الشارقة – السابعة الاخبارية
مهرجان الشارقة القرائي للطفل، أكدت مجموعة من الكاتبات والمتخصصات في مجال أدب الطفل أهمية تطوير أساليب التعليم والتواصل مع الأجيال الجديدة، مشيرات إلى أن الأطفال اليوم يحتاجون إلى طرق حديثة تعتمد على التفاعل والمرافقة المستمرة، بدلاً من الاكتفاء بتقديم المعلومات الجاهزة أو التعليم التقليدي القائم على التلقين.
جاء ذلك ضمن ندوة فكرية عقدت تحت عنوان “عقول صغيرة.. أحلام كبيرة”، ضمن فعاليات الدورة السادسة عشرة من مهرجان الشارقة القرائي للطفل، والذي يُعد من أبرز الفعاليات الثقافية المتخصصة في أدب الطفل على مستوى المنطقة. وقد جمعت الندوة أصواتًا من ثقافات وتجارب مختلفة، قدمت رؤى متنوعة حول كيفية مخاطبة الطفل في العصر الحديث.
وشاركت في الندوة الكاتبة والقاصة الإماراتية إيمان اليوسف، التي أكدت أن الطفل المعاصر يملك أدوات معرفية وتقنية متقدمة تتطلب من المؤلفين والمربين مواكبة هذا التطور. ودعت إلى إعادة النظر في الخطاب التربوي الموجَّه للأطفال ليكون أكثر تحفيزًا للتفكير وأقرب إلى عالمهم اليومي.
تفاعل وتواصل مستمر: أساليب جديدة في تعليم الأطفال وتعزيز فضولهم
ومن جانبها، تحدثت الباحثة الليبية آمال محمد إبراهيم الهنقاري، المتخصصة في حقوق الطفل والإبداع الطفولي، عن أهمية أن يشعر الطفل بالتمكين في بيئته الثقافية، وأن يكون طرفًا فاعلًا في العملية التعليمية، لا مجرد متلقٍ. كما شددت على ضرورة أن تنطلق مناهج التعليم من واقع الطفل العربي وتطلعاته، مع التركيز على الجوانب النفسية والمعرفية في آنٍ واحد.
وفي السياق نفسه، قدّمت الكاتبة والرسامة الصينية شين لي، الحائزة على جائزة بارنز آند نوبل لأفضل كتاب مصور للأطفال والشباب لعام 2024 عن عملها “عشت في بطن الحوت”، مداخلة حول تجاربها في تحويل القصص إلى تجارب بصرية تحفّز الخيال وتدعو للتأمل، معتبرة أن الصورة باتت تلعب دورًا جوهريًا في التواصل مع الطفل في عصر السرعة والتكنولوجيا.
الندوة التي جمعت ثلاث تجارب نسائية من الإمارات وليبيا والصين، أكدت أن الطفل لم يعد ذاك المتلقي البسيط، بل أصبح يمتلك تطلعات كبيرة وأسئلة عميقة تحتاج إلى من يستمع إليها ويتعامل معها بجدية. وقدّم النقاش دعوة صريحة لإعادة تشكيل العلاقة بين الطفل والمحتوى الثقافي والمعرفي.
كما تناولت المشاركات في الندوة أهمية خلق بيئة داعمة للإبداع في المدارس والمنازل، بحيث يُمنح الطفل مساحة للتجريب والتعبير، بعيدًا عن الأحكام المسبقة والقيود التي تكبّل خياله. وشددن على أن تعزيز ثقة الطفل بنفسه هو المدخل الأول لبناء شخصيته وتمكينه من أدوات المستقبل.
وتطرقت النقاشات إلى مسؤولية الكتّاب وصنّاع المحتوى الموجَّه للطفل، خاصة في ظل تسارع وسائل الإعلام والتكنولوجيا، حيث أصبح الطفل عرضة لمضامين متنوعة ومتباينة في جودتها وأهدافها. وأكدت المشاركات ضرورة تقديم محتوى مدروس وهادف يراعي القيم الإنسانية ويحترم عقل الطفل.
واختتمت الندوة بتأكيد على أن بناء الطفل المثقف يبدأ من فهم عالمه واحترام فضوله، وأن التربية المعاصرة بحاجة إلى تطوير دائم يتماشى مع المتغيرات، مع الإبقاء على جوهر الرسالة التربوية التي تسعى لبناء إنسان متوازن، مبدع، ومحب للمعرفة.