إنجلترا – السابعة الإخبارية
داروين نونيز .. في خبر لم يُحدث الضجة المعتادة التي ترافق رحيل النجوم الكبار عن أندية الصفوة، ودّع نادي ليفربول الإنجليزي مهاجمه الأوروجوياني داروين نونيز، بعد فترة قضاها في “آنفيلد” اتسمت بالتناقض بين الموهبة الكبيرة والتذبذب في الأداء، لتطوي صفحة شهدت لحظات مثيرة وأخرى محبطة في مسيرة اللاعب مع الريدز.
داروين نونيز : تغطية إعلامية فاترة
رحيل نونيز لم يأتِ كصدمة لجماهير كرة القدم أو لوسائل الإعلام العالمية. فعلى عكس الصفقات أو المغادرات التي تُحدث عاصفة من التعليقات والتحليلات، اكتفت الصحف الأوروبية الكبرى، مثل ماركا الإسبانية، وذا جاردين البريطانية، وسكاي نيوز، بتغطية الحدث بشكل روتيني، دون مبالغة أو انفعال.
هذا الهدوء الإعلامي عكس إلى حد كبير واقع مسيرة اللاعب في النادي، حيث لم يتمكن نونيز من ترسيخ اسمه كأحد الأعمدة الهجومية الثابتة في الفريق، رغم التوقعات الكبيرة التي صاحبت انضمامه، والمبلغ المرتفع الذي دفعته إدارة ليفربول لضمه من بنفيكا البرتغالي.

أزمات هجومية وأوقات حرجة
خلال موسمين مع ليفربول، أظهر نونيز ومضات من التألق والقدرة على حسم المباريات، لكنه في المقابل أهدر فرصًا كثيرة في لحظات حاسمة، وأضاع على فريقه نقاطًا ثمينة في الدوري ودوري الأبطال. هذه الأخطاء المتكررة جعلت صبر جزء من جماهير النادي ينفد، بينما ظل جزء آخر يدافع عنه باعتباره لاعبًا يبذل جهدًا كبيرًا ويتمتع بروح قتالية، حتى لو افتقد الحسم في كثير من الأحيان.
الاستثناء البريطاني: “السخيف الرائع”
وسط هذا الإجماع الإعلامي على التغطية الباردة، جاءت صحيفة Independent البريطانية لتكسر النمط، حيث ودّعت اللاعب بعنوان غير تقليدي:“وداعًا داروين نونيز، لاعب ليفربول السخيف الرائع.”
العبارة حملت في طياتها مزيجًا من المديح والنقد، فهي تلمح إلى التناقض بين الجانب الإيجابي المتمثل في حماسه وإخلاصه للفريق، والجانب السلبي المتمثل في القرارات الغريبة أو “السخيفة” التي كان يتخذها أمام المرمى، أو في طريقة تعامله مع الضغط في المباريات الكبيرة.
مسيرة لم ترق للتوقعات
انضم نونيز إلى ليفربول وسط ضجة إعلامية كبيرة، باعتباره أحد المهاجمين الواعدين في أوروبا بعد موسم استثنائي مع بنفيكا. وقد رآه يورغن كلوب – المدير الفني للفريق – كعنصر قادر على إضافة بعد جديد للهجوم، بجانب محمد صلاح ولويس دياز. لكن بمرور الوقت، أصبح واضحًا أن التكيف مع أسلوب اللعب السريع والمباشر في الدوري الإنجليزي الممتاز لم يكن سلسًا بالنسبة له.
إحصائيًا، سجل نونيز أهدافًا مهمة، لكن معدله التهديفي لم يتناسب مع حجم الفرص التي أتيحت له. كما أن قراراته في الثلث الأخير من الملعب كانت كثيرًا ما تثير علامات الاستفهام، سواء من المحللين أو من الجماهير.

لحظة التقييم
رحيله اليوم ليس مجرد نهاية عقد أو اتفاق بين نادي ولاعب على الانفصال، بل هو لحظة تقييم موضوعية لقيمة هذه الصفقة. فقد دفعت إدارة ليفربول مبلغًا ضخمًا للحصول على توقيعه، على أمل أن يكون مهاجم المستقبل، لكن النتيجة النهائية تشير إلى تجربة غير مكتملة. صحيح أنه أضاف حيوية وخطورة في بعض المباريات، لكنه لم ينجح في أن يصبح المهاجم الحاسم الذي يبني عليه الفريق خططه الهجومية.
ردود فعل الجماهير
على منصات التواصل الاجتماعي، تباينت مشاعر جماهير ليفربول تجاه خبر رحيله. فهناك من أبدى الحزن، معتبرًا أن اللاعب لم يحصل على الوقت الكافي للتأقلم أو الفرصة الكاملة لإثبات نفسه. في المقابل، رأى آخرون أن خروجه خطوة ضرورية من أجل إعادة بناء الخط الهجومي للفريق والتعاقد مع مهاجم أكثر قدرة على استغلال الفرص.

إلى أين يتجه نونيز؟
حتى الآن، لم يُعلن رسميًا عن وجهة نونيز المقبلة، لكن تقارير صحفية ربطته بأندية في الدوري الإسباني والإيطالي، حيث قد يجد أسلوب اللعب هناك أكثر ملاءمة لمهاراته. وقد يكون الانتقال فرصة جديدة لإعادة اكتشاف نفسه، خصوصًا إذا ابتعد عن الضغوط الهائلة التي ترافق اللعب في الدوري الإنجليزي الممتاز.
قد يظل داروين نونيز في ذاكرة جماهير ليفربول كلاعب مثير للجدل، جمع بين الطاقة الكبيرة والإخلاص، وبين القرارات الغريبة والفرص الضائعة. رحيله اليوم يفتح الباب أمام تساؤلات حول سياسة التعاقدات في النادي، وحول كيفية تحقيق التوازن بين موهبة اللاعب وقدرته على التكيف مع متطلبات الفريق. أما هو، فربما يجد في تجربته القادمة البيئة التي تتيح له التخلص من لقب “السخيف الرائع” والتحول إلى مهاجم يُذكر فقط بقدراته التهديفية.