القاهرة – السابعة الاخبارية
عماد محرم، في فجر يوم الأربعاء 25 يونيو 2025، غيب الموت الفنان القدير عماد محرم عن عمر يناهز 74 عامًا، بعد صراع طويل مع المرض. رحل أحد أبرز نجوم السينما المصرية الذي ارتبط به الجمهور منذ عقود طويلة، حيث كان له حضور خاص في قلوب محبيه، سواء من خلال أدوار الشر التي اشتهر بها أو من خلال الشخصية الطيبة التي أجاد تجسيدها بأسلوبه الفريد.
عماد محرم بداية الرحلة الفنية
وُلد عماد محرم في عام 1951، وبدايته الفنية كانت في السبعينيات، لكنه حقق انطلاقته الحقيقية في الثمانينيات، حيث اكتشفه الجمهور على الشاشة وأصبح أحد الوجوه السينمائية التي لا يمكن نسيانها. بدأ مشواره في عالم الفن عبر بعض الأعمال الصغيرة، إلا أن النجاح الأكبر كان في تلك الفترة التي تميزت بأفلام السينما المصرية الذهبية. فقد أثبت عماد محرم بسرعة أنه قادر على تقديم أدوار تتراوح بين الجدية والكوميديا، وهو ما جعله يحقق شهرة واسعة خلال فترة قصيرة.
الشرير الطيب: أداء مميز وموهبة استثنائية
اشتهر الراحل بقدرته الفائقة على تجسيد أدوار الشر، حيث كان يقدم شخصيات “الشرير الطيب” بأسلوب مميز، يجمع بين القسوة والهدوء، وبين الحزم وخفة الظل. واحدة من أشهر أدواره كانت في فيلم “العفاريت” (1989)، حيث جسد شخصية “شمندي”، أحد رجال العصابات الذين يخطفون الأنظار رغم قسوتهم. تمكن محرم من تقديم هذا الدور بطريقة جعلت شخصيته راسخة في أذهان الجمهور، بل واستمروا في ترديد عباراته الشهيرة لأعوام طويلة بعد عرض الفيلم.
وبجانب هذا الفيلم، كان له العديد من المشاركات المميزة في السينما المصرية. فقد قدّم أدوارًا لا تُنسى في
أفلام مثل “حتى لا يطير الدخان” و”الراقصة والسياسي” و”الغول”، حيث أثبت قدرته على التنقل بين الأدوار المختلفة، من الشرير إلى الرجل الطيب، وهو ما جعل له مكانة فريدة في قلب الجمهور. كما كان له حضور قوي في العديد من المسلسلات التليفزيونية التي تركت أيضًا بصمات مميزة في ذاكرتهم.
التزامه الفني وابتعاده عن الصراعات
عرف عن عماد محرم التزامه الفني الشديد، حيث كان دائمًا ما يقدم أدواره باحترافية عالية، متجنبا أي نوع من أنواع الصراعات أو الجدل. كان دائمًا بعيدًا عن الأضواء الإعلامية، وهو ما جعل حياته الخاصة بعيدة عن ضجيج الشهرة. ورغم أنه كان أحد أبرز نجوم السينما، فقد حرص على الحفاظ على أخلاقه الطيبة وهدوئه، وهو ما أكده محبوه وأقاربه عقب وفاته.
وفي نعيه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كتب أحد أفراد أسرته: “رحل رجل من أطيب من عرفت، جزاه الله خير الجزاء”، ليؤكد على الشخصية الطيبة والنبيلة التي كان يتحلى بها، وهو ما جعل الجميع يُشيدون بأخلاقه بعيدًا عن الأضواء.
الوفاة والوداع الأخير
شيع جثمان الفنان الراحل ظهر اليوم من مسجد الشرطة بمدينة الشيخ زايد، حيث أقيمت صلاة الجنازة وسط حضور محدود من الأهل والأصدقاء المقربين. وكان الحزن واضحًا على وجوه محبيه، الذين عبروا عن أسفهم العميق على رحيله. تم دفنه في مقابر الأسرة، ليودعه جمهور واسع محب له، ووسط أجواء من الحزن العميق في وداعه الأخير.
بصمة لا تُنسى في ذاكرة السينما المصرية
رحيل عماد محرم يمثل خسارة كبيرة للسينما المصرية، إذ كان واحدًا من أبرز النجوم الذين تركوا بصمة واضحة في تاريخ الفن المصري. فقد كانت أدواره تُشكّل إضافة مهمة للأفلام التي شارك فيها، سواء في السينما أو التليفزيون، حيث استطاع أن يُقدّم نماذج من الشخصيات التي لا يمكن نسيانها بسهولة.
ولعل من أبرز ما يُميز أعماله هو تنوع الشخصيات التي قدمها، فقد استطاع أن يتنقل ببراعة بين الشخصيات الطيبة والشريرة، ليُثبت بذلك مدى قدرته على التكيف مع مختلف الأدوار. وبالرغم من قلة ظهوره في السنوات الأخيرة، إلا أن أعماله القديمة ما زالت تُعرض على الشاشات ويشاهدها جيل جديد من المشاهدين الذين يُقدرون موهبته، ما يضمن له مكانًا ثابتًا في ذاكرة الفن المصري.
ذكراه باقية في قلوب جمهور السينما
وبوفاة عماد محرم، تخسر السينما المصرية أحد نجومها الذين كانوا يتمتعون بشعبية كبيرة، ويُذكر دائمًا بالأدوار التي قدّمها في فترة الثمانينات والتسعينات وبدايات الألفية الجديدة. لكن في الوقت نفسه، سيظل اسمه حاضرًا في أفلامه وأدواره التي لا تُنسى، التي صنعها بموهبته المميزة وأدائه الفريد.
عُرف الفنان الراحل بلقب “الشرير الطيب”، هذا اللقب الذي ناله بفضل قدرته الفائقة على تقديم أدوار تحمل في طياتها التناقضات بين القسوة والرحمة، وبين الجدية والإنسانية. ورغم رحيله، سيظل عماد محرم حاضرًا في قلوب جمهوره وفي ذاكرة السينما المصرية.
رحل عماد محرم، ولكن أعماله ستظل تعيش، ليظل واحدًا من أبرز الفنانين الذين ساهموا في تشكيل وجدان السينما المصرية، ويترك وراءه إرثًا فنيًا عميقًا لا يُنسى.