القاهرة – السابعة الاخبارية
سليم سحاب، في مفاجأة أحزنت جمهوره ومحبيه، أعلن المايسترو المصري الكبير سليم سحاب عن تأجيل جولته الفنية التي كانت مقررة لاكتشاف المواهب الغنائية في محافظات إقليم قناة السويس، وشمال وجنوب سيناء، وذلك بعد تعرضه لوعكة صحية مفاجئة نتيجة الإرهاق والضغوط المتواصلة خلال الفترة الماضية.
الخبر جاء من خلال منشور رسمي عبر صفحته على فيسبوك، أكد فيه أنه نُقل إلى أحد المستشفيات لتلقي الرعاية الطبية اللازمة، وأجرى فحوصات شاملة للاطمئنان على حالته الصحية.
سليم سحاب: البناء الفني يحتاج لصحة وهدوء
كان سليم سحاب يستعد لإطلاق المرحلة الجديدة من مشروعه القومي لاكتشاف المواهب الموسيقية، ضمن مبادرة تهدف إلى تكوين كورال وأوركسترا وطني يمثل صوت مصر الحقيقي من كافة المحافظات.
بعد نجاح المرحلتين السابقتين في القاهرة الكبرى والدلتا، كان من المنتظر أن يتوجه المايسترو إلى مناطق القناة وسيناء، لعقد اختبارات أداء واختيار أفضل الأصوات والعازفين من هناك.
الجولة كانت ستشمل محافظات السويس، بورسعيد، الإسماعيلية، وشمال وجنوب سيناء، وهي مناطق تزخر بالمواهب التي قلّما تصل إلى دائرة الضوء.
وعكة صحية توقف المايسترو
لكن، وبشكل مفاجئ، تعرّض المايسترو لحالة إرهاق شديدة، أدّت إلى شعوره بآلام وإعياء دفعه لطلب الرعاية الطبية فورًا. تم نقله إلى المستشفى، حيث خضع لفحوصات كاملة، وأوصى الأطباء بمنحه راحة تامة لفترة مؤقتة.
الوضع الصحي، وإن لم يكن خطيرًا، إلا أنه كافٍ لتأجيل الجولة التي كانت تحتاج منه مجهودًا بدنيًا وذهنيًا كبيرًا، خاصةً أن سحاب يشارك شخصيًا في كل مراحل التقييم، ويشرف بنفسه على تجارب الأداء واختبارات الصوت والعزف.
تأجيل وليس إلغاء.. والعودة قريبة
أكد المايسترو في بيانه أن القرار هو تأجيل مؤقت فقط، وليس إلغاءً للجولة. وأشار إلى أنه فور تعافيه واستقرار حالته الصحية، سيتم الإعلان عن الموعد الجديد لاستكمال المشروع.
كما طمأن جمهوره ومحبيه بأن حالته الصحية مستقرة حاليًا، وأنه يستجيب للعلاج ويتماثل للشفاء، لكنه بحاجة لفترة راحة قصيرة كي يعود بكامل طاقته لمواصلة العمل.
مشروع قومي يعيد الحياة للفن الحقيقي
الجولة التي تم تأجيلها ليست مجرد نشاط فني عابر، بل هي جزء من مشروع قومي كبير يتبنّاه سليم سحاب لاكتشاف وتدريب وإعداد جيل جديد من الموسيقيين والمطربين.
هذا المشروع لا يقتصر على المدن الكبرى، بل يمتد إلى كل الأقاليم والمحافظات، في محاولة لإعطاء الفرصة لكل موهبة حقيقية كي تظهر وتُقدَّر.
وقد سبق أن نُفذّت مراحل مشابهة في القاهرة الكبرى والإسكندرية، وتم خلالها اختيار عشرات المواهب الواعدة، سواء في الغناء الفردي أو الجماعي أو العزف على الآلات الموسيقية.
أهداف سامية.. وفكر غير تقليدي
المايسترو سليم سحاب معروف بفكره غير التقليدي، فهو لا يبحث فقط عن الأصوات الجميلة، بل يركّز على بناء فرق فنية متكاملة قادرة على تقديم فن راقٍ يليق بتاريخ مصر الموسيقي.
مشروعه يسعى إلى:
- إنشاء كورال وطني يمثل مصر في المحافل الكبرى.
- تكوين أوركسترا من الشباب الصاعد الموهوب.
- تدريب وتأهيل المواهب على يد خبراء محترفين.
- دمج ذوي الهمم والمواهب الخاصة في المنظومة الفنية.
- إحياء الفن الراقي في مواجهة موجات التفاهة والسطحية.
استجابة واسعة ودعم شعبي
منذ الإعلان عن الوعكة الصحية وتأجيل الجولة، انهالت رسائل الدعم والدعاء من المتابعين على صفحات التواصل الاجتماعي، حيث عبّر الآلاف عن محبتهم وتقديرهم للمجهود الكبير الذي يقدّمه سحاب.
البعض وصفه بأنه “ضمير الفن المصري”، وآخرون اعتبروه “صوتًا للفن المحترم”، وأكّد كثيرون أن ما يقوم به سحاب اليوم سيظل راسخًا في ذاكرة الأجيال القادمة.
هذه المحبة لم تأتِ من فراغ، بل نتيجة عقود طويلة من العطاء الفني والتربوي، حيث عمل سحاب على تأسيس أجيال من المواهب منذ سنوات، سواء في مصر أو في الخارج.
أهمية الجولة المؤجلة
الجولة المؤجلة كانت تمثّل مرحلة محورية في المشروع، إذ تستهدف مناطق مهمّشة فنيًا منذ سنوات. مدن القناة وسيناء نادرًا ما تشهد فعاليات فنية بهذا الحجم والجدية، رغم أنها مليئة بالمواهب والطاقات.
الذهاب إليهم بدل انتظارهم، هو ما يجعل هذه الجولة مختلفة، إذ تعكس إيمان المايسترو بأن الفن يجب أن يصل إلى الناس، لا أن ينتظرهم في العواصم.
وقد كان من المتوقع أن يشارك في الجولة مئات الشباب، وسط طموحات كبيرة من العائلات والمجتمعات المحلية التي ترى في الفن فرصة لتغيير مستقبل أبنائها.
تحديات المشروع والضغوط المتواصلة
لا يمكن إغفال حجم الضغط الذي يقع على عاتق سليم سحاب في هذا المشروع. فهو لا يكتفي بالتخطيط والإشراف، بل يتواجد ميدانيًا في كل محافظة، ويقوم بنفسه بمتابعة الأداء والتحكيم والتدريب.
كل ذلك إلى جانب التحديات الإدارية واللوجستية، من تنقلات وتنظيم فرق عمل، وتنسيق مع المؤسسات الثقافية، إلى جانب الظهور الإعلامي المستمر والتعامل مع جمهور واسع.
هذا المجهود الجبار قد يرهق أي شخص، فما بالك بشخص تجاوز السبعين عامًا وما يزال يعمل بكل هذا الشغف والتفاني.
هل سيتوقف المشروع؟
الإجابة القاطعة هي: لا.
المشروع مستمر، بحسب ما أكده سليم سحاب، والجولة ستُستكمل فور شفائه، بنفس الحماس والإصرار.
الحلم لم ينكسر، بل توقّف فقط لالتقاط الأنفاس، وليعود أقوى مما كان. وربما تكون هذه الاستراحة فرصة لإعادة ترتيب بعض الجوانب الفنية، وللتحضير بشكل أفضل للمرحلة المقبلة.
رسالة المايسترو الأخيرة: الصحة أولًا.. ثم الفن
في ختام بيانه، وجّه سليم سحاب رسالة قصيرة لكنها بليغة: “أشكر كل من سأل واهتم، أحتاج فقط إلى بعض الراحة، وسنعود معًا لنُكمل الطريق.. فالصحة أولًا، ثم يأتي الفن بكل شغفه”.
كلمات تعبّر عن عمق إنساني كبير، وتُظهر تواضع فنان كبير يؤمن بأن النجاح الحقيقي لا يأتي بالقوة، بل بالتوازن بين الجهد والراحة، بين العطاء والتعافي.
كلمة أخيرة
ما يحدث مع سليم سحاب ليس مجرد تأجيل لجولة فنية، بل هو تذكير قوي بأن القلوب الكبيرة أيضًا تحتاج للراحة. وأن من يزرع الفن في كل زاوية من بلده، يستحق أن نحمله في دعائنا حتى يتعافى ويعود.
الجمهور ينتظر، والمواهب تتحمس، والمشروع لا يزال في منتصف الطريق.. وسليم سحاب، رغم كل شيء، ما زال الرقم الصعب في معادلة الفن المحترم.