سوريا – السابعة الاخبارية
سارة فرح، في قرار مفاجئ أثار تفاعلًا واسعًا في الأوساط الفنية والجماهيرية، أعلنت الفنانة السورية سارة فرح اعتزالها الساحة الفنية بشكل نهائي، واضعة بذلك نقطة الختام على مسيرة فنية بدأت قبل أكثر من عقد، وشهدت العديد من المحطات المؤثرة والصعبة.
وجاء الإعلان المؤلم عبر مقطع فيديو بثّته الفنانة من خلال خاصية “الستوري” على حسابها الرسمي في منصة “إنستغرام”، تحدثت فيه بصوت متهدج ودموع واضحة، كاشفة عن تفاصيل معاناتها النفسية والعاطفية في السنوات الأخيرة، والظروف الشخصية التي دفعتها إلى اتخاذ هذا القرار الصعب.
سارة فرح تعتزل بعد صراع طويل مع الإحباط
سارة فرح، التي عرفها الجمهور العربي لأول مرة عبر مشاركتها في برنامج “ستار أكاديمي” عام 2011، كشفت خلال الفيديو عن سنوات طويلة من الإحباط، قالت إنها عاشتها في صمت، على الرغم من محاولاتها المستمرة في التماسك وتقديم الأفضل فنّياً. وأكدت أنها لم تعد قادرة على الاستمرار في طريق لم يعد يشبهها، ولم يعد يمنحها ما كانت تحلم به كامرأة وفنانة.
في حديثها الصريح والمؤثر، قالت سارة:
“في الخمس أو الست سنوات الماضية، لم أعش ما كنت أطمح له، لا كفنانة، ولا كأنثى تبحث عن دفء الحب والاحتواء. انسرق مني طموحي، وانسرق مني عمري، وانطفأت أحلامي والشرارة داخلي.”
هذه الكلمات جاءت كاعتراف نادر من فنانة لطالما بدت قوية أمام جمهورها، لكنها اليوم اختارت أن تكون صادقة مع نفسها ومع من يحبونها، حتى وإن كانت هذه الصراحة محمّلة بالألم والانكسار.
نقطة التحول: مرض والدتها
لم تكن معاناة سارة وليدة اللحظة، بل كما أكدت في الفيديو، جاءت نتيجة تراكمات وتجارب قاسية مرت بها، إلا أن نقطة التحول الحقيقية، والتي عجّلت باتخاذها قرار الاعتزال، كانت إصابة والدتها بوعكة صحية مفاجئة منذ نحو ثلاثة أشهر، وصفَتها بأنها الزلزال العاطفي الذي هدم عالمها تمامًا.
قالت سارة في هذا السياق:
“أمي هي نور عيني، هي كل شيء جميل في حياتي. لما مرضت، حسّيت الدنيا سكرِت بوجهي. ما عاد فيني أكمّل، لا غناء ولا أضواء ولا أي شيء.”
هذا التصريح كشف حجم التعلّق العاطفي الذي تربطه بوالدتها، ومدى هشاشة الحالة النفسية التي وصلت إليها الفنانة بعد هذه المحنة. لم تكن المسألة مجرد تحديات فنية أو مهنية، بل أزمة وجودية عميقة دفعتها لإعادة النظر في كل ما كانت تحارب من أجله.
وداع بلا ندم
رغم كل الألم الذي عبّرت عنه، أكدت سارة فرح أنها لا تشعر بالندم تجاه قرارها. بل على العكس، عبّرت عن راحة داخلية، كأنما الاعتزال بالنسبة لها كان خطوة نحو التحرر لا الهروب.
قالت:
“أنا ما بندم، لأنّي كنت صادقة بكل خطوة. أنا إنسانة حنونة، يمكن أكتر من اللازم، بس بعرف حالي مني قاسية، ولا ممكن أكون قاسية. اللي بيعرفني بيعرف هالشي.”
وأضافت أنها تشعر بالامتنان تجاه كل من وقف بجانبها، من جمهور وأصدقاء وفنانين، ممن تواصلوا معها وسألوا عنها في خضم هذه المرحلة الصعبة. ولم تنسَ أن توجه رسالة شكر لهم:
“أنا بخير، وشكرًا من قلبي لكل اللي حاول يطمن عليّ أو دعمني بكلمة أو حضن.”
تجربة فنية لم تكتمل
رغم أن قرار الاعتزال جاء صادمًا للبعض، إلا أن سارة فرح كانت واضحة بأنها لم تعد تملك الشغف للاستمرار في الفن، وأن الغناء لم يعد يمنحها الراحة أو السعادة التي لطالما حلمت بها.
هذا الاعتراف يُسلّط الضوء على واحدة من أكثر القضايا حساسية في عالم الفن: كيف يمكن للأضواء أن تُضيء الخارج وتطفئ الداخل في الوقت ذاته؟ كيف يمكن لفنان أن يُصفق له الناس على المسرح بينما يعيش صراعًا داخليًا لا يُرى؟
سارة، التي كانت تمتلك خامة صوتية قوية، وقدّمت أعمالًا غنائية لاقت إعجاب شريحة واسعة من الجمهور، بدت وكأنها تسير عكس التيار في هذا القرار، في وقت يلهث فيه كثيرون خلف الشهرة والأضواء.
لكنها، وبشجاعة نادرة، اختارت أن تنسحب. لا هربًا من الفشل، بل حفاظًا على ما تبقّى من ذاتها، كما فسّر كثيرون.
ردود فعل متباينة
منذ إعلانها قرار الاعتزال، امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بتعليقات الجمهور الذي عبّر عن حزنه من جهة، واحترامه لقرارها من جهة أخرى. بعض المتابعين تمنوا أن يكون القرار مؤقتًا، وأن تعود سارة بعد تجاوز الأزمة، بينما رأى آخرون أن الخطوة تعبّر عن قوة داخلية ونضج، بعيدًا عن المجاملة أو التصنّع.
الوسط الفني أيضًا لم يخلُ من رسائل الدعم، حيث أعرب عدد من الفنانين السوريين والعرب عن تضامنهم مع سارة، مؤكدين أنها قدمت تجربة فنية صادقة، حتى وإن لم تأخذ حقها الكامل من التقدير.
النهاية ليست بالضرورة فشلًا
قد يُنظر إلى الاعتزال في بعض الأحيان على أنه فشل أو انسحاب من مواجهة الواقع، لكن في حالة سارة فرح، بدا الأمر مختلفًا. بدا وكأنها اختارت طريقًا أكثر صدقًا مع نفسها، حتى وإن كان مؤلمًا.
أن تعترف فنانة في ذروة نضجها بأن الفن لم يعد يشبعها، وأن الحياة من حولها تغيّرت ولم تعد كما كانت تحلم، هو موقف نادر، يتطلب شجاعة لا يملكها كثيرون.
وفي النهاية، تبقى سارة فرح فنانة طبعت في ذاكرة الجمهور بصوتها المميز وحضورها القوي، وستظل قصتها تذكيرًا بأن خلف كل صوت جميل، روح قد تكون منهكة، وقلب قد يكون مكسورًا.