لبنان – السابعة الاخبارية
سيرين عبد النور، في زمن تتغيّر فيه أولويات الإعلام العالمي بشكل لافت، جاءت صرخة الفنانة اللبنانية سيرين عبد النور لتعيد تسليط الضوء على مأساة إنسانية كبرى تتفاقم في غزة، حيث يعاني ملايين السكان من الجوع والمرض والموت البطيء، في ظل حصار خانق وصمت دولي مريب.
فقد عبّرت سيرين عن غضبها واستيائها من انشغال الرأي العام العالمي بما سمّته “فضيحة القبلة”، في إشارة إلى مشهد انتشر مؤخرًا على مواقع التواصل الاجتماعي، يُظهر المدير التنفيذي لشركة “أسترونومر” آندي بايرون وهو يحتضن زميلته في الشركة كريستين كابوت خلال حفل موسيقي لفرقة “كولدبلاي”، والذي أثار موجة جدل واسعة امتدت إلى الصحف والمنصات العالمية.
سيرين تُشعل النقاش بعد تريند القُبلة
في خطوة لافتة، أعادت سيرين نشر صورة من الفيديو المتداول عبر حسابها الرسمي على منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، أرفقتها بتعليق ينتقد التغطية الإعلامية المفرطة لهذا الحدث الترفيهي، بينما يتجاهل العالم معاناة شعب بأكمله.
كتبت: “تخيّلوا إنو الكرة الأرضية مشغولة بهيدول الشخصين، وفي مليونين عم يموتوا جوع بغزة، ما حدا سائل عنهن!”، مرفقة التغريدة بوسم #غزة_تموت_جوعاً.
وأضافت في منشور لاحق: “لأن العالم بيموت بأخبار الخيانة الزوجية… لو بيموتوا بخيانة الأوطان والخيانة تجاه الإنسانية وخيانة الضمير. لو بيوقفوا يخوّنوا بعض كل ما حداً علا الصوت.”
هذه الكلمات الصريحة والمباشرة أثارت تفاعلًا واسعًا بين المتابعين، إذ اعتبرها كثيرون صوتًا حقيقيًا في وجه صمت دولي يتزايد تجاه مأساة غزة، فيما اعتبر البعض أن مثل هذه المواقف من الفنانين تسهم في إبقاء القضية الفلسطينية حاضرة في الوجدان العربي، وسط طوفان من القضايا الترفيهية التي تملأ الفضاء الرقمي.
لان العالم بموتو باخبار الخيانة الزوجية
لو بموتو بخيانة الاوطان والخيانة تجاه الانسانية وخيانة الضمير
لو بوقفوا يخَوْنو بعض كل ما حداً علا الصوت !!! https://t.co/KgBPgQ8h3j— Cyrine Abdelnour (@CyrineAbdlNour) July 21, 2025
خلفية المشهد المثير للجدل
اللقطة التي أثارت عاصفة إعلامية تعود إلى حفل موسيقي أُقيم على ملعب “جيليت” في ولاية ماساتشوستس الأميركية، ضمن جولة فرقة “كولدبلاي” العالمية.
خلال فقرة “Kiss Cam” الشهيرة، التي تلتقط لحظات حميمة بين الحضور، ظهر آندي بايرون وكريستين كابوت على الشاشة العملاقة وسط الجماهير، في مشهد حرج لم يخلو من الإحراج والتوتر، سرعان ما تبين أنه جمع بين موظفين في نفس الشركة، يشتبه أنهما على علاقة لم تُعلن بعد.
الفيديو تجاوز عشرات الملايين من المشاهدات على تطبيق “تيك توك” ومنصات التواصل الاجتماعي الأخرى، وتحوّل إلى مادة دسمة في الصحف والمواقع الأميركية، وسط تكهنات حول تأثير هذه اللقطة على حياتهما المهنية والشخصية.
وقد علّق كريس مارتن، مغني الفرقة، ساخرًا خلال الحفل: “إما أنهما على علاقة سرية، أو أنهما خجولان جداً!”، ما زاد من حالة الجدل المشتعلة حول الفيديو.
تفاعل الجمهور مع موقف سيرين
ما إن نشرت سيرين عبد النور تغريدتها، حتى اشتعلت منصات التواصل، إذ أعاد عدد كبير من النشطاء مشاركتها، مع تعليقات تدعم موقفها وتشيد بجرأتها.
كتب أحد المتابعين: “أصوات مثل سيرين تُذكّرنا أن هناك من ما زال يحمل همّ فلسطين وسط هذا الضجيج الفارغ.”
بينما قالت متابعة أخرى: “كل الاحترام، قليل جدًا من المشاهير يلي بعدهم عم يحكوا بصوت عالي عن غزة.”
واعتبر البعض أن موقف سيرين لا يُعبر فقط عن موقف إنساني بل عن إحباط حقيقي من الانحراف الإعلامي عن القضايا الجوهرية، إذ تحوّلت أخبار العلاقات الشخصية إلى مادة رئيسية تتصدر واجهات المواقع العالمية، بينما تغيب أخبار الحصار والمجاعة والقصف عن العناوين.
صرخة في وجه التجاهل
سيرين عبد النور ليست جديدة على القضايا الإنسانية، فقد سبق أن شاركت في حملات دعم للنساء والأطفال، وعبّرت مرارًا عن تضامنها مع قضايا إنسانية في لبنان والمنطقة.
إلا أن صراحتها هذه المرة، في الربط بين سطحية الاهتمام العالمي بـ”فضيحة قبلـة” وبين مأساة غزة، جاءت لتسلّط الضوء على مفارقة مؤلمة: ملايين من البشر يعانون من الجوع، وأطفال يموتون بلا دواء، بينما العالم منشغل بعناق التقطته كاميرا في حفل موسيقي.
هذه المفارقة، على بساطتها الظاهرية، تعبّر عن عمق الأزمة الأخلاقية في التغطية الإعلامية لبعض المؤسسات الكبرى، التي تركز على الإثارة والعناوين الرنانة، وتتجاهل المعاناة الإنسانية عندما لا تكون مربحة تجاريًا أو سياسية.
أزمة غزة المستمرة
منذ شهور، يعيش قطاع غزة تحت حصار شديد خلّف كارثة إنسانية. تقارير صادرة عن منظمات إغاثية وإنسانية أكدت أن أكثر من نصف سكان القطاع باتوا تحت خط الفقر المدقع، مع نقص حاد في الغذاء والماء والدواء، في ظل انقطاع مستمر للكهرباء وشح في المساعدات الإنسانية.
الأطفال يعانون من سوء تغذية، والمرضى يموتون نتيجة عدم توفر العلاج، والبيوت تُدمّر يومًا بعد يوم. ومع ذلك، فإن الاهتمام الدولي لا يزال محدودًا، ووسائل الإعلام الكبرى غالبًا ما تمرّ على التقارير عن غزة مرور الكرام، أو تكتفي بتقارير موجزة، ما يجعل من صوت الفنانين والمثقفين ضرورة لمواجهة هذا التجاهل المستمر.
كلمة أخيرة
في وقت تغيب فيه بعض الأصوات الفنية عن القضايا الجوهرية، خرجت سيرين عبد النور لتُذكّر بأن الفنان الحقيقي ليس فقط من يملأ الشاشات والمهرجانات، بل من يمتلك موقفًا، ويستخدم صوته في مواجهة الظلم.
تغريدة سيرين، وإن كانت بسيطة في كلماتها، إلا أنها كانت صرخة قوية في وجه عالم يتجاهل آلام الأبرياء ويحتفي بالسطحية. وهي دعوة واضحة لإعادة ترتيب أولوياتنا، إعلاميًا وإنسانيًا، لأن “غزة تموت جوعًا”… بينما نُشغل بقُبلة!