السعودية – السابعة الاخبارية
سوار، تستعد دور العرض السينمائية في المملكة العربية السعودية، اعتبارًا من 31 يوليو الحالي، لاستقبال الفيلم السعودي المنتظر “سوار“، الذي أثار منذ عرضه الأول في مهرجان أفلام السعودية، اهتمامًا واسعًا من قبل النقاد والجمهور، نظرًا لقصته الإنسانية المؤثرة، وأسلوبه البصري المتقن، وأداء أبطاله الذي وُصف بأنه صادق وملامس للواقع.
الفيلم من إنتاج شركة “حكواتي إنترتينمنت” بالتعاون مع “فيلم العلا”، ومن إخراج المخرج الشاب أسامة الخريجي، في أولى تجاربه الطويلة، ويُعد واحدًا من أكثر الأعمال المرتقبة لهذا العام على الصعيد المحلي والخليجي.
View this post on Instagram
سوار قصة واقعية تكشف مأساة صامتة
يعتمد “سوار” على قصة واقعية حدثت بالفعل، وهي قصة مؤلمة وذات أبعاد إنسانية واجتماعية عميقة. تبدأ الحكاية في أحد المستشفيات، حيث يتم تبديل طفلين حديثي الولادة – سعودي وتركي – عن طريق الخطأ، ليذهب كل واحد منهما إلى عائلة ليست عائلته البيولوجية.
سنوات تمر، يكبر الطفلان، دون أن يدرك أي منهما أنه يعيش في غير بيئته الأصلية. لكن القدر يقرّر أن يكشف الستار عن الحقيقة عبر فحص للحمض النووي (DNA)، يُعيد فتح كل الأسئلة المغلقة، ويُشعل أزمة عائلية، نفسية، وهوياتية، لا تترك أحدًا دون جرح.
3 فصول درامية في مواجهة الأسئلة المعقدة
ينقسم الفيلم إلى ثلاثة فصول، يُركّز كل منها على زاوية إنسانية مختلفة من الأزمة. الفصل الأول يرصد لحظة الاكتشاف وما يترتب عليها من صدمة وارتباك لدى العائلتين. الفصل الثاني يُسلّط الضوء على الصراع الداخلي الذي يعيشه كل من الطفلين بعد معرفتهما بالحقيقة، في صراع بين الانتماء البيولوجي والانتماء العاطفي والوجداني.
أما الفصل الثالث، فيُقدّم ذروة درامية تتناول محاولة كل طرف استعادة توازنه، وإعادة تعريف نفسه في ضوء الحقيقة الجديدة.
يبرز في هذه الفصول شخصية “حمد”، والد الطفل السعودي، التي يُجسّدها الممثل فهيد بن دمنان، والتي تمرّ بتحولات نفسية شديدة التعقيد بين الإنكار، والغضب، ثم القبول الموجع. في المقابل، تبرز أيضًا شخصية الطفل التركي يانر، الذي يجد نفسه في مواجهة هوية لم يخترها، وعائلة لا يعرفها، لكنه مجبر على تقبّلها.
اسم الفيلم: رمز صغير يحمل مأساة كبرى
عن اختيار اسم الفيلم، يقول المخرج أسامة الخريجي إن كلمة “سوار” مستوحاة من السوار الطبي الذي يُوضع على معصم الطفل فور ولادته، ليحدد هويته، ويمثل ضمانًا لعدم وقوع أي خطأ في تسليمه لعائلته.
لكن الفيلم يُشير إلى كيف يمكن لهذا الرمز الصغير أن يكون نقطة ضعف قاتلة حين يتعرّض للإهمال أو الخطأ البشري، ما يفتح الباب أمام مأساة تتجاوز مجرد حدث فردي، لتطال مفهوم الهوية والانتماء والجذر العائلي.
وأضاف الخريجي: “الفيلم لا يقدّم مجرد دراما اجتماعية، بل يطرح سؤالًا فلسفيًا جوهريًا: هل هويتنا نولد بها؟ أم تُشكّلها البيئة التي نعيش فيها؟ وهل الدم وحده يكفي لصناعة عائلة؟ أم أن المشاعر والسنوات المشتركة هي الأهم؟”
أداء تمثيلي صادق وإخراج بصري لافت
يتميّز “سوار” بمستوى تمثيلي ملفت، إذ جمع بين ممثلين سعوديين وأتراك، أبرزهم:
- يوسف ديميروك
- سارة البهكلي
- علي آل شكوان
- توجس يولكو
- سيكان جينتش
- فهيد بن دمنان
وقد أشاد نقاد السينما بأداء هؤلاء الفنانين، وخصوصًا الطفلين اللذين قدّما المشاعر المعقدة ببساطة وتلقائية، عزّزت من صدق الحكاية، وجعلت المشاهد ينسى أنه أمام عمل روائي.
أما على صعيد الصورة، فقد استثمر المخرج مواقع التصوير في منطقة العلا بطريقة ذكية، إذ لم تكن المناظر الطبيعية مجرد خلفية، بل كانت عنصرًا بصريًا موازيًا للألم الداخلي، فجاءت اللقطات الرحبة لتُعبّر عن ضياع الهوية، وتعكس جمال المكان مقابل اضطراب الإنسان.
ردود فعل النقاد وتوقعات بنجاح جماهيري
منذ عرضه الأول في مهرجان أفلام السعودية بدورته الـ11 في أبريل/نيسان 2025، لاقى الفيلم تفاعلًا واسعًا من النقاد، الذين اعتبروا أنه يقدم أعلى معايير الدراما الواقعية في السينما السعودية الحديثة، ويُعد خطوة متقدمة في مسار الإنتاج المحلي.
وصفه البعض بأنه “دراما صامتة تتكلم كثيرًا”، فيما رأى آخرون أن الفيلم ينجح في إشراك المشاهد عاطفيًا، حتى وإن لم يكن طرفًا في القصة، لأنه يلامس أسئلة الهوية والانتماء التي يعاني منها الكثيرون في العالم المعاصر.
الجمهور أيضًا تفاعل بشدة مع مقاطع دعائية نُشرت مؤخرًا، وحظيت بمئات الآلاف من المشاهدات، وسط توقعات بأن يحقق الفيلم نجاحًا نقديًا وتجاريًا عند بدء عرضه في نهاية يوليو، مع إمكانية مشاركته في مهرجانات دولية لاحقًا.
في الختام: “سوار”.. قصة سعودية، بل إنسانية بامتياز
“سوار” ليس فقط فيلمًا سعوديًا مبنيًا على قصة محلية، بل هو عمل إنساني عالمي، يُحاكي مشاعر فقدان الهوية، وصعوبة الاختيار بين ما نشعر به وما يُفترض بنا أن نكونه.
في زمن تزداد فيه الأسئلة عن الانتماء، والروابط الأسرية، والمعنى الحقيقي للعائلة، يأتي هذا الفيلم ليذكّرنا بأن الحب وحده لا يكفي، لكن غيابه يُسبب أكبر المآسي.
إذا كان السوار هو بداية القصة… فربما يكون التسامح والقبول هو النهاية.