أستراليا – السابعة الإخبارية
الشمس.. يترقب ملايين من عشاق الظواهر الفلكية حول العالم حدثًا سماويًا نادرًا، يتمثل في كسوف جزئي للشمس سيحدث يوم 21 سبتمبر / أيلول 2025، حيث يُتوقع أن يظهر القمر وكأنه يأخذ “عضة” من قرص الشمس في مشهد بصري مدهش لا يتكرر كثيرًا بهذا الشكل الجغرافي.
لكن هذا الحدث الجميل لن يكون متاحًا للمشاهدة من معظم دول العالم، حيث سيقتصر ظهوره على نطاق جغرافي ضيق، يضم أجزاءً من نصف الكرة الجنوبي، بما فيها نيوزيلندا، والجزء الشرقي من أستراليا، وعدد من جزر المحيط الهادئ، إضافة إلى مناطق من القارة القطبية الجنوبية.
رؤية محدودة.. و16.6 مليون مشاهد فقط
وبحسب بيانات نشرها موقع “Time and Date” المتخصص في الظواهر الفلكية، فإن حوالي 16.6 مليون شخص فقط — أي ما يعادل 0.2% من سكان الأرض — سيتمكنون من رؤية هذا الكسوف بالعين المجردة، مما يجعله أحد أكثر الكسوفات الشمسية ندرة من حيث عدد الشهود المباشرين.
وسيبقى سكان مناطق واسعة من العالم، مثل الأمريكتين، أوروبا، وغرب آسيا، محرومين من مشاهدة الكسوف هذه المرة، ما يزيد من خصوصية الحدث بالنسبة للمناطق التي تقع ضمن نطاق الرؤية.

التوقيت والزمن المتوقع
سيبدأ الكسوف في تمام 1:29 ظهرًا بتوقيت شرق الولايات المتحدة (أي 5:29 مساءً بتوقيت غرينتش)، ويستمر تدريجيًا حتى يبلغ ذروته عند 3:41 عصرًا بتوقيت شرق الولايات المتحدة (7:41 مساءً بتوقيت غرينتش).
وخلال الذروة، يُتوقع أن يحجب القمر ما يزيد عن 70% من قرص الشمس في بعض المناطق، خاصة في الأجزاء الجنوبية من نيوزيلندا، ما يمنح المشاهدين تجربة بصرية آسرة، وإن كانت قصيرة المدى.
البث المباشر.. فرصة للجميع لمشاهدة الحدث
ورغم أن الغالبية العظمى من سكان العالم لن يتمكنوا من متابعة الكسوف بشكل مباشر، فإن الفرصة ستكون متاحة أمام الجميع بفضل التكنولوجيا، حيث أعلن موقع “Space.com” عن نيّته بث الحدث مباشرة عبر الإنترنت، إلى جانب تقديم مدونة حية تتابع تطورات الكسوف لحظة بلحظة، مما يمنح المهتمين فرصة نادرة لمتابعة المشهد من أي مكان في العالم.
تحذيرات صحية: لا تنظر إلى الشمس مباشرة
وكما هو الحال مع جميع أنواع الكسوف الشمسي، وجّه الخبراء تحذيرات شديدة بعدم النظر مباشرة إلى الشمس أثناء الكسوف دون استخدام معدات الحماية المخصصة، وعلى رأسها نظارات الكسوف المعتمدة أو المرشحات الشمسية الخاصة بالكاميرات.
وأكدت منظمات فلكية وصحية أن تجاهل هذه الإرشادات قد يؤدي إلى ضرر دائم في شبكية العين، مشيرة إلى أن النظارات الشمسية العادية لا توفر الحماية الكافية على الإطلاق.

لعشّاق التصوير.. كيف توثق الكسوف بأمان؟
أما بالنسبة للمصورين ومحبي توثيق الأحداث السماوية، فإن الفرصة سانحة لالتقاط صور مميزة للكسوف الجزئي، شريطة اتباع التعليمات الخاصة بالسلامة.
يوصي خبراء التصوير الفلكي باستخدام:
فلاتر شمسية مخصصة للكاميرات
حوامل ثلاثية لتثبيت الكاميرا
إعدادات خاصة لضبط سرعة الغالق ومستوى التعريض
كما يُفضّل إجراء تجارب تصوير مسبقة لضبط المعدات، وتجنّب أي مفاجآت أثناء الحدث الفعلي.
من الأساطير إلى العلم: كيف نظر الإنسان للكسوف؟
لطالما أثار كسوف الشمس فضول الإنسان، منذ العصور القديمة وحتى يومنا هذا. ففي العصور الوسطى، كان يُنظر إلى الكسوف على أنه نذير شؤم أو علامة على غضب الآلهة، وغالبًا ما ارتبطت به أحداث سياسية واجتماعية مثيرة للقلق.
أما في العصر الحديث، فقد تحول الكسوف إلى فرصة علمية وتعليمية، يُستخدم فيها لفهم سلوك الشمس والغلاف الجوي الأرضي، بل وحتى لاختبار النظريات الفيزيائية — كما حدث خلال كسوف 1919 الذي استُخدم لتأكيد نظرية النسبية لأينشتاين.

حدث نادر.. ورسالة من الكون
الكسوف الجزئي المتوقع يوم 21 سبتمبر 2025 ليس مجرد مشهد بصري فريد، بل هو أيضًا تذكير بجمال الكون، وانتظامه، ودقّته في الحسابات الفلكية، التي تجعل مثل هذه الظواهر قابلة للتنبؤ لعقود أو حتى قرون مقبلة.
وبينما يتهيأ الملايين حول العالم لمتابعة هذا الحدث سواء بشكل مباشر أو عبر البث المباشر، يظل الدرس الأهم هو أن الفضاء لا يزال يخبّئ لنا الكثير من المفاجآت واللحظات الساحرة، التي تربط بين العلم والدهشة، بين العقل والعين، في مشهد لا يُنسى.
وبينما يتهيأ الملايين حول العالم لمتابعة هذا الحدث سواء بشكل مباشر أو عبر البث المباشر، يظل الدرس الأهم هو أن الفضاء لا يزال يخبّئ لنا الكثير من المفاجآت واللحظات الساحرة، التي تربط بين العلم والدهشة، بين العقل والعين، في مشهد لا يُنسى.