الصين- السابعة الإخبارية
أثارت دار رعاية في مدينة أنيانغ بمقاطعة خنان شمال الصين، موجة واسعة من الجدل بعد نشرها مقطع فيديو يُظهر راقصة بزي مدرسي قصير تؤدي حركات مثيرة أمام رجل مسن، بهدف تشجيعه على تناول أدويته.
الفيديو الذي نُشر في 24 سبتمبر (أيلول) عبر الحساب الرسمي للدار على مواقع التواصل الاجتماعي، جاء مصحوباً بتعليق مثير يقول:
“مديرنا يبذل كل ما في وسعه لتشجيع المسنين على تناول أدويتهم.”
لكن سرعان ما انقلبت الفكرة إلى عاصفة من الانتقادات، إذ اعتبر مستخدمون كُثر أن المشهد يمثل إهانة للمسنين وتجاوزاً للأعراف الاجتماعية، في حين وصفه آخرون بأنه “أسلوب ترفيهي فاضح لا يليق بمكان يُفترض أن يوفر الرعاية والاحترام لكبار السن”.
وقال أحد المعلقين بسخرية:
“هل أصبح الرقص المثير جزءاً من صناعة رعاية المسنين؟”
ليأتي الرد الصادم من حساب الدار:
“كل شيء يمكن أن يرتبط بالرقص المثير!”
اعتذار وتبرير مثير للدهشة
إزاء موجة الغضب، خرج مدير دار الرعاية بتصريحات لصحيفة ساوث تشاينا مورنينغ بوست، معترفاً بأن الفيديو كان “غير لائق”، لكنه أوضح أن الراقصة التي ظهرت ليست محترفة، بل موظفة تعمل في الدار بالفعل.

وقال المدير:
“النية لم تكن الإهانة، بل محاولة كسر الصورة النمطية عن دور رعاية المسنين على أنها أماكن مملة. أردنا أن نظهر أن الحياة داخلها يمكن أن تكون مليئة بالحيوية والمرح.”
وأكد أن الدار تقدم عادة أنشطة ترفيهية بسيطة للمقيمين، مثل الغناء وألعاب الورق، مشيراً إلى أنه سيتم اتخاذ إجراءات داخلية لضمان عدم تكرار مثل هذه التجاوزات مستقبلاً.
حذف المقاطع وبدء التحقيق
ومع تصاعد الانتقادات، سارعت إدارة الدار إلى حذف أكثر من 100 فيديو من حساباتها الإلكترونية، فيما أعلنت السلطات المحلية في أنيانغ عن فتح تحقيق رسمي في الحادثة، للتأكد من مدى التزام الدار بالقواعد المهنية والأخلاقية الخاصة بمؤسسات رعاية المسنين.
وقال مسؤول في مكتب الشؤون المدنية بالمدينة إن “التحقيق جارٍ، وسيُعلن عن نتائجه قريباً للرأي العام”، مؤكدًا أن السلطات تتعامل بجدية مع أي سلوك يمكن أن يسيء لكبار السن أو يقلل من كرامتهم.
سياق ديموغرافي حساس
تأتي هذه الواقعة في وقت تشهد فيه الصين ارتفاعاً قياسياً في أعداد كبار السن، إذ يُتوقع أن يتجاوز عدد من تبلغ أعمارهم 60 عاماً فأكثر 310 ملايين شخص بنهاية العام الجاري، أي ما يعادل نحو 22% من إجمالي السكان، وفقاً لبيانات المكتب الوطني للإحصاء.
وتسعى الحكومة الصينية منذ سنوات إلى تطوير برامج الرعاية الاجتماعية والطبية للمسنين، بالتوازي مع تحفيز القطاع الخاص على الاستثمار في هذا المجال، إلا أن هذه الحادثة الأخيرة كشفت عن تحديات ثقافية وأخلاقية تواجه بعض المؤسسات العاملة في القطاع.
ردود فعل غاضبة وساخرة
وفي تعليقات متباينة على مواقع التواصل، كتب أحد المستخدمين:
“الابتكار في رعاية المسنين أمر محمود، لكن يجب أن تكون له حدود.”
وقال آخر غاضباً:
“هذا تصرف غير مسؤول، هؤلاء أشخاص يعانون من أمراض مزمنة، ومثل هذه الممارسات قد تعرضهم لمضاعفات صحية خطيرة.”
بينما علّق ثالث بسخرية لاذعة:
“هل يرقصون لتشجيعهم على تناول الدواء أم لإقناعهم بفتح محافظهم؟ يبدو أن النية واضحة.”
وبين الاعتذار الرسمي والجدل الشعبي، تبقى حادثة “راقصة دار الرعاية” مثالاً صارخاً على سوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في الترويج لأنشطة حساسة، وتذكيراً بأهمية الحفاظ على كرامة كبار السن — حتى عندما تكون النوايا “ترفيهية”.
