مصر – السابعة الإخبارية
شيرين.. ما تزال الفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب تثير الكثير من الجدل، ليس فقط بموهبتها الفذة وصوتها الذي يعانق القلوب، بل أيضًا بسبب الصراعات النفسية التي باتت تؤثر على استقرارها الفني والإنساني. وفي هذا السياق، تناول الناقد الفني المعروف طارق الشناوي حالة شيرين مؤخرًا، مسلطًا الضوء على ما أسماه “العدو الداخلي” الذي يهدد مسيرتها من الداخل أكثر مما تهددها أي عوامل خارجية.
عدو شيرين.. من الداخل لا الخارج
في مداخلة هاتفية مع الإعلامية نهال طايل ضمن برنامج “تفاصيل” عبر قناة “صدى البلد 2”، قال الشناوي إن النجمة لا تزال أسيرة لصراع نفسي أرهقها كثيرًا، ووصفه بأنه “العدو الداخلي” الذي كانت قد اعترفت به علنًا في أكثر من لقاء. وأشار إلى أن هذا العدو لم يكن مجرد فكرة مجازية، بل تحوّل، بحسب وصف شيرين، إلى شخص يمسك بخيوط حياتها ويتحكم في علاقاتها الفنية والإنسانية وحتى الصحية.
وأوضح الشناوي أن النجمة هي التي فتحت الأبواب لهذا العدو، وصرّحت سابقًا أنه يشبه “الشيطان” الذي أوقعها في دوامات من الألم النفسي والاضطرابات، وصولاً إلى تصويرها في لحظات ضعفها، حين كانت تمر بأزمات صحية وعصبية، قائلاً: “فجأة أصبح هو من يتحكم بها، واللي عايز يوصل لشيرين لازم يعدي عليه الأول”.
جمهورها لم يخذلها
ورغم الأزمات المتكررة التي مرت بها الفنانة في السنوات الأخيرة، أكد طارق الشناوي أن جمهورها كان داعمًا ومحبًا دائمًا. واستشهد بمشاركتها في مهرجان موازين الأخير بالمغرب، عندما استقبلها الجمهور بحرارة رغم أنها غنّت في بدايتها بطريقة الـ”بلاي باك”، قبل أن تستعيد عافيتها وتغني لايف وسط تفاعل كبير من الحاضرين.
واعتبر الشناوي أن هذا الحب الجماهيري لشيرين ليس غريبًا، فصوتها، بحسب تعبيره، من النوع “الاستثنائي”، الذي يدخل القلب دون استئذان، ويمتلك قدرة فطرية على التأثير في وجدان المستمعين. لكنه تساءل في الوقت نفسه: إلى متى ستظل شيرين تقدم للجمهور صراعاتها الشخصية وتدعوه لمشاركتها تفاصيل لا تخص إلا حياتها الخاصة؟
الخصوصية المفقودة
تطرّق الشناوي كذلك إلى المقارنة بين شيرين عبد الوهاب وبعض النجمات في الوسط الفني، مثل أمينة خليل وسلمى أبو ضيف، ممن يخترن الحفاظ على خصوصية حياتهن بعيدًا عن الأضواء، حتى في أدق المواقف الشخصية كعلاقاتهن العاطفية أو زواجهن. في المقابل، بحسب الشناوي، فإنها هي التي قررت من البداية أن تفتح أبواب حياتها الشخصية للجمهور والإعلام، سواء عندما أعلنت حلاقة شعرها أمام العالم، أو حينما عرضت مشكلاتها الزوجية والاجتماعية على الملأ، لتجعل من حياتها الخاصة جزءًا من روايتها العامة.
وقال الشناوي: “النجمة هي التي طالبت الناس أن تدخل في حياتها.. هي التي بثت مشاعرها علنًا، وشاركت الجمهور كل أوجاعها.. لكنها الآن تدفع ثمن هذه المكاشفة العاطفية، حيث لم تعد تملك المساحة الكافية للتراجع أو استعادة خصوصيتها”.

موهبة في مهب العاصفة
ويجمع النقاد والجمهور على أن شيرين عبد الوهاب تمتلك موهبة لا يمكن تجاهلها. فهي من الأصوات التي حفرت اسمها في وجدان الشعوب العربية منذ أغنيتها الأولى، ونجحت في أن تتنوع بين الرومانسي، والطربي، والدرامي، حتى أصبحت من أهم نجمات الغناء في الوطن العربي. لكن الصراع النفسي الذي تعيشه، إلى جانب ظهورها المتكرر في أزمات عاطفية أو قانونية أو صحية، جعل تركيز الجمهور يتحول من فنها إلى حياتها الخاصة.
وفي حين يرى البعض أن شيرين ضحية للظروف، يرى آخرون أنها بحاجة إلى وقفة حقيقية مع الذات، تعيد من خلالها ترتيب أولوياتها، وفصل حياتها الفنية عن الشخصية، لتستطيع استعادة مكانتها التي تستحقها في صدارة المشهد الغنائي العربي.
في انتظار التعافي الكامل
يُجمع المتابعون على أن الجمهور العربي ما زال ينتظر عودة شيرين عبد الوهاب الحقيقية، ليس فقط إلى المسرح، ولكن إلى الحالة الفنية المتكاملة التي عرفوها بها، صوتًا وأداءً وثباتًا نفسيًا. وفي ظل ما تعيشه من ضغوطات، يظل السؤال: هل تستطيع الفنانة أن تنتصر على “عدوها الداخلي” وتبدأ مرحلة جديدة متحررة من كل ما كبّلها في الماضي؟
الناقد طارق الشناوي ختم حديثه بنبرة أمل، مؤكدًا أن موهبتها أكبر من كل أزماتها، وأنها وحدها القادرة على الخروج من تلك الدوامة، بشرط أن تعود إلى نفسها أولاً، وتستعيد السيطرة على حياتها قبل أن يسيطر الآخرون عليها.
