سوريا – السابعة الإخبارية
رندة حجازي، الفنانة التشكيلية السورية–الكندية، التي مثلت جسرًا حيًا بين الثقافات والفنون. منذ بداياتها في دمشق مرورًا بتجاربها في دبي ووصولًا إلى كندا، نجحت في صياغة لغة فنية تجمع بين الإبداع البصري والحس الإنساني العميق.
أعمالها ليست مجرد لوحات، بل حوارات مصورة بين الشرق والغرب، بين الماضي والحاضر، وبين الألوان والموسيقى، تعكس قضايا المجتمع والثقافة بطريقة معاصرة تلمس قلب المشاهد وتترك أثرًا دائمًا.
من هي رنده ؟
ولدت حجازي في دمشق، وتنقلت بين مدن عدة أبرزها دبي وكندا، قبل أن تستقر أخيراً في مونتريال، لتصبح جسرًا بصريًا يربط بين ثقافات الشرق والغرب عبر لوحاتها المميزة.
تخرجت رندة حجازي من كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق عام 2000، ثم واصلت دراساتها في الإعلام والصحافة عام 2008، ما أتاح لها صياغة رؤية فنية تجمع بين الحس الإبداعي والبعد الإنساني والاجتماعي، لتصبح أعمالها لاحقًا منصة للحوار الثقافي بين مختلف الشعوب.

معارض دولية وإنجازات متوالية
قدّمت رنده حجازي أعمالها في معارض فردية وجماعية في الشرق الأوسط وأوروبا وكندا، وبرزت لوحاتها على شاشات إلكترونية بارزة مثل تايمز سكوير – نيويورك وواترلو ستيشن – لندن، ما منحها حضورًا دوليًا متفردًا.
كما حصلت على جوائز وميداليات دولية، و تكريمات رسمية من الحكومة الكندية، إذ اختيرت بعض أعمالها لتزيين بطاقات التهنئة الرسمية لمجلس العموم الكندي، ما يعكس تقدير المؤسسات الكبرى لفنها الذي يمزج بين الأصالة والحداثة.
تستمد أعمالها روحها من القضايا الإنسانية والثقافية المعاصرة، محوّلة الألوان والخطوط إلى لغة تواصل عالميّة تتجاوز الحدود، وتبني جسور الحوار بين الشعوب والفنون.
لوحة حية أمام جمهور مونتريال
من أبرز تجاربها الفنية الإنسانية، مشاركتها في مهرجان أيام السينما اللبنانية على مسرح ريالتو في مونتريال، حيث قدمت رسمًا حيًا أمام جمهور المسرح تكريمًا لروح الموسيقار الراحل زياد الرحباني.
ووصفت حجازي هذه التجربة بأنها لحظة التقت فيها الألوان مع أنغام زياد الخالدة، لتصبح اللوحة نبضًا من موسيقاه وامتدادًا لروحه التي ما زالت تلهم الجمهور والفنانين على حد سواء.
وأضافت أن الرسم المباشر أمام الجمهور منح العمل بعدًا تفاعليًا وإنسانيًا، حيث شعر المتابعون وكأنهم يشاركون في لحظة إبداعية حية تجمع الفن والموسيقى في لوحة واحدة.

الغائب الحاضر.. حكاية اللوحة
أطلقت حجازي على إحدى أعمالها تكريمًا لزياد الرحباني عنوان “الغائب الحاضر”، والتي تعكس ألوان الزمن المعتقة وروح الموسيقار الخالدة. فاللوحة تحكي قصة إنسان غادر الجسد لكنه لم يغادر الأثر، حيث الغياب الجسدي لا يعني الفراغ، بل حضورًا روحيًا أعمق.
تمثل الغيمة في العمل روح زياد الرحباني، وهي “سيدة المشهد” التي تمطر موسيقاه على الأرض في كل لحظة، لتذكرنا بإرثه الثقافي والفني الغني، وبتأثيره المستمر على الأجيال. كما تضمنت اللوحة كلمة “منحبك”، التي كتبت بمشاركة الفنانة كارمن لبس، لتكون رسالة محبة من الجمهور لفنان ترك بصمة خالدة في عالم الفن والموسيقى.
توضح اللوحة أن العلاقة بين السماء والأرض ليست حكراً على القديسين، بل تشمل كل فنان ترك أثرًا خالدًا في قلب الإنسان. وترسخ حجازي من خلالها فكرة أن الفن ليس ترفًا، بل ضرورة حياتية، كالهواء والماء والشمس، يغذي الثقافة ويسهم في بناء الوطن وصياغة أجيال واعية.
مساهمات فنية إضافية
بعيدًا عن الرسم المباشر، صممت حجازي الجائزة الفنية المقدمة للفنانين لتكريمهم، والتي تتبع أندية اللايونز الدولية في كندا، بإشراف المشرف الإقليمي السيد طوني نحاس. وقد أصبح هذا التمثال تحفة فنية صغيرة تمثل رؤية حجازي في دمج الجماليات والإبداع مع الرمزية المجتمعية.
وفي الوقت نفسه، تُعرض لوحاتها حاليًا في مزاد علني يبدأ من 5 أكتوبر ويستمر حتى 31 أكتوبر، ما يوفر فرصة لعشاق الفن لجمع أعمال فنانة تجمع بين الموهبة العالمية والبعد الإنساني.
تظل رندة حجازي مثالاً حيًا للفنان المعاصر الذي يجمع بين الحس الإبداعي، الرؤية الإنسانية، والتفاعل الثقافي، من خلال أعمال تتخطى الحدود الجغرافية والزمنية. سواء عبر المعارض الدولية، أو الرسم الحي، أو تصميم الجوائز الفنية، فإن حجازي تستمر في بناء جسور بين الشرق والغرب، وبين الموسيقى والفن التشكيلي، محافظة على إرث الفنانين الكبار ومخلّدة لحضورهم في وعي الجماهير.
تجربتها مع زياد الرحباني، على وجه الخصوص، تبرز قوة الفن في الربط بين العاطفة والإبداع، ليكون تذكيرًا دائمًا بأن الأعمال الفنية الحقيقية تبقى حاضرة حتى بعد رحيل صانعها.
