باريس – السابعة الاخبارية
عثمان ديمبلي، تُوج الفرنسي عثمان ديمبلي، نجم باريس سان جيرمان، بجائزة الكرة الذهبية 2025، التي قدمتها مجلة “فرانس فوتبول” بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، في حفلٍ أُقيم مساء اليوم الإثنين في العاصمة الفرنسية باريس.
وتسلّم ديمبلي الجائزة الأغلى في العالم من يد الأسطورة البرازيلية رونالدينيو، في لحظةٍ طالما انتظرها، وأكد بها أنه تجاوز مرحلة “الموهبة الواعدة” ليتحوّل إلى “نجم عالمي” و”أفضل لاعب في العالم”.
تفوق ديمبلي على نخبة من النجوم الكبار، أبرزهم الإسباني الشاب لامين يامال، والبرتغالي فيتينيا، والمصري محمد صلاح، والبرازيلي رافينيا، ليكون أول لاعب فرنسي يتوّج بالجائزة منذ كريم بنزيما في 2022.
في هذا التقرير، نستعرض الأسباب الفنية والرقمية والذهنية التي جعلت ديمبلي يتربع على عرش الكرة العالمية هذا العام.
عثمان ديمبلي من القاع لحصد الذهب
1. الأداء الفردي: نسخة كاملة من ديمبلي
مراوغات قاتلة ولمسة حاسمة
هذا الموسم، ظهر عثمان ديمبلي بنسخة مختلفة كليًا. لم يكن مجرد لاعب سريع ومراوغ، بل كان “مُنتِجًا” في كل مباراة. تمريراته الحاسمة كانت حاضرة، أهدافه جاءت في الوقت المناسب، وتأثيره أصبح ملموسًا على كل هجمة لفريقه.
اعتمد سان جيرمان كثيرًا على انطلاقاته على الرواق الأيمن، وكان هو نقطة التحول التي تُربك أي دفاع. لم يعد ديمبلي لاعبًا مزاجيًا كما في السابق، بل تطوّر وأصبح صانع فرص حقيقي، يتحكم في إيقاع المباراة.
ثبات المستوى من أغسطس إلى مايو
المشكلة الأكبر في مسيرة ديمبلي سابقًا كانت “عدم الاستمرارية”. لكن هذا الموسم، تغلب على ذلك كليًا. من أول مباراة في الدوري الفرنسي وحتى نهائي دوري الأبطال، كان حاضرًا ذهنيًا وفنيًا، مؤثرًا في النتائج، وصاحب حضور حاسم.
2. مساهمات حاسمة في الألقاب
بطل دوري أبطال أوروبا لأول مرة
اللقب الذي غيّر كل شيء هو دوري أبطال أوروبا. للمرة الأولى في تاريخ باريس سان جيرمان، توّج الفريق الفرنسي بالبطولة القارية الأغلى، وكان ديمبلي واحدًا من نجوم البطولة دون منازع.
سجّل أهدافًا حاسمة، أبرزها هدف الافتتاح في نصف النهائي أمام مانشستر سيتي، كما صنع هدف الفوز في النهائي أمام ريال مدريد. لم تكن مجرد مساهمات عادية، بل لحظات غيّرت تاريخ نادٍ بأكمله.
حسم الدوري المحلي والكأس
لم يكتفِ ديمبلي بدوري الأبطال، بل شارك أيضًا في فوز فريقه بـالدوري الفرنسي وكأس فرنسا، ليُكمل ثلاثية محلية-قارية تُعد نادرة في تاريخ النادي. شارك بشكل مباشر في 32 هدفًا بين تسجيل وصناعة في البطولات المحلية، وأظهر أنه قائد هجومي حقيقي.
3. التفوق على المنافسين في اللحظات الحاسمة
المقارنة مع لامين يامال ومحمد صلاح
لامين يامال قدّم موسمًا مذهلًا مع برشلونة، لكنه لا يمتلك نفس عدد الألقاب الجماعية أو التأثير الحاسم في دوري الأبطال. محمد صلاح، من جهته، كان حاسمًا مع ليفربول، لكن موسم فريقه لم يكن قويًا أوروبيًا، مما قلّل من حظوظه.
أما ديمبلي، فجمع بين الأداء الفردي، التأثير الحاسم، والبطولات الكبرى — وهي الثلاثية التي تُرجّح كفة أي لاعب في جائزة مثل الكرة الذهبية.
4. التحوّل الذهني والنضج الشخصي
ديمبلي الناضج: لم يعد اللاعب غير المنضبط
طوال السنوات الماضية، تعرّض ديمبلي لانتقادات كثيرة بسبب تأخّره عن التدريبات، أو الإصابات المتكررة الناتجة عن قلة الالتزام. لكن هذا الموسم، بدا واضحًا أن اللاعب قد تغيّر.
كان ملتزمًا، مركزًا، بعيدًا عن الإعلام والصراعات الجانبية، يردّ داخل الملعب فقط. هذا التحول الذهني الكبير لعب دورًا جوهريًا في تطوره كلاعب، وجعله قادرًا على قيادة فريقه لتحقيق المجد الأوروبي.
التطور التكتيكي مع لويس إنريكي
مدربه لويس إنريكي أعاد توجيه ديمبلي داخل الملعب. جعله يلعب أحيانًا كجناح حر، وأحيانًا كرأس حربة وهمي، ما أتاح له مساحات أكبر، وزاد من خطورته. تعامل ديمبلي بمرونة تكتيكية عالية، وكان لاعبًا متعدد الأدوار دون أن يفقد تأثيره.
5. لغة الأرقام لا تكذب
20+ هدفًا و25+ تمريرة حاسمة
أرقام ديمبلي هذا الموسم كانت لافتة جدًا. سجّل أكثر من 20 هدفًا في مختلف المسابقات، وصنع أكثر من 25 تمريرة حاسمة — ليكون أحد أكثر اللاعبين مساهمة في الأهداف على مستوى أوروبا.
في دوري الأبطال وحده، سجّل 6 أهداف وصنع 5، وكان من بين الثلاثة الأوائل في المراوغات الناجحة، وصناعة الفرص المفتاحية.
تأثيره الهجومي المباشر
80% من أهداف باريس سان جيرمان هذا الموسم في دوري الأبطال بدأت من ديمبلي، سواء بمراوغة، تمريرة أولى، أو صناعة مباشرة. رقميًا، هو اللاعب الذي لا يمكن الاستغناء عنه في خطة الفريق.
6. تتويج مستحق في توقيت مثالي
اللحظة المناسبة بعد مسيرة متقلبة
ديمبلي عانى كثيرًا في برشلونة بسبب الإصابات والتذبذب. لكن انتقاله إلى باريس سان جيرمان كان بمثابة ولادة جديدة. كان بحاجة إلى موسم كبير لتأكيد أحقيته بأن يكون من بين نخبة لاعبي العالم، وقد حقق ذلك وبشكل استثنائي.
الفوز بالكرة الذهبية في سن 28 هو تتويج لكل الجهود، وصبر طويل من اللاعب والجمهور على حدٍ سواء.
7. الجوائز الجماعية.. تكرار هيمنة سان جيرمان
أفضل نادٍ ومدرب وحارس
لم يكن ديمبلي وحده هو المتوج هذا الموسم. ناديه باريس سان جيرمان نال جائزة أفضل نادٍ في العالم، ومدربه لويس إنريكي نال أفضل مدرب، وزميله السابق دوناروما نال أفضل حارس.
هذا الحضور الجماعي القوي ساهم في تعزيز فرصة ديمبلي، وجعل صورته الفردية جزءًا من نجاح جماعي كبير.
8. رسالة الفوز.. من موهبة مهددة إلى أسطورة حقيقية
مثال للعودة والتطور
قصة ديمبلي هي قصة “عودة”. كثيرون ظنوا أن إصاباته ستُنهي مسيرته الكبرى، أو أن سلوكه سيحرمه من الوصول للقمة. لكنه عاد، تطوّر، التزم، وسجّل، وصنع، وحصد كل شيء.
فوزه اليوم هو رسالة لكل لاعب يمر بمرحلة شك: الموهبة تصمد، لكن الالتزام والتطوّر هما من يصنعان التاريخ.
خاتمة: الكرة الذهبية استقرت في المكان الصحيح
عثمان ديمبلي لم يحصل على الكرة الذهبية صدفة، بل عن استحقاق واضح. من حيث الأداء، البطولات، الأرقام، الحسم، التطوّر، والانضباط، لا أحد ينافسه هذا الموسم.
تتويجه اليوم يضعه بين عظماء اللعبة، ويُكرّس اسمه كأحد أبرز نجوم العقد. ويبقى السؤال: هل سيحافظ على هذا المستوى في السنوات القادمة؟ أم تكون هذه القمة بداية لحقبة جديدة من المجد الفرنسي؟