القاهرة – السابعة الاخبارية
طه الدسوقي، في ليلة افتتاح الدورة الثامنة من مهرجان الجونة السينمائي لعام 2025، خطف الفنان المصري الشاب طه الدسوقي الأضواء بطريقة مختلفة عن السجادة الحمراء وأزياء النجوم المعتادة. فقد قدّم فقرة ستاند أب كوميدي مميزة مزج فيها بين السخرية الذكية والتأملات الإنسانية، في ظهور هو الأول من نوعه لممثل كوميدي شاب يعتلي مسرح مهرجان سينمائي بهذا الأسلوب الجريء والصادق.
طه الدسوقي.. حلم تحقّق على مسرح الجونة
أعرب طه الدسوقي، عقب الفقرة، عن فرحته الغامرة بالمشاركة في هذا الحدث السينمائي الكبير، معتبرًا ظهوره على خشبة مسرح الجونة أحد أحلامه التي تحققت، ليس فقط كممثل، بل ككوميديان متخصص في فن “الستاند أب كوميدي”، الذي ظل لسنوات طويلة بعيدًا عن المشهد الرسمي للمهرجانات السينمائية.
وفي منشور عاطفي عبر حسابه على “إنستغرام”، كتب الدسوقي:
“كستاند أب كوميديان، حققت حلماً من أحلامي بأني أعمل ستاند في مهرجان سينمائي، وكممثل شاكر وممتن جدًا لأساتذتي وزمايلي اللي ادوني طاقة مليانة حب ودعم، وسمعوني بوشوش مبتسمة وقلوب مفتوحة”.
كلماته هذه لم تكن مجرد شكر عابر، بل كانت انعكاسًا حقيقيًا لروح الفقرة التي قدّمها، والتي خرجت من قلبه ولامست قلوب الجمهور.
ستاند أب كوميدي في مهرجان سينمائي؟ خطوة جريئة ومبتكرة
لم يكن من المعتاد أن يبدأ مهرجان سينمائي دولي بحفل افتتاح تتصدره فقرة ستاند أب كوميدي، لكن اختيار طه الدسوقي جاء عن وعي وقصد من إدارة المهرجان، التي رغبت في كسر القوالب التقليدية، وفتح الباب أمام أنواع جديدة من التعبير الفني، لاسيما أن شعار الدورة الحالية هو: “سينما من أجل الإنسانية”، وهو شعار يحمل في جوهره أبعادًا إنسانية واجتماعية تتلاقى مع روح الكوميديا الهادفة.
طه قدّم عرضه بأسلوب يمزج بين السخرية الذاتية، ونقد الإعلام، وتأملات فنية عن المهنة ومعاناتها، مؤكدًا أن الستاند أب ليس مجرد نكت عابرة، بل فن يحمل رسائل أعمق مما يبدو على السطح.
بداية فقرة طه الدسوقي: سخرية من الذات والمهرجان
افتتح طه فقرته بالسخرية من نفسه، وهي طريقة تقليدية في فن الستاند أب، لكنها اكتسبت طابعًا خاصًا في هذا السياق، حيث تحدث عن كونه “مش بالضرورة معروف أوي”، ليفتح بذلك بابًا للضحك والتقارب مع الجمهور.
ثم انتقل سريعًا إلى الحديث عن الانتقادات والشائعات التي تطال مهرجان الجونة منذ انطلاقه قبل ثماني سنوات، مستعرضًا بعض التعليقات الساخرة التي يتداولها الجمهور على مواقع التواصل الاجتماعي، مثل “المهرجان دا معمول للفساتين بس”، و”الناس رايحة تتصور مش تتفرج على أفلام”.
لكن الدسوقي لم يكتفِ بالسخرية، بل حوّلها إلى أداة تأمل، قائلاً إن “الناس بتنسى إن الفنان إنسان.. بيضحك وبيبكي وبيفشل وبينجح، وأحيانًا بيقع تحت ضوء الكاميرا وهو مش جاهز”.
ما بين الشهرة والضغط النفسي: الوجه الآخر للمهنة
من أكثر اللحظات صدقًا في عرض طه، تلك التي تحدث فيها عن الضغط النفسي الذي يعانيه الفنانون تحت وطأة الشهرة.
قال ما معناه: “إنت لو عندك مشكلة شخصية، بتروح تعيط في أوضتك.. بس الفنان مش بيقدر، لأن صورته في كل مكان، وأي غلطة بتتفسر إنها ضعف أو فشل أو غلطة محسوبة عليه”.
كلماته أثّرت في الكثير من الحضور، الذين تفاعلوا بالتصفيق والتأثر، خاصة أنها جاءت متناغمة مع الرسالة الإنسانية للمهرجان، التي تُعلي من قيمة الفن كأداة تعبير عن الهموم البشرية، لا مجرد وسيلة للترفيه.
الجمهور منقسم.. لكن التأثير كان حاضرًا
كالعادة مع الفقرات الجريئة، أثارت مشاركة طه الدسوقي ردود فعل متباينة.
البعض رأى أنه قدّم عرضًا صادقًا وجريئًا وواقعيًا، ناقش فيه قضايا مهمة في الوسط الفني والإعلامي، بأسلوب ساخر، لكنه غير مبتذل.
البعض الآخر اعتبر سخريته من الصحافة المصرية في جزء من العرض نوعًا من التهكم المبالغ فيه، وأشار إلى أنه لم يكن من اللائق أن تُستغل منصة المهرجان للنيل من الإعلام.
إلا أن الغالبية العظمى من الحضور والمتابعين أجمعت على أن طه الدسوقي أضاف روحًا جديدة ومختلفة لحفل الافتتاح، فبدلًا من المقدمات الرسمية والكلمات التقليدية، جاء العرض مليئًا بالحيوية والصدق والكوميديا المستنيرة.
من هو طه الدسوقي؟ موهبة صاعدة بثقة
طه الدسوقي ليس اسمًا جديدًا تمامًا على الساحة، لكنه في السنوات الأخيرة أصبح واحدًا من أبرز الوجوه الشابة في السينما والدراما المصرية، إلى جانب نشاطه المستمر في تقديم “الستاند أب كوميدي” عبر العروض الحية ومنصات السوشيال ميديا.
تميّز طه بأسلوبه المختلف، الذي يجمع بين العفوية والعمق، حيث لا يكتفي بإلقاء النكات السطحية، بل يستخرج من المواقف اليومية ملاحظات إنسانية وفلسفية، تمتزج بالسخرية لتُحدث أثرًا مزدوجًا: الضحك والتفكير.
مهرجان الجونة يفتح أبوابه أمام أشكال جديدة من التعبير
من خلال مشاركة طه الدسوقي، يمكن القول إن مهرجان الجونة السينمائي بدأ يتجه نحو مرحلة أكثر انفتاحًا على أشكال مختلفة من الفنون المرتبطة بالسينما.
لم يعد الأمر مقتصرًا على الأفلام والعروض فقط، بل أصبح هناك مساحة للأداء المباشر، والحوار الصريح، والتجارب الفنية غير النمطية، في محاولة لجعل المهرجان أكثر قربًا من الجمهور، وأكثر تعبيرًا عن التحولات الثقافية التي يعيشها الجيل الجديد من الفنانين.
رسالة ضمنية من طه الدسوقي: “الفنان مش بس نجم.. هو بني آدم”
ربما الرسالة الأهم التي حاول طه إيصالها من خلال ظهوره، هي أن الفنان ليس مجرد نجم على الشاشة، أو شخصية عامة على السوشيال ميديا، بل هو إنسان حقيقي يحمل في داخله أحلامًا وخيبات، مشاعر وفراغات، يمر بأوقات ضعف، ويحتاج للدعم لا للحُكم الدائم.
وهو بذلك قدّم، بطريقة غير مباشرة، دعوة للتعاطف مع الفنّانين، وفهم التحديات النفسية والاجتماعية التي يعيشونها خلف الكواليس.
مستقبل طه الدسوقي بعد الجونة: ما الذي ينتظره؟
بعد هذا الظهور اللافت في مهرجان بحجم الجونة، من المتوقع أن يحصل طه الدسوقي على مساحات أكبر من التأثير الفني والإعلامي، سواء في السينما أو على مسارح الكوميديا.
نجاحه في الدمج بين “الستاند أب” والفن الراقي يعيد تسليط الضوء على هذا النوع من الأداء الكوميدي الذي كان مهمّشًا في المشهد الثقافي، ويفتح المجال أمام شباب جدد لاقتحام الساحة بروحهم وأصواتهم الخاصة.
ختامًا: الضحك حين يصبح رسالة
فقرة طه الدسوقي لم تكن مجرد لحظات من الضحك في افتتاح مهرجان سينمائي، بل كانت تجربة فنية وإنسانية فريدة، أثبتت أن الكوميديا ليست نقيضًا للجدية، بل قد تكون الطريق الأقصر للوصول إلى قلوب الناس وعقولهم.
طه لم يكتف بأن يضحكنا، بل جعلنا نفكر، نتأمل، وربما نعيد النظر في الصورة النمطية عن الفنان والكوميديان، وعن المهرجان نفسه.
في مهرجان يُكرّم السينما والإنسانية معًا، كان طه الدسوقي أحد أبرز الوجوه التي جمعت بين الاثنين… بضحكة صادقة