متابعات- السابعة الإخبارية
يعيش سكان مدينة إسطنبول حالة من القلق بعد تضارب التنبؤات التي تنذر بحدوث زلزال مدمر يضرب المدينة قريباً، وفيما تحاول تركيا لملمة جراحها وإزالة ركام الزلزال المدمر الذي ضرب قبل أسابيع الجنوب الشرقي وحصد أرواح أكثر من 48 ألف شخص، يعيش سكان اسطنبول على أعصابهم تحسبا للزلزال الكبير الذي يُتوقع أن تشهده أكبر مدينة في البلاد.
يقطن بالعاصمة الاقتصادية والثقافية لتركيا نحو 20 مليون شخص، ولا تزال أهوال زلزال عام 1999 عالقة في ذاكرة الكثيرين منهم. في تلك الكارثة، قضى أكثر من 17 ألف شخص منهم في اسطنبول وحدها.
أكثر من عقديْن مضيا، وأصبحت اسطنبول نقطة جذب للباحثين عن فرص بفضل اقتصادها المزدهر متناسين أو غير آبهين بوجود جنوب المدينة في منطقة زلزالية نشطة. لكن يبدو أن زلزال السادس من شباط الأخير قد غيّر المعادلة، إذ تسودُ حالة من القلق قد تصل إلى الذُّهان أحيانا في صفوف السكان الذين قدموا طلبات لفحص المنازل التي يقطنونها ليطمئنوا على سلامة البناء.
• البنك الدولي يقدر قيمة خسائر الزلزال في تركيا ب34 مليار دولار
• شاهد: انهيار مبانٍ إثر زلزال جديد بقوة 5.4 درجات ضرب جنوب شرق تركيا
• شاهد: المصائب لا تأتي فُرادى.. فيضاناتٌ عارمة تجتاح المناطق التي نكبها الزلزال في تركيا
• دمار الزلزال يطال آخر قرية أرمنية في تركيا وسكانها يخشون المجهول
• تركيا: المواقع السياحية البعيدة عن مركز الزلزال في انتظار السياح من أجل دعم الاقتصاد وإعادة الإعمار
• تركيا وتحدّي مخلفات كارثة 6 فبراير.. ركامٌ يفوق عشر مرات ما خلفه زلزال عام 1999
احتمال بنسبة 47% في وقوع زلزال مدمر
ولو قُّدر لاسطنبول أن يحدث فيها زلزال بقوة 7.5 درجات على سلم ريختر، فإنه وباعتراف المصالح البلدية نفسها، ما لا يقل عن مئة ألف بناية ستنهار أو ستتضرر كثيرا. لذلك جنّدت السلطات نحو 50 مهندسا للتجوّل في أحياء المدينة للتأكد من سلامة المباني وجودة مواد البناء والحديد المستعمل. وإذا ما خلصت الفحوصات إلى أن خطر انهيار بناية ما عالٍ جدا، فسيتم اتخاذُ قرار بالهدم وإجبار القاطنين فيها على المغادرة.
توجد بعض أحياء اسطنبول الجنوبية على مسافة لا تتجاوز 15 كيلومترا من صدع شمال الأناضول، البعيد طبعا عن صدع شرق الأناضول الذي سبب زلزال الشهر الماضي في كل من جنوب شرق تركيا وشمال غرب سوريا.
ويتوقع علماء الزلازل أن هناك احتمالا بنسبة 47% لأن تشهد اسطنبول في العقود الثلاثة المقبلة زلزالا تفوق قوته 7.3 درجات على سلم ريختر.
وتحسبا لوقوع المحظور، بدأ أحد أصحاب محلات المعدات في بيع صفّارات للمواطنين الذين يخشون أن يجدوا أنفسهم يومًا عالقين تحت مئات الأطنان من الإسمنت إن حدث وانهارت البنايات التي يسكنونها. ويقول علي نظير الذي يوجد محلّه أسفل بناية مؤلفة من 12 طابقا: “إن الناس خائفة”.
بل وبلغت درجة الرعب في صفوف السكان، أنهم بدؤوا في تخزين قنينات الماء والمواد الغذائية تحت الأسرّة تحسّبا لوقوع زلزال أثناء الليل. بل إن منهم من أعدّ لأفراد عائلته أكياسا تحوي مواد استعجالية تمكنهم من البقاء على قيد الحياة بانتظار قدوم فرق الإنقاذ.
من هذه المواد مثلا: بطانيات ومعدّات إضاءة ومواد طبية وأشرطة توضع حول العنق. ويقول نظير إن محله يبيع منها “شهريا نحو ألف قطعة. وتلقّينا حتى الآن نحوة 15 ألف طلبية، ثمانية آلاف منها من اسطنبول وحدها.”
التفكير في الرحيل عن المدينة وخوفٌ وترقّبٌ دائمان
ونظرا للخطر المرتقب، بدأ البعض في التفكير مليّا في مغادرة المدينة إلى مناطق أكثر أمنا أو هكذا يعتقدون.. وتشير الإحصائيات إلى أن مدنًا مثل إديرنه وكيركلاريلي الواقعتيْن على بعد 200 كلم شمال غرب اسطنبول قد أصبحتا قبلة الباحثين عن بيت يأويهم ويقيهم شرّ زلزال مدمّر قادم.
نيل أكات وهي أخصائية نفسية تقول إنها استقبلت مرضى بدؤوا فعلا بالتفكير في مغادرة المدينة. وتضيف: “كثيرون منهم لا يشعرون بالأمان في بيوتهم وهو دائما على أهبة الاستعداد. وإذا خرجوا إلى الشارع فهم يختارون الرصيف الذي يُخيّل لهم أكثر أمنا إذا ما حدث وانهارت بناية ما”.
ويبدو أن حالة القلق هذه لم تفرّق بين الطبقات الاجتماعية أو العمرية فهم كلهم في الخوف سواء.