القاهرة – السابعة الاخبارية
ضي، ضي – سيرة أهل الضي” هو عنوان الفيلم الجديد للمخرج المصري كريم الشناوي، الذي يستعد لدخوله رسميًا إلى دور العرض المصرية ابتداءً من 3 سبتمبر المقبل، بعد أن شق طريقه بنجاح عبر عدد من المهرجانات السينمائية الدولية البارزة، من بينها مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، ومهرجان برلين السينمائي الدولي، حيث مثل الفيلم مصر ولفت الأنظار بقصته الإنسانية المؤثرة وإخراجه المتقن.
في منشور رسمي عبر حسابه على “إنستغرام”، أعلن الشناوي عن الموعد المنتظر لعرض الفيلم، واصفًا إياه بأنه “رحلة سينمائية متكاملة فيها الحب، العائلة، الصراع، الطموح، والأمل”. كما نشر الفيديو الدعائي الرسمي الذي كشف عن مشاهد عاطفية مؤثرة ولمحات من أداء تمثيلي صادق، ينذر بفيلم يحمل بصمة فنية وإنسانية خاصة.
ضي.. قصة الطفل المختلف الذي رفض أن يختبئ من النور
يروي الفيلم قصة “ضي”، طفل نوبي يبلغ من العمر 11 عامًا، وُلد بمرض البرص (الألبينو)، وهي حالة وراثية نادرة تُعرف شعبيًا باسم “عدو الشمس”، حيث تجعل المصاب بها حساسًا جدًا للضوء، وتؤثر على بشرته وشعره وعينيه.
ورغم حالته الجسدية، يتمتع “ضي” بصوت غنائي ساحر، ينبض بالإحساس والصدق، ما يدفعه إلى الحلم بالوقوف على خشبة المسرح في برنامج المواهب الشهير “ذا فويس كيدز”.
تبدأ المغامرة حين يقرر السفر من بلدته النوبية في أسوان إلى العاصمة القاهرة، برفقة أسرته المفككة، في محاولة لتحقيق حلمه، ومواجهة مجتمع لا يراه كما يرى نفسه.
لكن الفيلم لا يكتفي بسرد قصة طفل موهوب، بل يتعمق في علاقات الأسرة، والانتماء الثقافي، والهوية، والصراعات الداخلية التي يمر بها كل من يشعر بأنه “مختلف”.
سينما عن المهمشين.. وبرسالة اجتماعية عميقة
يمثل “ضي – سيرة أهل الضي” نموذجًا لسينما لا تكتفي بالإمتاع، بل تسعى لإحداث أثر. الفيلم يتناول قضايا التهميش، سواء من حيث الانتماء العِرقي، أو الاختلاف الجسدي، أو الحرمان من الفرص بسبب الشكل أو الظروف.
في خلفية الحكاية، هناك النوبيون، بثقافتهم الغنية، وتاريخهم العريق، والتمييز الذي تعرضوا له لعقود. وهناك أيضًا مجتمع الأطفال المصابين بالألبينو، الذين يعانون من التنمّر وسوء الفهم وحتى الإقصاء في بعض الأحيان.
يعرض الفيلم كيف يصبح الحلم وسيلة للبقاء، وكيف يمكن للفن أن يكون نافذة للهروب من القوالب، وجسرًا نحو التقبّل والانتماء.
طاقم العمل.. تلاقي الثقافات العربية والأفريقية
شارك في بطولة الفيلم مجموعة من الممثلين العرب والأفارقة، ما أضفى على العمل بعدًا ثقافيًا وإنسانيًا متنوعًا. من أبرز الأسماء:
- أسيل عمران: الفنانة السعودية، التي تقدم دورًا إنسانيًا معقدًا، يُظهر قدرتها على التعمق في شخصيات درامية بعيدة عن الأدوار التقليدية.
- إسلام مبارك: الممثلة السودانية التي أثبتت حضورها القوي في أكثر من عمل درامي مؤخرًا، وتقدم في “ضي” أداءً مليئًا بالمشاعر.
- حنين سعيد: وجه شاب يشارك بدور محوري في تطور القصة.
- بدر محمد: الطفل الذي يؤدي دور “ضي”، والذي تم اختياره بعد رحلة بحث طويلة ودقيقة.
اختيار “ضي”.. عام ونصف من البحث عن بطل استثنائي
من أبرز التحديات التي واجهت صناع الفيلم كانت مهمة العثور على طفل يملك المواصفات الشكلية لشخصية “ضي” (طفل نوبي مصاب بالألبينو)، وفي الوقت نفسه يمتلك موهبة تمثيلية وغنائية مقنعة.
لهذا، استغرقت عملية الكاستينغ أكثر من 18 شهرًا، جاب خلالها فريق الإنتاج قرى ومدن عدة، لا سيما في جنوب مصر ومنطقة النوبة، من أجل العثور على الطفل المناسب.
الاختيار النهائي وقع على بدر محمد، الذي فاجأ الجميع بقدراته الطبيعية، رغم أنها تجربته الأولى على الإطلاق في التمثيل. خضع بدر لتدريبات مكثفة على التمثيل والأداء الصوتي، ورافقه طاقم متخصص لتأهيله نفسيًا وفنيًا.
رحلة مهرجانية ناجحة.. واحتفاء نقدي دولي
قبل وصوله إلى الجمهور المصري، كان للفيلم حضور بارز في عدد من المحافل السينمائية الدولية. فقد شارك في:
- مهرجان برلين السينمائي الدولي: حيث مثل مصر رسميًا في قسم الأفلام الإنسانية، ولاقت مشاركته ترحيبًا واسعًا من النقاد.
- مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي: الذي يُعد من أبرز المنصات لدعم المواهب العربية، وسلط الضوء على تجربة الفيلم كواحدة من أكثر التجارب تفرّدًا على مستوى المنطقة.
النقاد وصفوا الفيلم بأنه “هادئ في أسلوبه، عميق في موضوعه، ومؤثر في مشاعره”، مؤكدين أن كريم الشناوي نجح في تقديم سينما تحترم الإنسان وتحتفي بالاختلاف.
أمل في الضوء.. واحتفاء بالاختلاف
“ضي – سيرة أهل الضي” ليس فقط فيلمًا عن طفل يريد الغناء، بل هو رسالة مفتوحة لكل من يشعر أنه لا يشبه الآخرين، أو يُنظر إليه كأنه غريب أو غير مُكتمل.
هو دعوة للتقبّل، للانفتاح، وللإيمان بأن الفن قد لا يغيّر العالم كله، لكنه قادر على تغيير نظرة إنسان واحد فقط.. وهذا كافٍ.
في 3 سبتمبر، سيكون جمهور السينما في مصر على موعد مع عمل مختلف، يحمل بين مشاهده الكثير من الألم والأمل، ويؤكد أن النور قد يأتي من “ضي” صغير… إذا آمن بنفسه.