مصر -السابعة الإخبارية
في ليلة استثنائية تُسجَّل في ذاكرة الفن والثقافة المصرية، سطعت السوبرانو شيرين أحمد طارق على المسرح خلال حفل افتتاح المتحف المصري الكبير، لتخطف الأضواء بصوتها الآسر وحضورها المهيب، وتصبح في غضون ساعات حديث الجمهور والإعلام داخل مصر وخارجها.
ليلة تاريخية.. وصوت مصري عالمي
منذ اللحظة الأولى التي صعدت فيها شيرين إلى خشبة المسرح، وقف الحضور مبهورين بالأداء الذي جمع بين القوة الفنية والرهافة الإنسانية، حيث قدّمت مقطوعات غنائية مستوحاة من روح الحضارة المصرية القديمة، مزجت فيها بين الموسيقى الكلاسيكية العالمية والإيقاعات الشرقية الأصيلة.
أداء شيرين لم يكن مجرد عرضٍ فني، بل تجسيد لعودة الفن المصري إلى الواجهة العالمية، إذ عبّر صوتها عن مزيج نادر من الجمال الغربي والروح المصرية العميقة. ومع نهاية الفقرة، انطلقت موجة من التصفيق الحار في القاعة الكبرى للمتحف، تلاها سيل من الإشادات عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
التريند يتحدث باسمها
خلال ساعات قليلة فقط، تصدّر اسم شيرين أحمد طارق قوائم البحث على “جوجل” ومنصات التواصل، حيث تداول الجمهور مقاطع من أدائها مصحوبة بتعليقات غلب عليها الإعجاب والدهشة. كتب أحد المغردين: “صوتها من طين مصر ونقاء العالم”، بينما قال آخر: “لو في المتحف المصري الكبير آثار خالدة، فشيرين واحدة منها الليلة”.
الاهتمام الجماهيري الكبير لم يكن بسبب جمال الصوت فقط، بل لأن ظهور شيرين في هذا الحدث أعاد للذاكرة صورة الفنان المصري العالمي القادر على تمثيل بلده بأرقى صورة أمام الحضور الدولي، خاصة أن الحفل شهد مشاركة وفود من أكثر من خمسين دولة.

من الإسكندرية إلى برودواي.. رحلة صعود لنجمة استثنائية
ولدت شيرين أحمد طارق في مدينة الإسكندرية، حيث نشأت وسط عائلة تعشق الموسيقى والفنون. غادرت مصر وهي في سن المراهقة متجهة إلى الولايات المتحدة الأمريكية مع أسرتها، وهناك بدأت مرحلة جديدة من حياتها، درست خلالها الموسيقى الكلاسيكية وفنون الأداء.
لم يمر وقت طويل حتى لفتت موهبتها أنظار القائمين على مسارح برودواي في نيويورك، فاختيرت لتجسيد شخصية إيليزا دوليتل في المسرحية الغنائية الشهيرة “سيدتي الجميلة” (My Fair Lady)، لتصبح أول فنانة مصرية وعربية تقدم هذا الدور في تاريخ العرض.
كان ذلك بمثابة نقطة التحول الكبرى في مسيرتها، إذ نالت إشادة النقاد الأمريكيين ووُصفت بأنها “صوت يحمل عبق الشرق بروح الغرب”.
عودة إلى الجذور.. شيرين تغني لمصر
بعد سنوات من النجاح في الخارج، تعود شيرين إلى وطنها لتقف على أحد أعرق المسارح في العالم، أمام جدران المتحف المصري الكبير التي تحتضن تاريخًا يمتد لآلاف السنين.
ظهورها في هذا الحدث لم يكن مصادفة، بل اختيارًا واعيًا من إدارة الحفل لإبراز الوجوه المصرية ذات البصمة الدولية، في إطار سعي الدولة المصرية لتأكيد حضورها الثقافي والفني عالميًا.
خلال كلمتها القصيرة بعد العرض، عبّرت شيرين عن امتنانها قائلة:“الوقوف هنا أمام حضارة أجدادي لحظة لا تُقدّر بثمن… الغناء في هذا المكان يجعلني أشعر أنني جزء من تاريخ يمتد إلى الأبد.”

حفل يليق بعظمة مصر
حفل افتتاح المتحف المصري الكبير لم يكن مجرد احتفال أثري، بل عرض فني متكامل شارك فيه كوكبة من النجوم المصريين والعالميين.
من بين المشاركين كانت شريهان التي أبهرت الحضور بإطلالتها المبهرة، وياسمينا العبد وهدى المفتي وسلمى أبو ضيف الذين أضفوا لمسة شبابية معاصرة على الفعاليات، إضافة إلى أحمد مالك وأحمد غزي اللذين قدّما لوحات تمثيلية رمزية عن تاريخ مصر القديم.
كما شارك النجمان منى زكي وكريم عبد العزيز بأداء صوتي مؤثر، إذ قدّما فقرات سردية تناولت قصة الخلود في الأسطورة المصرية القديمة، من خلال رمزية إيزيس وأوزوريس، في مشاهد تجمع بين الشعر والموسيقى والتاريخ.
المتحف المصري الكبير.. نافذة جديدة للعالم
افتتاح المتحف المصري الكبير يعد من أهم الأحداث الثقافية في القرن الحادي والعشرين، فهو لا يمثل مجرد متحف، بل مشروع حضاري يربط بين الماضي والمستقبل. وقد اختيرت الموسيقى والفن لتكون لغة الافتتاح، في رسالة واضحة بأن الحضارة المصرية لا تزال حيّة ومتجددة.
شيرين أحمد.. سفيرة الفن المصري
بهذا الظهور اللافت، أثبتت شيرين أحمد طارق أن الفنان المصري قادر على الوصول إلى العالمية دون أن يفقد هويته. فهي تحمل في صوتها خيوط النيل وأضواء نيويورك، وتجمع في أدائها بين الكلاسيكية الأوروبية والعاطفة الشرقية، لتصبح نموذجًا لجيل جديد من الفنانين المصريين الذين يعيدون تعريف معنى الفن الراقي.
في ختام الحفل، غادرت شيرين المسرح وسط تصفيق حار، فيما كان العالم يتحدث عن “الصوت المصري الذي أضاء المتحف الكبير”. وربما كانت تلك اللحظة بداية فصل جديد في قصة فنانة يبدو أنها وُلدت لتكون جسرًا بين مصر والعالم.

