سوريا – السابعة الاخبارية
شكران مرتجى، في خطوة فاجأت متابعيها ومحبيها، أعلنت الفنانة السورية شكران مرتجى إغلاق حساباتها الرسمية عبر منصتي “فيسبوك” و”إكس” (تويتر سابقًا)، وذلك بعد ساعات من نشرها سلسلة من الرسائل المؤثرة التي عبّرت فيها عن ألمها وحيرتها وقرارها النهائي بالابتعاد عن المنصات الاجتماعية، التي وصفتها بأنها لم تعد تشبهها.
قرار الانسحاب لم يأتِ من فراغ، بل جاء في أعقاب الجدل الكبير الذي رافق الحلقة الثانية من برنامجها الحواري الجديد “أوه لا لا”، والتي استضافت فيها المخرج المعروف سيف سبيعي، حيث تطرق الحوار إلى موضوعات حساسة، بينها آراء سياسية أثارت حفيظة عدد من المتابعين، وتسببت بسيل من الانتقادات اللاذعة، بل والإساءات الشخصية التي طالت شكران بشكل مباشر.
شكران مرتجى .. “نبتعد لأننا نحترم أنفسنا”
في منشوراتها الأخيرة قبل إغلاق الحسابات، كتبت شكران مرتجى كلمات عميقة ومباشرة، عبرت فيها عن وجعها مما واجهته من هجوم غير مسبوق، قائلة:
“وداعاً لكل الأحباء… سأغلق كل حساباتي على فيسبوك ومنصة X. نبتعد مو لأننا جبناء، ولا لأننا قليلين حيلة، نبتعد لأنو في شي ما بيشبهنا. وشتيمتنا بتجي من ناس المفروض بيعرفونا.”
وأضافت: “أنا لا أستطيع الرد على الإساءة بالإساءة، ولا أحب أن أكون طرفًا في معارك إلكترونية تستهلك طاقتي وتحطم روحي، لذلك أفضل الانسحاب.”
جمهورها استقبل الخبر بموجة من التعاطف والدعم، حيث عبّر العديد منهم عن حزنهم لخسارة تواصلها الرقمي معهم، مؤكدين على محبتهم واحترامهم لها، ورفضهم لما تعرضت له من هجوم غير مبرر.
الجدل بعد الحلقة الثانية من “أوه لا لا”
برنامج “أوه لا لا” الذي تقدّمه شكران مرتجى، أُطلق بنية تقديم مساحة حوارية غير تقليدية، تجمع بين الفن والثقافة والنقاشات الجريئة. وفي الحلقة الثانية، والتي استضافت فيها المخرج سيف سبيعي، انزلق الحوار إلى موضوعات سياسية أثارت جدلًا واسعًا على منصات التواصل.
وعلى الرغم من أن الضيف هو من أدلى بتصريحات مثيرة للجدل، إلا أن الغضب الجماهيري توجه نحو شكران نفسها، التي اعتبرها البعض مسؤولة عن محتوى الحلقة وتوجيه الحوار، بينما دافع آخرون عنها بشدة، مؤكدين أنها كانت محاورة محترفة وحيادية.
شكران توضح وتعتذر: “أقسم أن النية لم تكن إثارة الفتنة”
ردًا على الانتقادات، حرصت شكران على توضيح موقفها وتبرير ما حدث، مؤكدة أن هدف البرنامج لم يكن إثارة الجدل أو خلق حالة من الاستقطاب، بل فتح مساحة للنقاش والتفكير، وقالت:
“ظنّ الكثيرون بي ظنّ السوء بعد مشاهدة حلقة من برنامجي الجديد. أقسم بالله أن لا أنا ولا المحطة ولا الضيوف كانت غايتنا إثارة الجدل أو إيقاظ الفتنة أو أي نيّة سيئة. بل العكس تمامًا.”
وفي رسالة حملت الكثير من التواضع والصدق، اعتذرت شكران للجمهور، وقالت:
“أحترم رأي الجميع وأتفهم وجعكم.. وإن كنت تسببت في أذية قلوبكم عذرًا من القلب.”
رسالة محبة لسوريا والسوريين
لم تنسَ شكران أن توجّه رسالة خاصة إلى جمهورها في سوريا، الذي كان دائمًا الداعم الأول لها، حيث قالت:
“أهلي وناسي في سورية.. لكم كل الحب والاحترام أينما كنتم وأينما حللتم. أنا والله يعلم، ما في قلبي ليس إلا المحبة والاحترام والفخر لانتمائي لشعب عظيم وأرض طيبة.”
وشددت على أنها لم تكن يومًا ممن يسعون إلى تأجيج الفتن أو زرع الانقسام، بل كانت دائمًا صوتًا للسلام والتفاهم، مضيفة:
“أنا لم ولن أكون يومًا من الذين يشعلون نار الفتنة، بل من الذين يسعون إلى إطفائها.”
ضريبة الرأي أم سقف التحمّل؟
حالة شكران مرتجى ليست استثنائية في العالم العربي، بل تعكس بوضوح واقعًا رقميًا مضطربًا، تُحاسب فيه الشخصيات العامة ليس فقط على أقوالها، بل أحيانًا على نواياها المفترضة أو مواقف ضيوفها، في بيئة يغلب عليها التوتر والاستقطاب.
شكران، التي قدمت خلال سنوات مسيرة فنية حافلة بالأدوار المؤثرة، وجدت نفسها فجأة في مرمى نيران السوشيال ميديا، لتُصبح ضحية لمنصات يفترض أن تكون وسيلة للتقارب والتعبير، فإذا بها تتحوّل لساحة تصفية حسابات.
الفنانون في مواجهة منصات الغضب
إغلاق الحسابات الإلكترونية للفنانين ليس بالأمر الجديد، لكنه أصبح خيارًا أكثر شيوعًا في السنوات الأخيرة، وسط ازدياد ظاهرة “التنمر الرقمي” و”محاكمات الرأي” الفورية، والتي تُمارَس من قبل أفراد أو مجموعات دون اكتراث بالسياق أو النوايا.
بالنسبة لشكران، كان الابتعاد ضرورة للحفاظ على احترام الذات والكرامة الشخصية، كما أوضحت في كلماتها الأخيرة، وهو موقف يُحسب لها، كونه لا ينبع من ضعف بل من وعي ناضج بعدم جدوى المواجهة في فضاءٍ رقمي فوضوي.
محبة لا تزال مستمرة
رغم انسحابها من “فيسبوك” و”إكس”، لا تزال شكران مرتجى حاضرة في قلوب جمهورها، عبر أعمالها الدرامية، وظهورها الإعلامي، وربما عبر منصات أخرى لاحقًا تختارها لتكون أكثر أمنًا وسلامًا.
عدد كبير من المتابعين تمنّى أن تتراجع عن قرارها، بينما طالب البعض المنصات بوضع أدوات أكثر عدالة لحماية الشخصيات العامة من الهجوم غير المبرر.
هل تعود قريبًا؟
حتى الآن، لم تُعلن شكران مرتجى إن كان قرارها نهائيًا، أو مؤقتًا لحين تهدئة الأجواء. غير أن كلماتها الأخيرة بدت قاطعة، لكنها أيضًا مليئة بالحب، ما يترك الباب مواربًا أمام احتمال عودتها، إذا شعرت بأن البيئة أصبحت أكثر رحمة وتفهّمًا.
في النهاية، تعكس قصة شكران مرتجى مع مواقع التواصل الاجتماعي أزمة أعمق من مجرد خلاف رقمي، بل تشير إلى هشاشة العلاقة بين الفنان وجمهوره في زمن “اللقطة”، حيث يمكن لكلمة واحدة أو رأي ضيف أن يُشعل عاصفة، ويدفع ثمنها من لم ينطق بها.
لكن يبقى الجمهور الواعي هو الرهان الحقيقي، ووسائل التواصل يجب أن تكون مساحة للحوار لا ساحة للإدانة. أما شكران، فقد غادرت الساحة الإلكترونية مؤقتًا، لكنها لم تغادر قلوب من يعرفون قيمتها ومسيرتها وإنسانيتها.