لبنان – السابعة الاخبارية
فضل شاكر، حدد قاضي المحكمة العسكرية اللبنانية، العميد بسام فياض، حدَّد يوم الثالث من فبراير 2026 موعدًا للجلسة المقبلة في محاكمة الفنان اللبناني الشهير فضل شاكر. هذا التحديد جاء بعد أن تقدَّمت وكيلة الدفاع المحامية أماتا مبارك اليوم الثلاثاء، بطلب استمهال من القاضي للاطلاع على كامل ملفات القضايا المنسوبة إلى موكلها، وذلك تمهيدًا لتحضير دفاع مضاد يسعى إلى تقديم كافة الحجج القانونية والوثائق ذات الصلة.
فضل شاكر في قفص الاتهام.. التهم الموجهة إليه
يواجه فضل شاكر أربع تهم خطيرة أمام القضاء العسكري اللبناني. التهمة الأولى تتعلق بـ الانتماء إلى تنظيم مسلح، والثانية هو تمويل هذا التنظيم، الذي يُعرف بـ «مجموعة الشيخ أحمد الأسير». التهمة الثالثة تتعلق بـ حيازة أسلحة غير مرخّصة، في حين أن التهمة الرابعة هي النيل من سلطة الدولة وهيبتها. هذه التهم تجعل من ملف شاكر محاكمة معقدة، تجمع بين قضايا أمنية ومالية وجنائية، مما يزيد من حساسية القضية أمام القضاء.

ماضي النزاع: من الأحداث إلى البراءة السابقة
لم يكن هذا هو المحكّم الأول بين فضل شاكر والدولة. ففي عام 2018، أُعلنت براءته من تهم القتل والمشاركة في قتال مع الجيش اللبناني خلال أحداث شهيرة جرت في يونيو من عام 2013. تلك الأحداث كانت محورية في تاريخه، إذ اتُهم بأنه شارك أو مول مجموعات مسلحة، لكن المحكمة العسكرية آنذاك قرّرت رفع التهم عنه، ما أعاد له بعضًا من صورته العامة كفنان بعيد عن النزاعات المسلحة.
الاستسلام والاعتراف
عاد ذِكر فضل شاكر إلى الواجهة مجددًا في أكتوبر الماضي، عندما قرر تسليم نفسه لاستخبارات الجيش اللبناني. تحديدًا، تم ذلك في مساء يوم السبع من أكتوبر، عبر حاجز الحسبة في مخيم عين الحلوة، الواقع في جنوب بيروت. هذا الاستسلام أعطى القضية طابعًا دراماتيكيًا جديدًا، وأثار تساؤلات حول دوافعه، والتزامه بالقانون، وإمكانية التفاهم أو الصراع مع الدولة اللبنانية.
دفاعه والاستراتيجية القانونية
يرافق فضل شاكر في هذه الجولة من المحاكمة فريق قانوني قوي برئاسة المحامية أماتا مبارك. خلال الجلسة الأخيرة، طلبت المحامية استمهالًا للاطلاع على كامل الوثائق والملفات، وهذا يعكس استراتيجية دفاعية دقيقة تهدف إلى بناء موقف قانوني محكم. من المتوقع أن تقوم مبارك بعرض دفاع شامل بناء على الوثائق، وتسليط الضوء على الجوانب القانونية المتعلقة بتمويل التنظيم أو التهم الجنائية الأخرى.
كما تشير المعطيات إلى أن فريق الدفاع ينوي طلب إخلاء سبيل مشروط لفضل شاكر، مع فرض منع السفر. من بين الحجج التي من الممكن أن يستخدمها الدفاع في هذا الطلب، هذه المرة، هو وضعه الصحي، خاصة أن الفنان يعاني من مرض السكري، ما قد يعرضه لمضاعفات إذا ما بقي رهن الاحتجاز لفترات طويلة دون رعاية طبية مناسبة.
مواجهة مع الشيخ أحمد الأسير
واحدة من أبرز التوقعات في الجلسة القادمة هي مواجهة مباشرة بين فضل شاكر والشيخ أحمد الأسير، زعيم المجموعة المسلحة المنسوبة إليه. يُتوقع أن تناقش المحكمة في هذه المواجهة طبيعة العلاقات المالية بين شاكر والأسير، وكذلك مدى تورّط شاكر في تمويل التنظيم أو دعمه بوسائل أخرى. هذه النقطة ستكون محورية في تحديد مصير أحد أبرز الفنانين اللبنانيين في سياق اتهامات أمنية خطيرة.
البعد الاجتماعي والإعلامي
قضية فضل شاكر لا تقتصر على الجوانب القانونية فحسب، بل تمتد لتشكل قصة ذات بُعد اجتماعي وإعلامي كبير. فالشاعر والفنان الذي ذاع صيته في أوساط الفن الشعبي اللبناني، يجد نفسه اليوم محط أنظار الرأي العام المحلي والدولي. الكثير من المتابعين يتساءلون: كيف يمكن لفنان أن يدخل في صراعات مسلحة؟ وما هو دافع التمويل؟ وهل هناك رسائل سياسية في هذه القضية؟ هذا كله يخلق حالة من الجدل بين محبيه ومنتقديه، وبين من يرى فيها محاكمة قانونية عادلة وبين من يراها استهدافًا سياسياً.
السيناريوهات المحتملة بعد الجلسة
مع تحديد موعد الجلسة في فبراير، هناك عدة سيناريوهات ممكنة:
إخلاء السبيل المشروط: إذا قُبل طلب الدفاع، قد يُفرَج عن شاكر مع تقييدات مثل منع سفر مع رعاية طبية مستمرة، خاصة مع معاناته الصحية.
محاكمة كاملة: إذا رفض القاضي الطلب أو رأى أن هناك خطورة أمنية أو فرار، قد تستمر المحاكمة مع مزيد من الجلسات والتقديمات القانونية.
تسوية مالية أو تفاهمات: رغم صعوبة هذا الاتجاه في القضايا الأمنية، قد يسعى بعض الأطراف إلى تسوية بديلة إذا ظهرت أدلة تمويل ضعيفة أو تفاهمات سياسية.
انعكاس إعلامي كبير: بالتوازي مع المسار القضائي، قد يزداد التوتر الإعلامي، ويستغل كل طرف القصة لتبرير موقفه أمام الجمهور اللبناني والدولي.

خلاصة: فضل شاكر بين الفن والقانون
يبقى فضل شاكر، الفنان الذي أحبّه الكثيرون بصوته وأغانيه الرومانسية، اليوم أمام تحدٍّ قانوني غير مسبوق. هذه المحاكمة العسكرية لا تلتف فقط إلى ماضيه الفني، بل تطال مواقفه السياسية والعلاقات التي جمعته بشخصيات مثيرة للجدل مثل الشيخ أحمد الأسير. مع جلسة فبراير المقبلة، تتجه الأنظار نحو ما إذا كان الدفاع سينجح في تأمين مراجعة قانونية عادلة، أو ما إذا كانت التهم الثقيلة التي يواجهها ستفرض على شاكر دفع ثمن باهظ أمام القضاء.
ومهما كانت النتيجة، فإن هذه المحاكمة تمثل نقطة مفصلية في حياة فضل شاكر؛ فإما أن يخرج منها مرفوع الرأس، أو أن يدخل تاريخ الصحافة والقانون من باب القضايا الأمنية الكبرى.
