سوريا – السابعة الاخبارية
سلاف فواخرجي، احتفلت النجمة السورية سلاف فواخرجي بعيد ميلادها في السابع والعشرين من يوليو الجاري، في أجواء امتزجت فيها مشاعر الفرح بالحزن، واستحضرت خلالها محطات إنسانية مؤثرة من حياتها، أبرزها علاقة الحب العميقة التي جمعتها بوالدتها الراحلة الكاتبة ابتسام أديب، وكذلك حزنها العميق على رحيل الموسيقار اللبناني الكبير زياد الرحباني، الذي وافته المنية قبل يوم واحد فقط من ذكرى ميلادها.
ومن قلب العاصمة الروسية موسكو، وتحديدًا في حديقة ألكسندر الشهيرة، شاركت فواخرجي متابعيها على حسابها الرسمي في “إنستغرام” بمجموعة من الصور، أرفقتها بكلمات مؤثرة كتبتها من قلب مشبع بالشجن، عبّرت فيها عن امتنانها للمحبة التي تحيط بها، واسترجعت دعاء والدتها التي فارقت الحياة قبل سنوات، قائلة: “أمي كانت تدعيلي وتقول: الله يبعثلك حناين متلك… الحمدلله الله رزقني بعيلة حناين وأصدقاء حناين، محبتكم وصدقكم ووفاكم رزق وعيد”.
سلاف فواخرجي تحتفل بعيد ميلادها برسائل حنين.. ووجع الغياب يرافقها في موسكو
ورغم طابع الاحتفال، لم تتمكن سلاف من تجاهل الحزن الذي لفّ يومها بسبب وفاة زياد الرحباني، فكتبت في منشورها: “غير خسارتنا الكبيرة بفقدان حبيب الكل زياد، وجعنا الكبير من بعده، كان صعب الرد عالتهاني… بس وقت الفرح عم نسرقه من عمر الحزن”، في إشارة إلى الصراع الدائم بين الرغبة في الاستمرار والفرح، وبين ألم الفقد ومرارة الغياب.
ويبدو أن سلاف فواخرجي كانت تكنّ احترامًا وحبًا كبيرًا لزياد الرحباني، وهو ما انعكس في عبارات رثائها له، التي جاءت صادقة، غير متكلفة، وتحمل مشاعر إنسانية خالصة تشبه روح زياد نفسه، المعروف بفنه المختلف ومواقفه الصادقة، وهو ما جعلها تعتبر يوم ميلادها هذا العام ناقصًا، على الرغم من محبة الناس ودعمهم.
ذكريات الأم لا تغيب
ارتباط سلاف بوالدتها لم يكن عاديًا. فقد عُرفت الفنانة السورية منذ سنوات طويلة بكونها شديدة القرب من والدتها الكاتبة والمخرجة ابتسام أديب، التي شكّلت ركيزة روحية وفكرية في حياتها، وكانت تعتبرها مصدر الدعم الأول والملاذ الذي تلجأ إليه في كل المحطات الصعبة واللحظات الحاسمة. ومنذ رحيل والدتها عام 2018، لم تمر مناسبة شخصية دون أن تستحضرها، سواء بالصور أو الكلمات أو حتى الرموز.
وفي ذكرى وفاتها كتبت سلاف ذات مرة: “منذ خمس سنوات… أفلتت أمي يدي… يُتمي بعدك لا ينتهي”. وتلك العبارة تلخص الكثير من المعاناة التي عاشتها بعد رحيل والدتها، حيث اعتبرت أن فقدان الأم لا يعوّض، وأنه أحدث شرخًا دائمًا في قلبها. وما زالت تحتفظ برسائلها ودعواتها وتسترجعها كلما أرادت طمأنينة غابت مع الفقد.
الوفاء عبر الفن: “رسائل الكرز” هدية للأم
ولعل أبرز تجسيد لعلاقة سلاف بوالدتها كان عبر أول تجربة إخراجية لها في السينما، من خلال فيلم “رسائل الكرز”، الذي أصرّت فيه على ظهور والدتها بمشهد رمزي مؤثر، اعتبرته بمثابة “هدية أبدية من الأم إلى ابنتها”. ورغم مرور سنوات على إنتاج الفيلم، لا تزال سلاف ترى أن هذه اللحظة السينمائية المختزلة لوالدتها هي الأقرب إلى قلبها، والأكثر صدقًا وتعبيرًا عن الحنين الذي يسكنها.
رسائل حب من الجمهور والزملاء
وفي سياق عيد ميلادها، انهالت على سلاف فواخرجي التهاني من جمهورها وأصدقائها من الوسط الفني، الذين تمنوا لها عامًا جديدًا مفعمًا بالصحة والنجاح، وشاركوا في بث مشاعر الحب والدعم التي احتاجتها وسط ظروفها النفسية الدقيقة. وعبّر كثيرون عن تقديرهم الكبير لها، ليس فقط لفنها المتميز ومسيرتها الراقية، بل أيضًا لشخصيتها العاطفية والوفية التي تتعامل بها مع الناس والمواقف.
عن الفن والحياة والمقاومة الهادئة
تُعد سلاف فواخرجي واحدة من أكثر الفنانات العربيات حضورًا في المشهد السوري والعربي، حيث تميزت منذ انطلاقتها بقدرتها على الدمج بين التمثيل الأكاديمي والصدق الإنساني، وهو ما جعلها تحظى بقاعدة جماهيرية واسعة. كما أنها عُرفت بمواقفها المبدئية، وتناولها لمواضيع اجتماعية ووطنية عبر أعمالها الدرامية، مع الحرص الدائم على الارتقاء بالذائقة الفنية.
وفي السنوات الأخيرة، بدت سلاف أكثر قربًا من جمهورها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال منشورات تحمل الكثير من العمق الإنساني، والمواقف الأخلاقية، ورسائل الدعم، سواء في المناسبات الشخصية أو القضايا العامة. وهذا الحضور المستمر جعلها تتحول إلى أيقونة ليس فقط في التمثيل، بل أيضًا كصوت نسائي مثقف ومسؤول في عالم الفن العربي.
عيد ميلاد بطعم الوفاء والدموع
هكذا كان عيد ميلاد سلاف فواخرجي هذا العام، مناسبة مزدوجة: نصفها احتفال بالحب والدعوات والرسائل التي غمرها بها المحبون، ونصفها الآخر وجع خافت على غياب زياد الرحباني وحنين لا ينطفئ لوالدتها الراحلة.
وبين موسكو والذاكرة، بين كلمات والدتها ودعوات متابعيها، كتبت سلاف فواخرجي سطورًا جديدة من مسيرتها، تثبت فيها أن الفنان الحقيقي لا يحتفل بنفسه فقط، بل يحوّل كل مناسبة شخصية إلى مساحة للتأمل والوفاء، ويعيد من خلالها تعريف العلاقة بين الفن والناس، وبين الحياة والفقد، وبين الميلاد والحب.