الكويت – السابعة الاخبارية
شجون الهاجري، في مشهد صادم وغير متوقع، تصدر اسم الفنانة الكويتية شجون الهاجري الترند على مواقع التواصل الاجتماعي، إثر انتشار صورة لها وهي مقيّدة اليدين، على خلفية ضبطها من قبل وزارة الداخلية الكويتية بتهمة حيازة مواد مخدرة ومؤثرات عقلية بغرض التعاطي. وبينما ضجت وسائل الإعلام والمنصات الاجتماعية بالخبر، تباينت ردود الأفعال بين الصدمة، والغضب، والتعاطف، لتتحول القضية إلى ما يشبه “عاصفة” اجتماعية وقانونية ذات أبعاد إنسانية وثقافية وأمنية.
شجون الهاجري في السجن.. تفاصيل الحادثة
في يوم الجمعة، فاجأت وزارة الداخلية الكويتية متابعيها عبر حسابها الرسمي على منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، بنشر صورة تُظهر فتاة جالسة على الأرض، ويداها مقيدتان خلف ظهرها، وأمامها كميات من المواد المخدرة. رغم أن البيان الرسمي لم يذكر اسم الفنانة، فإن معالم الصورة، التي تم تداولها على نطاق واسع، أكدت للجمهور أنها الفنانة شجون الهاجري، أحد أشهر الأسماء في الوسط الفني الكويتي والخليجي.
وجاء في البيان: “الإدارة العامة لمكافحة المخدرات تضبط مواطنة بحوزتها مواد مخدرة ومؤثرات عقلية بغرض التعاطي.”
كما أوضح البيان أن ضبط المتهمة تم بعد معلومات وتحريات دقيقة، أثبتت حيازتها لمواد من بينها الماريجوانا والكوكايين، حيث تم اتخاذ الإجراءات القانونية وإحالتها للجهات المختصة.
صدمة المتابعين: بين التعاطف والغضب
ما إن انتشر الخبر، حتى انهالت آلاف التغريدات والتعليقات على مواقع التواصل، وتصدر وسم #كلنا_شجون الترند في الكويت وعدة دول خليجية. المفارقة أن التفاعل لم يكن فقط حول الواقعة نفسها، بل تمحور بشكل أكبر حول طريقة النشر والتشهير.
فقد رأى كثيرون أن الصورة المنشورة، والتي تُظهر شجون مقيدة ومهينة، تتعدى حدود القانون إلى ما وصفوه بـ”التشهير العلني والمهين”، خاصة وأنها ليست مجرمة سابقة، بل شخصية عامة لها رصيد فني وإنساني واسع.
التشهير بالفنانة: تطبيق للقانون أم انتهاك للكرامة؟
تساؤلات كثيرة أُثيرت حول دوافع نشر صورة الفنانة بهذه الطريقة، حيث كتبت إحدى المتابعات على فيسبوك:
“شجون مش أول فنان يتورط، لكنها أول من يُشهر بها بهذه الطريقة البشعة! نشر صورتها مقيدة بهذه الطريقة المهينة ما كان لحماية المجتمع… بل كان رسالة فيها إهانة مزدوجة: لفنانة وامرأة.”
كما تساءلت أخرى: “ليش التشهير؟ إذا القانون يُطبق فليش تنشرون صورة إنسانة قد تتعافى وتُصلح ما أفسدت؟! هل الهدف هو العقاب أم الانتقام؟”
بينما علّق مغرد: “هذا التشهير هو وصمة دمار لشخص قد يتوب ويصبح عنصرًا صالحًا في المجتمع. الله يستر، فكيف بالبشر؟”
القانون والتشهير: أيهما له الأولوية؟
في قلب هذا الجدل، برز سؤال محوري: هل يحق للجهات الأمنية نشر صورة متهم قبل صدور حكم قضائي نهائي؟ وهل كان الهدف هو الردع العام أم كانت هناك دوافع أخرى خفية؟
يشير القانون الكويتي إلى تجريم التشهير بالأشخاص قبل إدانتهم قضائيًا، خاصة في قضايا التعاطي التي غالبًا ما يُنظر إليها كقضايا علاجية أكثر منها جنائية. وتُعامل قضايا التعاطي في العديد من الدول، بما فيها الكويت، على أنها حالات تستدعي العلاج النفسي والطبي لا التشهير والإذلال، خاصة حين لا تكون هناك نية للترويج أو الاتجار.
تعاطف جماهيري غير مسبوق: “كلنا شجون”
اللافت أن كمية التعاطف التي حظيت بها شجون لم تكن عادية، بل تحولت إلى ما يشبه الدعم الشعبي العارم. إذ كتب أحد المغردين:“مستعدين نعطيك فرصة ثالثة، إن شاء الله تقومين على رجليك وترجعين أقوى… كلنا معك.”
وغردت أخرى:“في كل دول العالم يتم احتواء المتعاطي لا فضحه… إلا عندنا، نبدأ بهدر كرامته قبل علاجه.”
وقال أحدهم متسائلًا:“#شجون_الهاجري ما هي الخبيئة بينك وبين الله التي جعلت الناس تتعاطف معك بهذا الشكل وتدعو لك؟”
في كل العالم يتم احتواء المتعاطي لأنه غير مدرك للسوء الذي يقترفه بحق نفسه أو مدرك بس مش فارقة معاه وبهالحالة لازم يتعالج ويتم احتواءه واحترام المه ومساعدته، إلا بالوطن العربي يشهروا فيه بأبشع الطرق بالوقت يلي يتم تغطية وجوه المجرمين والمروجين، قمة التناقض والاستفزاز #شجون_الهاجري pic.twitter.com/uNeTGTNhdz
— ♕ (@_diana_m2) June 20, 2025
الهاشتاغات التي انتشرت لم تقتصر على التضامن فحسب، بل كانت رسائل إنسانية تطالب بالرحمة والعدل والستر.
من هي شجون الهاجري؟
شجون مطر مسعود الهاجري، واحدة من أبرز نجمات الفن في الكويت والخليج، بدأت مشوارها الفني في عمر الطفولة، من خلال برامج الأطفال مثل “مسابقات رمضان” و”ماما أنيسة”. لاحقًا، برزت كممثلة شابة ذات موهبة استثنائية، فشاركت في العديد من المسلسلات الناجحة مثل:
- “غسيل”
- “ملفات منسية”
- “فعل ماضٍ”
- “وحوش: عرس النار”
كما تألقت على خشبة المسرح في أعمال مثل:
- “بي فري”
- “كرويلا”
- “صنع في الكويت” (التي عرضت في موسم عيد الفطر وحققت نجاحًا لافتًا)
ولطالما اعتبرها جمهورها رمزًا للمرأة القوية والمبدعة، خصوصًا مع ما مرت به من تجارب شخصية صعبة، حيث عرفت حياتها الكثير من التقلبات، لكنها كانت دومًا تعود أقوى.
هل أخطأت شجون؟ نعم… ولكن!
العديد من المعلقين والمراقبين لم يُنكروا أن شجون، إن ثبتت عليها التهمة، قد أخطأت في حق نفسها ومجتمعها وفنها، لكنهم شددوا على أن الخطأ لا يبرر الذل أو الإهانة العلنية.
المعادلة الأخلاقية والقانونية التي طُرحت كانت كالتالي:“نعم، من أخطأ يتحمل مسؤوليته، ولكن يجب أن نمنح المخطئ فرصة للتوبة والتصحيح، لا أن نحطمه أمام الناس ونلغي ماضيه.”
هل نحتاج إلى إعادة نظر في التعامل مع المتعاطين؟
القضية أعادت فتح ملف كيفية تعامل المجتمع والقانون مع قضايا الإدمان والتعاطي. ففي الدول المتقدمة، يُنظر إلى المتعاطي على أنه ضحية مرض نفسي واجتماعي أكثر من كونه مجرمًا، ويُوَجَّه إلى العلاج والمصحات، لا إلى التشهير والسجون.
وفي هذا السياق، كتب أحد المغردين: “في الغرب، لا تُنشر صور حتى للقتلة إلا بعد الحكم النهائي، ونحن هنا ننشر صورة متعاطٍ أو مريض نفسي، ونعتبر ذلك تطبيقًا للقانون! أي قانون هذا؟”
ما بين القانون والرحمة… من نختار؟
قضية شجون الهاجري ليست مجرد حادثة عابرة أو خطأ فردي، بل مرآة لواقع اجتماعي معقّد، فيه تداخل بين القانون، الإعلام، الكرامة الإنسانية، والعدالة. وما جرى يكشف عن فجوة عميقة في طريقة التعامل مع قضايا الإدمان، خصوصًا عندما يكون المتهم شخصية عامة.
يبقى السؤال الأهم: هل سنرى هذه الحادثة كنقطة انهيار، أم كبداية لمراجعة شاملة في القوانين، والأخلاقيات، والممارسات الإعلامية؟
وهل سنسمح لشجون بأن تنهض من جديد، أم نكون جزءًا من سقوطها؟ الكرة الآن في ملعب المجتمع والسلطات، لتقرير ما إذا كنا فعلاً نعيش في دولة قانون وإنسان، أم في زمن الفضيحة والتشهير.
البعد النفسي والاجتماعي: ضحايا خلف الستار
بعيدًا عن الأضواء والضجيج الإعلامي، تفتح قضية شجون الهاجري الباب للنظر في الضغوط النفسية والاجتماعية التي قد يتعرض لها الفنانون والمشاهير، والتي قد تدفع البعض إلى سلوكيات مدمّرة بحثًا عن مخرج، أو هروبًا من ألم داخلي لا يُرى بالعين المجردة.
في المجتمعات الخليجية عمومًا، يُنظر إلى الفنان على أنه نموذج للكمال الخارجي، غير مسموح له بالخطأ أو الضعف، مما يولد أحيانًا تناقضًا بين الصورة العامة والواقع النفسي. وقد تكون هذه الفجوة هي أحد الأسباب التي تجعل البعض من أصحاب الشهرة يبحث عن “ملاذات مؤقتة”، ولو كانت مؤذية.
شجون، المعروفة بقوة شخصيتها وانفتاحها، تحدثت في السابق عن صراعات نفسية مرّت بها، وتجارب أليمة في طفولتها، ما يدفع بعض المتابعين اليوم إلى طرح تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الخلفيات قد ساهمت في ما وصلت إليه.
الإعلام والمجتمع: من سلطة الرقابة إلى سلطة الإعدام المعنوي
القضية أيضًا تسلط الضوء على دور الإعلام الرقمي ومواقع التواصل، التي لم تعد مجرد منصات لنقل الخبر، بل أصبحت أداة ضغط وقضاء شعبي يصدر الأحكام بسرعة ويشنّ حملات إعدام معنوي بحق الأشخاص، خاصة المشاهير.
في حالة شجون، ظهرت مشاعر الشماتة عند فئة، والتعاطف عند أخرى، والغضب من طريقة المعالجة الرسمية عند الغالبية. وهذا التباين يعكس ما بات يعرف بـ”الازدواجية الأخلاقية”، حيث يُدين المجتمع شخصًا لفعلة ما، بينما يُسامح آخرين على أفعال أكثر جسامة، فقط بسبب المكانة أو النفوذ أو النوع الاجتماعي.
الفرصة الأخيرة: من الأزمة إلى الأمل
رغم كل ما حدث، يراهن الكثيرون على أن هذه الأزمة قد تكون نقطة تحول في حياة شجون، إذا ما تم احتواؤها بشكل سليم ومنحها الفرصة للعلاج والدعم. فالتاريخ مليء بقصص نجوم تعثروا، ثم عادوا أقوى وأنضج.
وقد عبّر عدد من المتابعين عن أملهم بأن تتحول محنتها إلى منطلق لبداية جديدة، ليس فقط لها شخصيًا، بل لكل من يعاني في صمت. وقد تكون هذه الحادثة بداية حراك اجتماعي يطالب بتغيير نظرتنا لمتعاطي المخدرات، والتمييز بين المريض والمجرم، بين من يحتاج علاجًا ومن يستحق العقوبة.
خلاصة موسعة: من الخطأ تُخلق الفرص
قضية شجون الهاجري قد تكون في ظاهرها قضية فنية وأمنية، لكنها في عمقها مرآة لأزمة وعي مجتمعي بحاجة للمراجعة. لسنا فقط أمام خطأ فردي، بل أمام فرصة حقيقية لإعادة التفكير في أسلوبنا في معاقبة الخطأ: هل نريد تأديب الشخص أم تدميره؟ وهل نملك من الإنسانية ما يكفي لنمد يد العلاج بدلاً من أن نلوّح بسيف التشهير؟
الخطأ لا يُلغي المسيرة، والتوبة لا تُلغى بسبب سقطة. وشجون الهاجري، بكل تاريخها وإنسانيتها، تستحق المحاسبة… ولكن بكرامة وعدالة.