سوريا- السابعة الاخبارية
سلاف فواخرجي، في لحظةٍ فريدةٍ من لحظات الفخر الإنساني، وعند عتبة التاريخ الممتدة من قلب الأهرامات إلى روح الحاضر، اختارت النجمة السورية سلاف فواخرجي أن تعبّر عن حبها وإجلالها لمصر، البلد الذي تعتبره “مهد الحضارات وموئل الخلود”.
ففي مساء أمس السبت، ومع انطلاق حفل افتتاح المتحف المصري الكبير في القاهرة، نشرت سلاف رسالة مطوّلة عبر حساباتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، حملت عنوانًا يليق بعظمة اللحظة:
سلاف فواخرجي ورسالة “قف للتاريخ… أنت في حضرة مصر”.
رسالة لم تكن مجرد تهنئة، بل كانت قصيدةً نُسجت من الدهشة والانتماء، ومن وعي فنانةٍ ترى في الفن والتاريخ وجهين لعملة واحدة: الخلود.

كلمات تنبض بالعشق والإجلال
استهلت سلاف فواخرجي رسالتها بعبارات حملت روح الشاعر ونَفَس الفيلسوف، فكتبت:
“قف للتاريخ، أنت في حضرة مصر، حيث الحضارة تعانق الأبد، والأرض تتنفس الخلود”.
عبارة واحدة كانت كفيلة بأن تُشعل مواقع التواصل الاجتماعي، لما حملته من هيبة وصدق وإحساس عميق بمكانة مصر التي رأت فيها فواخرجي “الأرض التي صاغت هوية إنسانها، ذلك الإنسان الذي يحفر في الصخر إيمانًا بالعمل وبالخلود”.
تلك الكلمات لم تكن مجرد وصفٍ لحضارةٍ قديمة، بل تأمل فلسفي في معنى البقاء الإنساني، وفي كيف يمكن للتاريخ أن يكون مرآةً للروح ومرجعًا للهوية.
سلاف فواخرجي… صوت الفن العربي في حضرة الأهرامات
تجلّى في رسالة سلاف ما هو أبعد من الإعجاب بحدثٍ ثقافي، بل انطلقت من شعورٍ عميق بالانتماء العربي، الذي يتجاوز الحدود الجغرافية ليعانق الجذور الحضارية المشتركة.
فهي، كما قالت، لا تنظر إلى مصر كمكانٍ آخر، بل كمصدر إلهامٍ “يشكّل ذاكرة الأمة وجذرها الذي لا يشيخ”.
كتبت تقول:
“مصر ليست وطنًا فحسب، بل زمانٌ ممتد، وحكايةٌ كبرى كتبها الإنسان ليخلّد نفسه في وجه الفناء.”
وفي تلك الجملة، استطاعت أن تختصر فلسفتها الفنية التي طالما انعكست في أعمالها: أن الفن شكل من أشكال مقاومة الزمن، وأن التاريخ هو امتدادٌ للروح لا يقف عند حدود الماضي.
شغف الآثار… من الهواية إلى الفلسفة
ما لا يعرفه كثيرون أن سلاف فواخرجي تحمل في داخلها شغفًا عميقًا بعلم الآثار والتاريخ القديم، وهو ما تجلى بوضوح في منشورها الأخير.
فقد كتبت:
“عشقتُ معنى التنقيب، وامتهنتُ السفر في رحم الحجارة، فكل أثر هو خفقة قلبٍ تمرر نبضها لأجيال بعده.”
جملة تفيض بالصور الشعرية، لكنها في جوهرها تعبير عن إيمانها بأن كل حجر يحمل ذاكرةً إنسانية، وأن التنقيب ليس عن المقتنيات فقط، بل عن المعاني التي تركها الإنسان في مسيرته عبر العصور.
هي ترى أن كل أثر، وكل نقشة، وكل تمثال، هو “نبض حضارةٍ ما زالت تتكلم بلغةٍ خالدة”، ولهذا شعرت وهي تتابع افتتاح المتحف المصري الكبير وكأنها تشهد ميلاد زمنٍ جديد يعيد وصل الماضي بالحاضر.
كليوباترا في روحها… والمتحف في وجدانها
لم يكن غريبًا أن تربط سلاف فواخرجي بين حبها لمصر وتجربتها الفنية حين جسّدت شخصية الملكة كليوباترا في أحد أهم أعمالها الدرامية.
ففي منشورها كتبت:
“بصفتي ممثلة، كم أنا محظوظة لأنني جسّدت ذات يوم كليوباترا، واحدة من أعظم ملكات مصر، وأكثرهن عشقًا في التاريخ.”
في تلك العبارة يتجسد البعد الرمزي العميق لعلاقتها بمصر — فهي لم تؤدِّ دورًا فنيًا عابرًا، بل خاضت تجربة التحامٍ روحي مع الشخصية التاريخية التي ما زالت تمثل رمز القوة والأنوثة والدهاء والجمال في الذاكرة الإنسانية.
كليوباترا بالنسبة لسلاف ليست مجرد ملكة، بل تجسيد للمرأة التي تصنع التاريخ، كما تصنع الفن.
ومن هذا المنطلق، بدا منشورها الأخير امتدادًا طبيعيًا لذلك الإعجاب المتجذر في وجدانها.
تحية إلى مصر… الأرض التي تتوسط القلب
اختتمت النجمة السورية رسالتها بتحية مفعمة بالحب والامتنان، قالت فيها:
“اليوم، والمتحف المصري الكبير يفتح أبوابه، يجدد بلده عهده مع الحضارة، وأول الرواية وأبدها… ويقول: ها أنا، ها هنا.”
ثم ختمت بدعاء مؤثر:
“ليضمن لنا أن ندخلها آمنين… آمين.”
عبارة بسيطة لكنها تختزل كل المعاني التي أرادت فواخرجي إيصالها: أن مصر ليست مجرد بلدٍ يُزار، بل حضنٌ تُلتمس فيه الطمأنينة والدهشة، وأن المتحف المصري الكبير ليس مجرد صرحٍ أثري، بل رمزٌ لاستمرارية الحضارة الإنسانية في مواجهة العدم والنسيان.
تفاعل واسع مع رسالة سلاف فواخرجي
ما إن نشرت سلاف رسالتها حتى انهالت التعليقات من جمهورها ومتابعيها في الوطن العربي، وخصوصًا من المصريين الذين عبّروا عن امتنانهم العميق لكلماتها التي وصفوها بـ”الوفية والراقية”.
وقد أشاد كثيرون بـ”بلاغتها الشعرية” و”صدق إحساسها” تجاه مصر، معتبرين أن كلماتها ليست مجاملة، بل انعكاس لثقافة الفنانة وإنسانيتها.
وكتب أحد المتابعين:
“سلاف فواخرجي كتبت ما يعجز عنه كثير من الشعراء، جمعت التاريخ بالعاطفة، والفن بالهوية.”
فيما كتب آخر:
“ليست غريبة على فنانة تحمل روح كليوباترا أن تقول مثل هذا الكلام عن مصر.”
حفل افتتاح المتحف المصري الكبير… عرض عالمي في حضرة التاريخ
تزامنت رسالة سلاف مع لحظةٍ تاريخية كانت فيها أنظار العالم تتجه إلى القاهرة، حيث شهدت مراسم افتتاح المتحف المصري الكبير حفلًا مبهرًا أقرب إلى عرضٍ مسرحي ضخم جمع بين الضوء والموسيقى والخيال.
تحوّل الموقع القابع عند سفح الأهرامات إلى مسرح مفتوح للزمن، امتزج فيه القديم بالحديث، حيث أضاءت تقنيات الدرون والإسقاط الضوئي والليزر جدران المتحف بصورٍ تمثل مشاهد من الحضارة المصرية القديمة.
كانت العروض الفنية والموسيقية تستدعي رموز الخلود، والنيل، والحياة، في لوحةٍ بصريةٍ لا تُنسى.
وشاركت أوركسترا مصرية ضخمة في تقديم مقطوعات مستوحاة من الموروث الفرعوني، بتوزيعٍ موسيقي عصري حمل توقيع مؤلفين شباب، في تجسيدٍ حيّ لروح التجديد التي تجمع بين عبق التاريخ وابتكار المستقبل.
المتحف المصري الكبير… بوابة مصر إلى العالم
لا شك أن افتتاح المتحف المصري الكبير يُعد من أهم الأحداث الثقافية في القرن الحادي والعشرين، ليس فقط لمصر، بل للإنسانية كلها.
فهو أكبر متحف أثري في العالم، يضم ما يزيد عن مئة ألف قطعة أثرية تمثل مختلف عصور الحضارة المصرية، من الدولة القديمة إلى العصر اليوناني الروماني.
ويُنظر إليه اليوم كأيقونةٍ معماريةٍ وثقافيةٍ جديدة، تجسد رؤية مصر الحديثة في الحفاظ على إرثها التاريخي مع تقديمه للعالم بلغةٍ معاصرة.
ولعل كلمات سلاف فواخرجي جاءت تعبيرًا فنيًا عن هذا الوعي الجمعي العربي، الذي يرى في مصر أكثر من بلدٍ، بل مركزًا للذاكرة والهوية والضوء.
سلاف فواخرجي… فنانة تجمع بين الفكر والعاطفة
منذ بداياتها، عُرفت سلاف فواخرجي بأنها واحدة من أكثر الفنانات العربيات ثقافةً وعمقًا، فقد درست الفنون الجميلة، وتربّت على حب المسرح والسينما والتاريخ.
وفي كثير من لقاءاتها، تحدثت عن إيمانها بأن الفنان لا يكون صادقًا ما لم يحمل في داخله مشروعًا فكريًا وإنسانيًا.
كلماتها عن مصر ليست استثناءً، بل استمرارٌ لنهجها الفني الذي يمزج بين الفن والفكر، وبين الجمال والمعنى.
ربما لهذا السبب بدت رسالتها الأخيرة كأنها لوحة أدبية، كتبتها بضمير الفنانة والمثقفة، وبقلب الإنسان الذي يرى في الحضارة امتدادًا للروح البشرية عبر العصور.

في حضرة مصر… تبقى الكلمة خالدة
رحبت مصر بكلمات سلاف فواخرجي كما ترحب الأهرامات بزوارها: بصمتٍ مهيبٍ ونبضٍ ممتدٍّ عبر الزمن.
فكلماتها كانت أكثر من تحية، كانت جسرًا من المحبة بين الشام ومصر، بين فنانةٍ وإنسانةٍ وتاريخٍ لا يموت.
وفي زمنٍ تزدحم فيه الأخبار السطحية، جاءت رسالتها لتذكّر الجميع أن الكلمة ما زالت قادرة على أن تُحدث دهشة، وأن الفن حين يلتقي بالتاريخ يصبح صلاةً للحياة.
