روسيا – السابعة الإخبارية
كشفت دراسة علمية روسية حديثة عن نتائج لافتة تؤكد أن الانخراط المنتظم في أنشطة بدنية خارجية، مثل المشي والركض وركوب الدراجات في المساحات الخضراء، يرتبط بانخفاض ملحوظ في أعراض الاكتئاب وتحسّن واضح في الصحة النفسية بشكل عام.
وتأتي هذه النتائج في وقت تتزايد فيه معدلات الاكتئاب عالميًا، وسط بحث مستمر عن وسائل علاجية فعالة وسهلة الوصول، لا تعتمد فقط على الأدوية والعلاج النفسي التقليدي.
الاكتئاب والعلاج التقليدي… تحديات مستمرة
وبحسب الدراسة، يُعد الاكتئاب واحدًا من أكثر الاضطرابات النفسية شيوعًا، ويُعالج عادة باستخدام مضادات الاكتئاب إلى جانب العلاج النفسي. إلا أن هذه الأساليب، رغم فعاليتها الفردية، لم تُسهم بشكل ملموس في الحد من انتشار الاكتئاب على مستوى المجتمعات.
وفي ظل القيود المرتبطة بالعلاجات الدوائية، سواء من حيث الآثار الجانبية أو محدودية الاستجابة لدى بعض المرضى، اتجه الباحثون إلى دراسة بدائل علاجية أكثر بساطة، ليبرز النشاط البدني كخيار واعد ومدعوم بأدلة علمية متزايدة.

منهجية الدراسة وتقييم الأعراض
واعتمدت الدراسة على تقييم أعراض الاكتئاب باستخدام استبيان صحة المريض، وفق المعايير المعتمدة لتشخيص اضطراب الاكتئاب الشديد في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية.
وركّز الباحثون على مقارنة شدة الأعراض لدى المشاركين بناءً على نوع النشاط البدني ومدته وشدته، مع الأخذ في الاعتبار العوامل النفسية والعلاجية الأخرى، بما في ذلك استخدام الأدوية المضادة للاكتئاب.
نتائج لافتة: الطبيعة تضاعف الفائدة
وأظهرت النتائج أن فوائد النشاط البدني لا تقتصر على الجانب الجسدي فحسب، بل تمتد لتشمل الجوانب المعرفية والانفعالية، مع تعزيز إضافي ناتج عن التعرض المباشر للطبيعة والهواء الطلق.
وبيّنت الدراسة أن ممارسة نشاط بدني معتدل الشدة، مثل المشي السريع أو ركوب الدراجة في أماكن مفتوحة، ارتبطت بانخفاض واضح في أعراض الاكتئاب، خاصة عند ممارسته لمدة تتراوح بين ساعة وساعتين أسبوعيًا.
في المقابل، ساهم النشاط البدني عالي الشدة في تقليل الشعور بالتعب والإرهاق، إلا أن تأثيره على أعراض فقدان الاهتمام والمتعة كان أقل وضوحًا مقارنة بالنشاط المعتدل.

حتى الأنشطة البسيطة لها أثر إيجابي
وأشارت الدراسة إلى أن المشي أو ركوب الدراجة لأغراض التنقل لم يرتبط بانخفاض مستمر في أعراض الاكتئاب، لكنه أظهر ارتباطًا بتراجع مستويات التعب، ما يدل على أن حتى الأنشطة البدنية الأقل كثافة قد تحمل فوائد صحية ونفسية ملموسة.
ولتعزيز موثوقية النتائج، قام الباحثون بتحليل بيانات المشاركين الذين سجلوا درجات اكتئاب مرتفعة بشكل خاص، مع دراسة تأثير الأدوية النفسية المصاحبة، ما أضفى قوة علمية إضافية على الاستنتاجات.
توصيات عملية لتحسين الصحة النفسية
وفي ضوء النتائج، قدّم الباحثون مجموعة من التوصيات العملية، أبرزها:
•البدء بالمشي في حديقة قريبة لمدة 30 دقيقة يوميًا، من 3 إلى 5 مرات أسبوعيًا.
•اختيار البيئات الطبيعية الهادئة، مثل الحدائق أو الشواطئ أو المسارات الخضراء، إذ يؤثر نوع المكان بشكل مباشر في حجم الفائدة النفسية.
•اعتبار التمرين الخارجي وسيلة داعمة ومكمّلة للعلاج، وليس بديلًا عن الاستشارة الطبية أو العلاج الدوائي، خاصة في حالات الاكتئاب المتوسط أو الشديد.
وتخلص الدراسة إلى أن دمج النشاط البدني المنتظم مع التعرض للطبيعة يمكن أن يشكل أداة فعالة وميسّرة لتحسين الصحة النفسية والحد من أعراض الاكتئاب، وهو ما تدعمه أدلة متزايدة من دراسات طولية وأبحاث علمية دولية، تؤكد أن الحركة في الهواء الطلق ليست مجرد رفاهية، بل جزء أساسي من نمط حياة صحي ومتوازن.
