لبنان – السابعة الإخبارية
زياد الرحباني.. فُجع الوسط الفني العربي بوفاة الموسيقار اللبناني الكبير زياد الرحباني، بعد صراع مع تليف الكبد، وهو مرض مزمن يُعد من أكثر الأمراض خطورة على الإنسان، خاصة مع كونه “صامتًا” في مراحله الأولى، ما يجعل اكتشافه متأخرًا ومعالجته أكثر تعقيدًا.
ورغم الحزن الكبير على فقدان أحد أعمدة الموسيقى والفن في العالم العربي، إلا أن وفاته أعادت تسليط الضوء على هذا المرض، الذي يصيب ملايين الأشخاص حول العالم، ويعد مسؤولًا عن عدد كبير من حالات الوفاة الناتجة عن أمراض الكبد.

زياد الرحباني.. ما هو تليف الكبد الذي أصيب به ؟
تليف الكبد هو حالة مزمنة تتعرض فيها خلايا الكبد للتلف بشكل تدريجي، لتُستبدل بأنسجة ليفية غير طبيعية (ندبات)، مما يُفقد الكبد قدرته على أداء وظائفه الحيوية مثل تنقية الدم من السموم، والمساعدة على هضم الدهون، وتخزين الفيتامينات والمعادن.
ومع تراكم هذه الأنسجة الندبية، تزداد صعوبة تدفق الدم داخل الكبد، مما يسبب سلسلة من المضاعفات الصحية الخطيرة، قد تصل إلى الفشل الكبدي أو سرطان الكبد.
أعراض تليف الكبد: عندما يتحدث الجسد بصمت
ما يجعل المرض أكثر خطورة هو أنه غالبًا ما يتطور دون أعراض واضحة، خاصة في مراحله المبكرة. ومع تفاقم الحالة، تبدأ بعض العلامات في الظهور، ومنها:
• إرهاق مزمن وضعف عام
• اصفرار الجلد وبياض العينين (اليرقان)
• انتفاخ البطن نتيجة تراكم السوائل (الاستسقاء)
• نقص شديد في الشهية وفقدان الوزن
• نزيف أو كدمات بسهولة بسبب خلل في تجلط الدم
• الحكة الجلدية المستمرة
• الارتباك أو النعاس أو اضطرابات الوعي نتيجة ما يعرف بالاعتلال الدماغي الكبدي، وهو أحد مضاعفات تليف الكبد الخطيرة.
هذه الأعراض لا تظهر فجأة، بل تتطور ببطء، وغالبًا ما يربطها المريض بأسباب أخرى أقل خطورة، ما يؤخر التشخيص والعلاج.
ما الذي يسبب تليف الكبد؟
تتنوع أسباب تليف الكبد، وتشمل عوامل فيروسية وبيئية ووراثية، نذكر منها:
• التهاب الكبد الفيروسي المزمن، خاصة فيروس B وC.
• الإفراط في شرب الكحول، وهو أحد أكثر الأسباب شيوعًا في دول عديدة.
• مرض الكبد الدهني غير الكحولي، والذي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بزيادة الوزن ومرض السكري من النوع الثاني.
• أمراض الكبد الوراثية مثل داء ترسب الأصبغة الدموية ومرض ويلسون.
• بعض الأدوية والمواد السامة التي تؤثر على خلايا الكبد بشكل مباشر.
ويشير الأطباء إلى أن الضرر الذي يصيب الكبد عادة ما يكون تدريجيًا، ما يمنح فرصة للتدخل المبكر إذا تم اكتشاف المرض في مراحله الأولى.
هل يمكن علاج تليف الكبد؟
رغم التقدم الطبي الكبير، لا يمكن الشفاء من التليف في مراحله المتقدمة، لأن الأنسجة الندبية لا يمكن عكسها. لكن يمكن إبطاء تقدم المرض أو حتى وقفه، إذا تم التعامل مع المسبب الرئيسي بشكل فعال. ومن أبرز العلاجات:
• مضادات الفيروسات للمرضى المصابين بالتهاب الكبد B أو C.
• التحكم في مرض السكري وضغط الدم وفقدان الوزن لتحسين حالة الكبد الدهني.
• الامتناع التام عن الكحول.
• زراعة الكبد في حالات الفشل الكبدي المتقدم، كحل نهائي.
ويؤكد الأطباء على أهمية المتابعة الطبية المنتظمة، خاصة لمرضى الأمراض المزمنة التي قد تؤثر على الكبد.
كيف يمكن الوقاية من تليف الكبد؟
الوقاية تبدأ من الوعي المبكر، وتشمل مجموعة من النصائح الأساسية:
• التطعيم ضد التهاب الكبد B، والفحص الدوري للكشف عن فيروس C.
• نظام غذائي صحي ومتوازن، والابتعاد عن الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة والسكريات الزائدة.
• ممارسة الرياضة بانتظام للحفاظ على وزن صحي.
• تجنب الكحول نهائيًا.
• عدم مشاركة الأدوات الحادة أو المحاقن.
• الفحص الدوري لوظائف الكبد، خاصة لدى مرضى السكر والسمنة.
برحيل زياد الرحباني، خسر العالم العربي أحد أعلامه الموسيقيين الكبار، لكن قصته الصحية قد تفتح العيون على مرض غالبًا ما يختبئ في الظلال حتى يصل متأخرًا.
الوقاية تبدأ بالمعرفة، وتليف الكبد ليس مرضًا نادرًا أو مستحيل الوقاية منه. بل إن معظم أسبابه يمكن تجنبها باتباع أسلوب حياة صحي، والالتزام بالكشف الدوري، والتعامل بوعي مع أي مؤشرات غير معتادة.
رحم الله زياد الرحباني، وجعل فقده سببًا في إنقاذ آخرين من هذا المرض الصامت.
