سوريا – السابعة الاخبارية
دانا مارديني، في خطوة غير متوقعة، أعلنت الفنانة السورية دانا مارديني اعتزالها العمل كممثلة في مجال الدراما التلفزيونية، مؤكدة أن قرارها نهائي، ولا رجعة فيه، وأنها ستواصل مشوارها الفني بعيدًا عن هذا الإطار، من خلال مشاريع أخرى تُعبّر عن شغفها الحقيقي.
النجمة المعروفة بحضورها القوي وأدائها الهادئ والمميز، نشرت بيانًا صريحًا وواضحًا عبر حسابها الشخصي على منصة “إنستغرام”، أثار جدلًا واسعًا بين جمهورها ومتابعي الفن السوري والعربي.
دانا مارديني: لن أعمل بعد الآن في هذا المجال
جاء إعلان الاعتزال عبر رسالة مكتوبة نشرتها دانا مارديني، قالت فيها:
“مرحباً للجميع.. أعلن اعتزالي كممثلة في مجال التلفزيون. من الآن، لن أعمل بعد الآن في هذا المجال، أياً كانت الشركة أو المحطة المنتجة. سوف أتابع في مهنتي وشغفي خارج هذا السياق.”
View this post on Instagram
هذه الكلمات المباشرة قطعت الطريق أمام كل التكهنات، وأكدت أن قرار دانا ليس مرتبطًا بخلاف مع شركة إنتاج أو تعاقد معين، بل هو تحوّل حقيقي في مسيرتها المهنية، مدروس منذ سنوات.
وأضافت في رسالتها:
“القرار ليس رد فعل، ولا وليد اللحظة. منذ سنوات وأنا أريد الاعتزال.”
كلمات تعكس أن القرار لم يكن ناتجًا عن ضغط عابر أو أزمة مؤقتة، بل نتيجة تراكمات وتفكير طويل في طبيعة العمل التلفزيوني، وربما في نوعية الأدوار والظروف المحيطة بالمجال خلال السنوات الأخيرة.
طلب خاص من الجمهور.. واحترام للخصوصية
دانا، التي عُرفت بخصوصيتها وحفاظها على حياتها الشخصية بعيدًا عن الأضواء، طلبت من جمهورها ومتابعيها احترام قرارها، وتجنب التواصل مع عائلتها بشأن الموضوع، مشيرة إلى أن عائلتها “تحترم القرار ولا تتدخل في شؤونها أياً كانت”.
هذا التوضيح حمل رسائل مهمة، أبرزها أن الفنانة لا ترغب في أي محاولات “إقناع” أو ضغط معنوي للتراجع عن قرارها، وهو ما يواجهه كثير من الفنانين الذين يتخذون قرارات حاسمة في مسيرتهم، ثم يجدون أنفسهم أمام موجة من التساؤلات والضغوط من المحيطين بهم أو حتى من الجمهور.
من التلفزيون إلى السينما والمسرح
رغم اعتزالها التلفزيون، لم تعلن دانا مارديني خروجها الكامل من الساحة الفنية، بل أكدت أنها ستواصل عملها الإبداعي في مجالات أخرى قريبة من روحها، وتحديدًا في السينما والمسرح، حيث قالت:
“سأتابع النشر عن كل جديد ابتداءً من المكان إلى جديدي في السينما والمسرح أو أي جديد بعد الاستقرار.”
كلمات تعكس استمرار العطاء الفني، وإن كان من زاوية مختلفة، وتفتح الباب لتجارب أكثر عمقًا وتجديدًا، خاصة أن دانا مارديني تمتلك خلفية أكاديمية مسرحية، وهي خريجة المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق، وشاركت في أعمال مسرحية مميزة في بداية مسيرتها.
ردود فعل الجمهور.. صدمة ثم دعم
ما إن نشرت دانا رسالتها، حتى انهالت التعليقات من جمهورها، الذي عبر عن الصدمة في البداية، خاصة أن اعتزالها يأتي وهي في قمة نضجها الفني، وقدّمت أدوارًا تركت بصمة قوية في الدراما السورية والعربية، من أبرزها:
- “تمارا” في مسلسل “الندم” (2016)،
- “هيا” في مسلسل “تانغو”،
- مشاركتها في أعمال مثل “مسافة أمان” و**”أنا”** و**”حلاوة الروح”**، وغيرها.
لكن مع مرور الوقت، تحوّل التفاعل إلى موجة دعم واسعة، عبّر فيها الجمهور عن احترامه لقرارها، متمنين لها التوفيق في مسيرتها الجديدة، وأن تعود بأعمال سينمائية ومسرحية تليق بموهبتها وقدراتها العالية.
هل يحمل القرار رسالة أعمق عن واقع الدراما؟
في الوقت الذي اختارت فيه دانا مارديني أن تكتفي بكلمات محددة، دون الدخول في تفاصيل، بدأ عدد من المتابعين والمتخصصين في الفن بطرح تساؤلات مهمة:
- هل يعكس هذا الاعتزال حالة إحباط من واقع الدراما التلفزيونية، لا سيما بعد تراجع الإنتاج السوري النوعي لصالح الأعمال التجارية السريعة؟
- هل تعاني الفنانات من غياب التقدير الفني في المسلسلات، أو تكرار الأدوار والنصوص السطحية؟
- هل المسرح والسينما يوفران للفنان الحقيقي بيئة أكثر صدقًا وتحررًا من قيود السوق؟
تساؤلات لا نجد إجابات مباشرة عليها من دانا، لكنها تفتح نقاشًا مهمًا عن واقع الإنتاج الفني في المنطقة، وعن حاجتنا لمساحات إبداعية تحتضن الفنان لا تُستهلكه.
دانا مارديني.. فنانة تعرف طريقها
منذ انطلاقتها، حرصت دانا مارديني على انتقاء أدوارها بدقة، وابتعدت عن الظهور المتكرر أو الانخراط في أعمال بلا قيمة. أداؤها الدرامي يُشهد له، وقدرتها على تجسيد الشخصيات المعقدة بعمق جعلها واحدة من أبرز نجمات جيلها.
ومع هذا القرار، تُثبت مرة أخرى أنها فنانة لا تحكمها الشهرة أو الظهور الإعلامي، بل الجودة والصدق الفني، وهذا ما يفسّر احترام الجمهور لقرارها، حتى وإن حمل شيئًا من الحزن على غيابها عن الشاشة.
قرار دانا مارديني باعتزال التلفزيون ليس مجرد خبر فني عابر، بل لحظة صادقة تعكس توجه فنانة تعرف تمامًا ما تريد، وتختار أن تواصل مسيرتها على طريقتها الخاصة، بعيدًا عن الضغوط، ووفق شغفها الحقيقي.
في زمن تزداد فيه الضوضاء الفنية، تبقى الأصوات الهادئة الصادقة مثل دانا، الأكثر تأثيرًا وصدقًا.
ولعل الجمهور، الذي تعلّق بأدوارها، سيرحب بها مجددًا عندما تعود على خشبة المسرح أو شاشة السينما، بهدوئها المعهود، وعمقها الذي لا يُشبه أحد.
“لكم مني كل الحب”… هكذا ختمت دانا رسالتها. وهكذا يرد جمهورها: “كل الاحترام والحب لكِ أيضًا.”