المغرب – السابعة الاخبارية
عبد الحليم حافظ، تشهد الساحة الفنية حالة من الجدل المحتدم، بعد إعلان إدارة مهرجان موازين – إيقاعات العالم في المغرب، عن إقامة حفل بتقنية الهولوجرام للفنان الراحل عبد الحليم حافظ، ضمن فعاليات الدورة العشرين للمهرجان، المقامة هذا العام.
ورغم الإعلان الرسمي من إدارة المهرجان، واستعدادها لتقديم العرض مساء اليوم، إلا أن أسرة العندليب أبدت اعتراضها الشديد، مؤكدة أنها لم تُمنح الفرصة للموافقة أو حتى إبداء الرأي، مما اعتبرته تعديًا على حقوقهم الأدبية والقانونية، وهددت باتخاذ إجراءات قضائية ضد القائمين على المهرجان.
عبد الحليم حافظ في أزمة، تفاصيل الحفل المثير للجدل
يعد الحفل المنتظر الذي أعلنت عنه إدارة مهرجان موازين من أكثر الفعاليات المثيرة للجدل هذا العام، إذ اعتمد على فكرة إعادة إحياء صوت وصورة عبد الحليم حافظ من خلال تقنية الهولوجرام، وذلك في محاولة لاستحضار روح “العندليب الأسمر” على المسرح مجددًا، لإرضاء جمهور لا يزال شغوفًا بفنه رغم مرور عقود على وفاته.
وأكد القائمون على المهرجان أن العرض سيكون تجربة بصرية موسيقية غير تقليدية، تمزج بين الأداء الحي والمشهد الافتراضي، دون الاعتماد على مواد أرشيفية أصلية من حفلات الفنان الراحل أو صوره الحقيقية.
اعتراض من أسرة عبد الحليم حافظ
في المقابل، لم تمر هذه الخطوة مرور الكرام على أسرة عبد الحليم حافظ، التي اعتبرت أن ما يحدث هو استغلال غير قانوني لصورة واسم الفنان الراحل دون إذن أو موافقة رسمية.
وفي بيان نشره محمد شبانة، نجل شقيق العندليب والمتحدث باسم الأسرة، وجّه فيه رسالة مباشرة إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس، عبّر فيها عن استيائهم من إقامة هذا الحفل، مشيرًا إلى أنه تم دون علم الأسرة أو أخذ الإذن المسبق منها، ما اعتبره “إساءة لاسم عبد الحليم حافظ وتاريخه الفني”.
كما حذّر محمد شبانة من أن إقامة الحفل دون موافقة الورثة، يُعد خرقًا واضحًا للقوانين المنظمة للحقوق الأدبية، مشددًا على أن الأسرة ستقوم برفع دعوى قضائية ضد إدارة مهرجان موازين، ومطالبة بتعويض مادي وأدبي عمّا وصفه بـ”الاستخدام غير المصرّح به لشخصية فنية خالدة”.
توضيح إدارة مهرجان موازين
وردًا على هذه التصريحات، أصدرت إدارة مهرجان موازين بيانًا توضيحيًا نفت فيه أي مخالفة قانونية، مؤكدة أن العرض لا يعتمد على صورة عبد الحليم الأصلية، ولا على أي تسجيلات أو لقطات حقيقية تخص الفنان.
وأضافت إدارة المهرجان أن الحفل يعتمد على ممثل شبيه يجسد شخصية العندليب على المسرح، في إطار فني بحت، باستخدام الإضاءة والمؤثرات البصرية، وأن العمل لا يقع تحت بند استخدام الملكية الفكرية أو الفنية التي تتطلب موافقة الورثة.
وشدد البيان على أن الغرض من الحفل هو تكريم عبد الحليم حافظ واحتفاء بتاريخ الأغنية العربية، وليس استغلالًا لشخصيته أو إرثه الفني، داعية إلى التفريق بين العمل التكريمي والاقتباس التجاري أو التربحي.
موقف قانوني متصاعد
لكنّ هذا التوضيح لم يهدئ من حدة الأزمة، إذ أصرّت أسرة عبد الحليم حافظ على موقفها القانوني، معتبرة أن الشبه الجسدي أو التمثيل الفني لا يعفي من المسؤولية الأدبية، خاصة وأن الجمهور سيُوهم بأنه يرى “عبد الحليم الحقيقي”، مما يضر بصورة الفنان ويخل بحقوق الورثة.
وأكد محمد شبانة في تصريحات صحفية لـ”القاهرة 24” أن الأسرة تمضي في رفع دعوى قضائية ضد إدارة مهرجان موازين، للمطالبة بتعويض مادي وأدبي، وقال:
“هنرفع عليهم قضية، لأنهم هيعملوا الحفلة غصب عنّا. الحفل ده فيه إساءة لاستخدام اسم عبد الحليم حافظ، وتم بدون أي تصريح، وإحنا مش هنسكت”.
وأضاف أن الأسرة كانت منفتحة على التعاون في حال تم التواصل معها، لكن ما حدث يمثل تجاهلاً متعمدًا لحقوقهم، وهو ما لن يمر دون محاسبة قانونية، على حد تعبيره.
أزمة تتكرر في الوسط الفني
وتعيد هذه الأزمة إلى الأذهان الجدل الواسع حول حفلات الهولوجرام التي أُقيمت في السنوات الأخيرة، مثل تلك التي أُعيد فيها تقديم حفلات لأم كلثوم أو وديع الصافي، حيث تباينت الآراء ما بين مؤيد يراها وسيلة لإحياء التراث، ومعارض يعتبرها استغلالاً فنيًا بلا ضوابط واضحة.
ويفتح هذا الملف الباب مجددًا أمام التساؤلات القانونية والأخلاقية بشأن ملكية الفنانين بعد وفاتهم، خاصة مع دخول التكنولوجيا الحديثة على خط العروض الفنية، وما تفرضه من تحديات على مفاهيم الحق الأدبي والرقابة.
بين سعي مهرجان موازين لتقديم عرض فني متطور ومثير، ورفض أسرة عبد الحليم حافظ لما اعتبروه تجاوزًا قانونيًا وأخلاقيًا، يقف الجمهور حائرًا في أزمة تمزج الفن بالتقنية بالقانون. فهل يمكن فعلاً إعادة “العندليب” إلى المسرح عبر صورة افتراضية دون موافقة ورثته؟ أم أن ذلك يعد انتهاكًا لإرث فني لا يزال ينبض في وجدان الملايين؟
الأيام القادمة وحدها كفيلة بحسم هذا الجدل، سواء عبر ساحات المحاكم أو مواقف الرأي العام.