بيروت – السابعة الإخبارية
لا تزال قضية الفنان اللبناني فضل شاكر تتصدر المشهدين الفني والإعلامي في لبنان والعالم العربي، بعد التطور المفاجئ المتمثل في تسليم نفسه للجيش اللبناني قبل أيام، في خطوة وُصفت بأنها «نقطة تحول» في مسار إحدى أكثر القضايا تعقيدًا في الوسط الفني خلال العقد الأخير.
وبينما استقبل جمهوره هذا الحدث بمزيج من الدهشة والأمل، سرت على مواقع التواصل الاجتماعي أنباء تفيد بـ«براءة شاكر من جميع التهم الموجهة إليه»، إلا أن مصادر قريبة من الفنان نفت صحة هذه الأخبار، مؤكدة أن التحقيقات لا تزال مستمرة وأن القضية لم تُقفل بعد.

نفي الشائعات واستمرار التحقيق
وقالت المصادر نفسها إن «فضل سلّم نفسه طوعًا احترامًا للمؤسسات العسكرية، ورغبةً منه في إنهاء هذا الملف الذي أثقل كاهله لسنوات طويلة»، مشددة على أن الخطوة جاءت بعد مشاورات قانونية دقيقة مع فريق دفاعه.
وأضافت أن الفنان يعيش «مرحلة دقيقة لكنها حاسمة»، إذ ينتظر استكمال الإجراءات القضائية التي تسبق أي إعلان رسمي عن نتائج التحقيق أو القرارات المرتقبة من القضاء العسكري.
وفي المقابل، أوضحت وسائل إعلام لبنانية أن وزارة الدفاع بدأت فعليًا بتنفيذ مذكرات التوقيف الغيابية الصادرة بحقه سابقًا، في إطار استكمال مسار القضية وفق الآليات القانونية المعمول بها، تمهيدًا لإحالة الملفات إلى المحكمة العسكرية المختصة.
السياق القانوني للإجراءات
وبحسب القواعد القانونية اللبنانية، لا يمكن عقد جلسة محاكمة أمام المحكمة العسكرية إلا بعد تنفيذ مذكرات التوقيف الغيابية، وهو ما يجري حاليًا، حيث تُحال المحاضر بعد ذلك إلى قلم المحكمة بواسطة النيابة العامة العسكرية، لتُسجّل رسمياً ويُحدد بعدها موعد جديد لجلسة المحاكمة المقبلة.
ويؤكد خبراء قانونيون أن هذه الخطوات تأتي في إطار الإجراءات الروتينية التي تضمن سلامة سير العدالة وعدم إغفال أي مرحلة من مراحل التحقيق، لافتين إلى أن القضية ستستمر داخل المسار العسكري حتى استكمال كافة الجلسات المطلوبة.
فضل شاكر بين الماضي والحاضر
فضل شاكر، الذي بدأ مشواره الفني في تسعينيات القرن الماضي وحقق شهرة واسعة بأغانيه العاطفية، كان قد انسحب من الساحة الفنية في عام 2012، قبل أن تتورط صورته لاحقًا في أحداث عبرا بمدينة صيدا عام 2013، وهي الحادثة التي أدت إلى ملاحقته قضائيًا وصدور أحكام غيابية بحقه.
ومنذ ذلك الحين، ظل شاكر يعيش حالة من العزلة الإعلامية، قبل أن يظهر في السنوات الأخيرة بعدد من المقابلات التلفزيونية، عبّر خلالها عن رغبته في العودة إلى الفن والحياة الطبيعية، مؤكدًا أنه يثق بعدالة القضاء اللبناني.

ردود فعل فنية وشعبية
وقد أثار تسليم شاكر نفسه موجة واسعة من ردود الفعل المتباينة في الأوساط الفنية، إذ أعرب عدد من الفنانين اللبنانيين والعرب عن دعمهم له، مطالبين بإنصافه إذا ثبتت براءته.
وكتبت الفنانة نوال الزغبي عبر منصة “إكس”:“فضل شاكر فنان كبير وصوت لا يُنسى.. نتمنى أن يأخذ القضاء مجراه وأن تُنصف العدالة الجميع.”
فيما قال الملحن زياد بطرس إن «الخطوة التي أقدم عليها فضل تدل على شجاعته ورغبته في مواجهة الحقيقة»، معربًا عن أمله في أن «تطوى هذه الصفحة المؤلمة من حياته ليعود إلى جمهوره بفنه الجميل».
وعلى الجانب الآخر، رأى بعض المعلقين أن القانون يجب أن يأخذ مجراه الكامل دون أي تدخل عاطفي أو إعلامي، مؤكدين أن المسألة «لا تتعلق فقط بشخصية فنية مشهورة، بل بمبدأ سيادة العدالة على الجميع».
محاولات فنية للعودة
ورغم الضبابية المحيطة بالقضية، لم يتوقف الحديث عن إمكانية عودة فضل شاكر إلى الغناء بعد تسوية وضعه القانوني.
فقد تسرّبت أنباء من داخل الوسط الفني عن استعداد عدد من المنتجين للتعاون معه مجددًا فور انتهاء القضية، بينما أكد مقربون منه أنه كتب بالفعل مجموعة من الأغاني الجديدة خلال فترة ابتعاده، بعضها من ألحانه الخاصة.
وفي مقابلات سابقة، أعرب شاكر عن رغبته في العودة التدريجية إلى الساحة الفنية، قائلاً:
“الفن هو بيتي الأول، وأتمنى أن أعود إليه وأنا مرفوع الرأس، بعد أن أُنهي كل الأمور القانونية العالقة.”
مستقبل غامض ولكن الأمل قائم
ويرى مراقبون أن مسار القضية الحالي قد يفتح الباب أمام تسوية قانونية تتيح لفضل شاكر استعادة حريته خلال الفترة المقبلة، خصوصًا بعد التقارير التي تحدثت عن مؤشرات قضائية إيجابية قبل نهاية عام 2025، إلا أن أي حديث عن البراءة لا يزال سابقًا لأوانه.
وبين انتظار الجمهور، وصمت الجهات الرسمية، وتكتم فريق الدفاع، تظل قضية فضل شاكر معلقة بين الأمل والحذر — قضية فنان عاش صعودًا دراميًا نحو النجومية، ثم انحدارًا مفاجئًا نحو الغموض، قبل أن يطرق باب العدالة بيديه.
وفي ظل هذه التطورات، يبقى السؤال الأبرز الذي يشغل جمهوره ومحبيه:
هل ستفتح الأيام المقبلة صفحة جديدة في حياة فضل شاكر، تُعيد له صوته ومكانته في عالم الفن، أم أن رحلته مع العدالة لم تصل بعد إلى خاتمتها؟
