لبنان – السابعة الاخبارية
فضل شاكر، في تطور قانوني مفاجئ طال انتظاره لسنوات، يمثل الفنان اللبناني فضل شاكر صباح الثلاثاء 7 أكتوبر 2025، أمام القضاء اللبناني، وذلك بعد أن قام بتسليم نفسه طوعًا مساء السبت 4 أكتوبر، عند حاجز الحسبة على مدخل مخيم عين الحلوة في مدينة صيدا جنوبي لبنان.
فضل شاكر، الذي ارتبط اسمه طوال أكثر من عقد بقضية أحداث عبرا وتهم تتعلق بالإرهاب، بات اليوم على موعد مع محاكمة علنية أمام القضاء، لتبت المحكمة العسكرية اللبنانية بمصيره، بعد أن سقطت الأحكام الغيابية الصادرة بحقه قانونًا، وفق ما ينص عليه النظام القضائي اللبناني.
فضل شاكر.. تسليم طوعي يعيد القضية إلى الواجهة
خطوة تسليم فضل شاكر نفسه لم تكن متوقعة بهذا التوقيت، لكنها جاءت كعلامة فارقة في قضيته، إذ يُعتبر التسليم الطوعي بمثابة اعتراف ضمني بالثقة في القضاء، ويُسقط قانونًا الأحكام الغيابية السابقة الصادرة ضده، ليتاح له الخضوع لمحاكمة جديدة، تستند إلى التحقيقات الحالية والدفاع المباشر أمام القضاة.
وقد تم نقل فضل شاكر فور تسليمه إلى وزارة الدفاع في منطقة بعبدا، حيث تم فتح تحقيق بإشراف مباشر من مدعي عام بيروت، الذي استمع إلى إفادته بالكامل، وحررها تمهيدًا لعرضها على المحكمة.
التهم الموجهة إليه: ما بين الإرهاب وتبييض الأموال
رغم حصوله سابقًا على براءة من التهم المرتبطة بأحداث عبرا، فإن فضل شاكر لا يزال يواجه عدة تهم جديدة أو معلّقة تعود إلى سنوات سابقة، وتشمل:
- الاشتراك في أعمال جنائية ارتكبها إرهابيون.
- تمويل جماعة الشيخ أحمد الأسير المسلحة، والإنفاق على أفرادها.
- تأمين ثمن أسلحة وذخائر حربية.
- تشكيل عصابات مسلحة، والقيام بأعمال إرهابية.
- سلب أموال الناس، وتبييض الأموال، والاحتيال المالي.
هذه التهم، وعلى الرغم من خطورتها، فإن موقف فضل شاكر القانوني لم يُحسم بعد، خصوصًا أن بعضها مبني على قرائن وأدلة لم تُقدَّم بشكل قاطع في المحاكم السابقة، إضافة إلى شهادة الشهود الذين لم يربطوا اسمه مباشرة بالأحداث التي أدين بها غيره.
أحكام سابقة سقطت قانونيًا
قبل تسليم نفسه، كان الفنان اللبناني فضل شاكر يواجه عدة أحكام غيابية، أبرزها:
- حكم بالسجن 15 عامًا مع الأشغال الشاقة عام 2017، صادر عن المحكمة العسكرية، يتضمن تجريده من الحقوق المدنية، وتغريمه نحو 800 ألف ليرة لبنانية.
- حكم بالسجن والغرامة في قضية منفصلة تتعلق بالتهجّم على دولة شقيقة (سوريا)، استنادًا إلى تصريحات تلفزيونية سابقة.
- وفي المقابل، صدر بحقه حكم بالبراءة عام 2018 من تهمة قتل أفراد من الجيش اللبناني خلال أحداث معركة عبرا، بعد أن أكدت المحكمة العسكرية عدم وجود أي دليل يربطه مباشرة بالمعركة.
وقد أُعيدت دراسة هذه الأحكام بناء على تسليم فضل نفسه، حيث يُعاد محاكمته من الصفر في كافة القضايا التي صدرت فيها أحكام غيابية، وذلك التزامًا بمبدأ “حق الدفاع والمحاكمة العادلة”.
ماذا سيحدث في جلسة الثلاثاء؟
من المنتظر أن تشهد جلسة الثلاثاء، التي تُعقد في المحكمة العسكرية اللبنانية، أول مثول رسمي لفضل شاكر أمام القاضي، حيث سيتم:
- تلاوة لائحة التهم الرسمية من قبل النيابة العامة.
- تقديم دفوع شكلية وأولية من قبل فريق الدفاع، الذي تقوده المحامية الدكتورة أماتا مبارك وفريقها القانوني.
- الاستناد إلى حكم البراءة السابق في قضية أحداث عبرا.
- تقديم أدلة تفنيد التهم الموجهة إليه في الملفات الأخرى، سواء من خلال شهود أو مستندات تثبت عدم ارتباطه المباشر بالأفعال المنسوبة إليه.
وفي حال قرر القاضي أن القضية تحتاج إلى مزيد من التعمّق، فقد يُصار إلى تأجيل الجلسة لتحديد موعد لاحق لمرافعة الدفاع، أو استكمال التحقيقات.
احتمالات الحكم والسيناريوهات القانونية المحتملة
في ظل الطبيعة المعقدة لملفات فضل شاكر، هناك عدة سيناريوهات قانونية مطروحة بعد جلسة الثلاثاء:
- إصدار حكم فوري بالبراءة أو الإدانة إذا اعتبر القاضي أن الأدلة كافية.
- تأجيل النطق بالحكم لموعد لاحق بعد استكمال تقديم دفوع الدفاع والردود القضائية.
- إخلاء سبيل مؤقت ريثما تستكمل الجلسات، وهو إجراء قانوني متاح في مثل هذه القضايا، ويمكن أن يتم بطلب من فريق الدفاع.
- تمييز الحكم في حال صدر بالإدانة، سواء من قبل فضل شاكر أو من قبل النيابة العامة.
- نقض الحكم أمام محكمة التمييز العسكرية، في حال تبين وجود خلل إجرائي أو عدم كفاية الأدلة.
ومن المهم الإشارة إلى أن جميع الأحكام الصادرة قابلة للاستئناف أو التمييز، ما يجعل القضية قابلة للتطور على مدار الأشهر القادمة، سواء باتجاه البراءة التامة أو الحكم النهائي بالإدانة.
فضل شاكر: من نجم الغناء إلى متهم ثم عائد محتمل
يبقى اسم فضل شاكر مثيرًا للجدل في الأوساط الفنية والاجتماعية، فمن نجم غنائي ساطع في الوطن العربي، إلى متّهم بقضايا أمنية، إلى رجل يظهر اليوم أمام القضاء في محاولة لاستعادة اسمه ومسيرته.
ورغم كل الجدل الذي أحاط باسمه في السنوات الماضية، فإن هناك شريحة كبيرة من جمهوره لا تزال متمسكة بحبها له، وتترقب ما ستؤول إليه قضيته، على أمل أن يعود إلى الساحة الفنية إذا ما صدر حكم نهائي ببراءته أو إخلاء سبيله.
يُذكر أن فضل شاكر كان قد حاول في السنوات الأخيرة العودة إلى الغناء تدريجياً عبر بعض الإصدارات التي نشرها على يوتيوب، وحققت ملايين المشاهدات، لكنه ظل محاصرًا قانونيًا ولم يتمكن من الظهور الإعلامي أو إقامة حفلات.
رسائل ضمنية من تسليم النفس
قرار فضل شاكر تسليم نفسه لا يمكن قراءته فقط من الزاوية القانونية، بل يعكس أيضًا تحولاً في موقفه الذاتي والنفسي من القضية، إذ يرى كثيرون أن هذا القرار قد يكون:
- محاولة لإغلاق صفحة الماضي وبدء مرحلة جديدة.
- رغبة في إثبات البراءة أمام الرأي العام، وليس فقط في أوراق المحكمة.
- خطوة محسوبة لتصحيح المسار الشخصي والفني بعد سنوات من الانعزال والتوتر القانوني.
ختامًا: هل يعود فضل شاكر حرًّا؟
مع انطلاق جلسات محاكمته، يقف فضل شاكر اليوم أمام أهم مفترق طرق في حياته. ما بين حكم محتمل بالبراءة قد يفتح أمامه باب العودة إلى الفن، وحكم بالإدانة قد يُبقيه خلف القضبان لسنوات.
الجمهور اللبناني والعربي يراقب القضية عن كثب، بانتظار ما ستقرره المحكمة العسكرية اللبنانية، التي يقع على عاتقها مسؤولية إصدار حكم عادل، يوازن بين العدالة الجنائية وحق الإنسان في المحاكمة العادلة.
وفي النهاية، سواء خرج فضل شاكر من المحكمة حرًا أم لا، فإن هذه المحاكمة ستكون علامة فارقة في التاريخ الفني والقانوني المعاصر في لبنان، ورسالة بأن لا أحد فوق القانون، وأن الطريق إلى الحقيقة يبدأ دائمًا من باب القضاء.