحتوى باستغلال الصور والأصوات بحرية، غالبًا تحت غطاء “الإبداع” أو “النية الحسنة”.
الفنان لا ينتهي برحيله
واحدة من أكثر النقاط حساسية في الموضوع كانت استخدام صورة والدها الراحل، الفنان كرم مطاوع، في الفيديو. وهنا، أبدت حنان انزعاجها العميق من هذا الاستخدام العاطفي، موضحة أنه من غير المقبول تحويل الراحلين إلى شخصيات افتراضية دون إذن ذويهم.
وقالت بوضوح: “أرفض وبشكل قاطع وضع شكلي أو صورتي أو صوتي، أو صورة أبي الله يرحمه وصوته، أو صورة أو صوت أمي، في أي عمل فني أو إعلامي أو صحفي دون الرجوع لي والموافقة كتابيًا عليه.”
كلمات حنان أعادت طرح مسألة حساسة: هل للراحلين حق في الخصوصية؟ وهل يحق للورثة منع استخدام ملامحهم في أعمال تكنولوجية؟
أسئلة ما زالت تنتظر إجابات قانونية واضحة، وحنان ربما تكون من أوائل الفنانين الذين وضعوا هذه القضايا على الطاولة بقوة.
واقعة أخرى تثير الجدل: حنان ترفض التصوير في أحد المولات
بالتزامن مع الجدل حول فيديو الذكاء الاصطناعي، تصدّر اسم حنان مطاوع مواقع التواصل مجددًا بعد تداول مقطع مصوّر لها أثناء وجودها في أحد المولات الشهيرة بالقاهرة خلال العرض الخاص لفيلم “هيبتا”. الفيديو أظهرها وهي ترفض التصوير مع بعض المعجبين، كما منعت تصوير ابنتها التي كانت ترافقها.
ورغم محاولات وسائل الإعلام استدراجها للتعليق، رفضت حنان الردّ تمامًا على الحادثة، مؤكدة احترامها للجمهور، لكنها في الوقت ذاته ترفض التعدي على خصوصيتها كأم، وحق ابنتها في الابتعاد عن الأضواء.
الواقعة الثانية أضافت بعدًا آخر للنقاش: خصوصية الفنان ليست فقط على الشاشات، بل أيضًا في الحياة اليومية.
خاتمة: صورة الفنان ليست ملكًا عامًا
تُعد حنان مطاوع اليوم من بين أبرز الأصوات الفنية التي تُدافع عن حقوق الفنانين في العصر الرقمي، وترفض أن تتحول ملامحهم إلى أدوات تُستخدم خارج السياق وبلا إذن. ما عبّرت عنه لم يكن مجرد انزعاج شخصي، بل صرخة تحذيرية في وجه تكنولوجيا تتطور بوتيرة أسرع من القوانين، وقد تتحول إلى سلاحٍ ضد الخصوصية والهوية إن لم يتم ضبطها.
قضية حنان ليست شخصية، بل جزء من نقاش عالمي يتوسع كل يوم. والأكيد أن الموقف الحاسم الذي أبدته سيفتح الباب لمزيد من الوعي، وربما، لوضع أولى لبنات قانون يحمي الفنانين في عصر الذكاء الاصطناعي.