مصر – السابعة الإخبارية
مها الصغير.. تفاعلت أصداء قضية “سرقة اللوحات الفنية” المنسوبة للإعلامية المصرية مها الصغير على نطاق واسع داخل وخارج مصر، بعد أن كشفت الفنانة التشكيلية الدنماركية ليزا لينيلسون عن أن إحدى لوحاتها الفنية نُسبت زيفًا إلى مها الصغير خلال ظهورها الأخير على شاشة قناة ON المصرية.
مها الصغير بداية الأزمة: ظهور إعلامي يشعل الجدل
اندلعت القضية إثر استضافة برنامج “معكم منى الشاذلي” للإعلامية ومصممة الديكور مها الصغير، طليقة الفنان أحمد السقا، حيث ظهرت كمبدعة تشكيلية وقدّمت عدة أعمال فنية على الهواء مباشرة، ادعت أنها من رسمها، من بينها لوحة بعنوان “صنعتُ لنفسي أجنحة”.
لكن سرعان ما كشفت الفنانة ليزا لينيلسون، عبر حسابها الرسمي على إنستغرام، أن هذه اللوحة من إبداعها الخاص وأنها رسمتها عام 2019، مؤكدة أن العمل نُسب إليها علنًا دون إذن أو إشارة لاسمها.
“شعرتُ وكأن شيئًا ثمينًا قد انتُزع مني”، صرّحت لينيلسون لاحقًا في مقابلة مع قناة العربية، مشيرة إلى أن رؤية لوحاتها تُعرض في برنامج جماهيري مصري دون نسبتها لها كانت بمثابة “انتهاك شخصي وصدمة مؤلمة”.

صدمة… فتعاطف
على الرغم من استيائها العميق، أبدت لينيلسون تعاطفها الإنساني مع مها الصغير بعد أن أصدرت الأخيرة اعتذارًا رسميًا عبر حسابها على “فيسبوك”، قالت فيه: “أنا غلطت… وأعتذر للفنانة ليزا ولكل الفنانين الذين تأذوا مما حدث. كنت أمرّ بظروف نفسية صعبة، لكن هذا لا يبرر ما فعلت”.
وعن رد فعلها، قالت ليزا: “قبلتُ اعتذارها. أنا أتفهم أن الناس تمر بظروف صعبة، ولكن الخطأ لا يمكن تجاوزه بسهولة، خاصة حين يتعلق بسرقة جهد فني استغرق سنوات”.
تساؤلات قانونية وتحقيقات رسمية
ورغم قبولها الاعتذار، أكدت ليزا أنها لم تحسم بعد قرار اللجوء القانوني، إلا أنها شددت على أن المسؤولية لا تقع فقط على مها الصغير، بل تمتد إلى البرنامج والقناة. “في عصر الرقمنة، لا عذر لعدم التحقق من أصل أي عمل يُعرض على الجمهور. هناك مسؤولية مهنية يجب أن يتحملها الإعلام”، أضافت.
وفي تطور سريع، أعلن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر فتح تحقيق رسمي في الواقعة، واستدعاء الممثل القانوني لقناة ON لمساءلته حول بث لوحات فنية دون تحقق من ملكيتها الفكرية.

فنانون آخرون يخرجون عن صمتهم
القضية لم تتوقف عند ليزا لينيلسون، بل دفعت فنانين أوروبيين آخرين إلى الإدلاء بشهاداتهم. فقد خرج الفنان الفرنسي المعروف باسم “سيتي” ليؤكد أن مها الصغير عرضت في مقابلات إعلامية سابقة لوحات من أعماله الفنية مثل “دواركا” و”بوشيدو” و”كيغالي”، مدعية أنها من إبداعها.
كذلك، أدانت الفنانة الألمانية كارلين ويندلين، والفرنسية سيسيل دوميرغ، نسب أعمالهما إلى مها الصغير، وعبّرن عن استيائهن مما وصفنه بـ”سطو إعلامي ممنهج”.

ردود إعلامية وتصحيحات
الإعلامية منى الشاذلي، مقدمة البرنامج، سارعت بالرد على الضجة، حيث نشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي اعترافًا بخطأ البرنامج، مؤكدة احترامها الكامل للفنانة الدنماركية ولجميع المبدعين.
“ما حدث لم يكن مقصودًا، وتم حذف جميع المقاطع التي تضمنت عرض اللوحات المتنازع عليها”، جاء في بيان برنامج “معكم”.
لكن الجدل لم ينته، حيث طالبت مؤسسة “قوم” الحقوقية، المختصة بمكافحة الجرائم الرقمية، بـ”إيقاف مها الصغير عن الظهور الإعلامي إلى حين انتهاء التحقيقات”، ووصفت الحادثة بأنها “جريمة أخلاقية وفنية تسيء إلى المشهد الثقافي المصري”.

نقاش أوسع: حماية الملكية الفكرية في العصر الرقمي
أعادت هذه الواقعة فتح ملف حماية حقوق الملكية الفكرية في مصر والعالم العربي، خصوصًا في ظل الانتشار الواسع للفنون الرقمية عبر الإنترنت، وعدم وجود آليات رقابية صارمة تتحقق من نسب الأعمال الفنية عند عرضها في الإعلام.
وأكدت ليزا لينيلسون في حوارها مع العربية: “هذا الحادث لا يخصني فقط. هو إنذار للجميع بأن حماية الإبداع أصبحت قضية مصيرية في عالم مفتوح، حيث يمكن نسخ أي عمل بضغطة زر”.
خلاصة: هل تكفي الاعتذارات؟
رغم قبول الاعتذار الشخصي، إلا أن الجدل لا يزال قائمًا. وبين المطالبة بالمحاسبة المهنية، وتبريرات الحالة النفسية، تبقى الأسئلة قائمة حول مسؤولية الإعلام في التحقق، وحدود الإبداع، وأخلاقيات النشر الفني.
في انتظار نتائج التحقيق الرسمي، سيظل هذا الملف مفتوحًا في الأوساط الثقافية، ويشكل نقطة تحول في فهم العلاقة بين الفن، الإعلام، والمسؤولية الرقمية في العالم العربي.