إيطاليا – السابعة الإخبارية
مظلي.. في حادثة مأساوية صدمت مجتمع الرياضات الجوية في إيطاليا وخارجها، توفي مظلي إيطالي الشهير ساندرو بيغوتزي، البالغ من العمر 49 عامًا، بعد سقوطه من ارتفاع نحو 1500 متر خلال قفزة استعراضية أخيرة قام بها من مطار “مونتوكومباتري” القريب من العاصمة روما.
وعلى الرغم من فتح كل من المظلة الأساسية ومظلة الطوارئ، إلا أن الحادث انتهى نهاية مأساوية، تاركًا العديد من التساؤلات حول الأسباب التي أدت إلى عدم نجاته، خاصة أنه يُعد من الأسماء اللامعة في عالم القفز الحر الجوي، ويتمتع بخبرة واسعة تجاوزت 6000 قفزة احترافية.

سقوط رغم فتح المظلة
وفقًا للتقارير الأولية الصادرة عن السلطات المعنية، فإن بيغوتزي أتم عملية القفز كما هو معتاد، وقام بفتح مظلته الرئيسية، ثم تبعتها مظلة الطوارئ. لكن يبدو أن الزمن الفاصل بين الفتح والاصطدام بالأرض كان أقصر من المطلوب لتقليل سرعة السقوط إلى مستوى آمن.
وأشارت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية، التي تابعت تفاصيل الحادث، إلى أن المظلات ربما تأخرت في الانتشار الفعلي، مما أدى إلى عدم حصول بيغوتزي على التباطؤ الكافي لإنقاذ حياته، على الرغم من اتباعه للإجراءات المعتادة في مثل هذه القفزات.
مشاركة أخيرة تهز الجمهور
قبل ساعات قليلة فقط من وفاته، شارك مظلي ساندرو بيغوتزي مقطع فيديو مؤثرًا لقفزته الأخيرة عبر حسابه الرسمي على إنستغرام، الذي يتابعه أكثر من 50 ألف شخص من عشاق الرياضات الجوية حول العالم. وقد حظي المقطع بتفاعل كبير، خصوصًا بعد الإعلان عن وفاته، حيث عبّر المتابعون عن حزنهم العميق، مشيدين بروحه المغامرة ومهاراته العالية التي طالما أبهرت الجمهور في عروضه السابقة.
تحقيقات مستمرة.. وفرضيات متعددة
حتى اللحظة، لا تزال التحقيقات الرسمية جارية، ولا يمكن الجزم بسبب الوفاة بشكل نهائي. لكن من بين الفرضيات التي تدرسها فرق التحقيق احتمال أن يكون بيغوتزي قد تعرض لوعكة صحية مفاجئة أثناء القفز، مثل نوبة قلبية أو فقدان وعي، الأمر الذي قد يكون أعاقه عن اتخاذ الإجراءات الصحيحة في الوقت المناسب.
وقال مصدر مقرب من لجنة التحقيق:”لا نستبعد فرضية الإصابة الطارئة في الجو، وهناك حاجة ملحة إلى نتائج التشريح الطبي لمعرفة ما إذا كانت الوفاة ناتجة عن فشل فني في المظلات أم حالة طبية مفاجئة”.

سجل حافل ومسيرة ملهمة
كان مظلي بيغوتزي يُعد من الرواد في مجال القفز بالمظلات في إيطاليا، حيث شارك في بطولات محلية ودولية، ودرّب العشرات من المتدربين، وكان له دور كبير في الترويج لهذه الرياضة في منصات التواصل الاجتماعي.
وقد ألهمت مغامراته الجوية جيلاً كاملاً من المظليين الشباب، وكان دائمًا يُشدد على أهمية الأمان والانضباط في التدريب. لذلك جاءت وفاته بمثابة صدمة كبيرة للوسط الرياضي الإيطالي، حيث نعت عدة جهات رياضية وفرق قفز حر محلية الفقيد، معتبرة إياه “رمزًا للمغامرة والانضباط”.
حادث ثانٍ يهز إيطاليا خلال أسابيع
تأتي وفاة مظلي بيغوتزي بعد أسابيع قليلة من وفاة مظلي آخر شهير، وهو النمساوي فيليكس باومغارتنر، 56 عامًا، المعروف عالميًا بقفزته الأسطورية من طبقة الستراتوسفير عام 2012، والذي توفي في حادث طيران شراعي آلي في منتجع “بورتي سانت إلبييديو” بإيطاليا.
وبحسب ما تم تداوله، فقد فقد باومغارتنر السيطرة على الطائرة الصغيرة التي كان يقودها، واصطدم بمنشأة خشبية بالقرب من حوض سباحة تابع للمنتجع. وعلى الرغم من محاولات الإسعاف السريعة من قبل الموجودين، فقد فارق الحياة في موقع الحادث، مما أثار حالة من الحزن في الأوساط الرياضية الدولية.
مخاوف من تكرار الحوادث
تشير هذه الحوادث المتقاربة زمنيًا إلى ضرورة إعادة تقييم بروتوكولات الأمان في الرياضات الجوية، وخاصة القفز بالمظلات والطيران الشراعي. كما تُطالب عدة جهات مختصة بوضع رقابة أكثر صرامة على المعدات، وتقديم تدريبات طبية طارئة للمشاركين في هذه الرياضات الخطرة.
وعلّق أحد خبراء السلامة الجوية قائلاً:”كل قفزة تحمل نسبة من الخطر، ولكن الأهم هو الحد من المفاجآت. عندما يسقط محترف بحجم ساندرو بيغوتزي، لا بد من دراسة الحدث بعمق، لمعرفة ما يمكن تحسينه في الإجراءات والأدوات”.
وداع السماء
هكذا أسدل الستار على حياة ساندرو بيغوتزي، الرجل الذي عاش ليحلق في السماء، وانتهت رحلته الأخيرة كما عاشها، في الهواء الطلق، وسط السحب والحرية.
وبرحيله، يفقد عالم القفز بالمظلات أحد أكثر أبطاله شجاعة وتفانيًا. ومع استمرار التحقيقات، يأمل الجميع أن تساهم الحادثة في رفع معايير السلامة، حفاظًا على أرواح من لا يزالون يحلقون في الهواء بشغف لا يعرف حدودًا.