النمسا – السابعة الاخبارية
فيليكس باومغارتنر، في حادث مأساوي أودى بحياة المغامر النمساوي الشهير فيليكس باومغارتنر، توفي البطل العالمي الذي عرف بقفزته التاريخية من طبقة الستراتوسفير، عن عمر يناهز 56 عامًا أثناء قضائه عطلة الصيف في إيطاليا. جاء الحادث أثناء قيادته لطائرة شراعية مزودة بمحرك (باراغلايد) في منطقة بورتو سانت البيديو على الساحل الأدرياتيكي الإيطالي، حيث سقطت طائرته بطريقة مفاجئة، ما أسفر عن وفاته في الحال.
فيليكس باومغارتنر.. من قفزة الستراتوسفير إلى سقوط مأساوي يُنهي حياة المغامر النمساوي
وقع الحادث يوم الخميس الماضي، وأكد عمدة مدينة بورتو سانت البيديو ماسيميليانو تشيربيلا أن سبب الوفاة ما زال قيد التحقيق، لكنه أوضح أن باومغارتنر تعرض على الأرجح إلى عارض صحي أثناء الطيران، ما تسبب في فقدانه الوعي قبل سقوط طائرته.
وأضاف العمدة أن الطائرة سقطت فوق حوض سباحة تابع لأحد الفنادق في المنطقة السياحية، وأدى الحادث إلى وفاة المغامر النمساوي على الفور، بالإضافة إلى إصابة أحد موظفي الفندق بجروح طفيفة.
وقد تم نقل المصاب إلى المستشفى، بينما ينتظر الجميع نتائج التشريح لتحديد السبب الدقيق وراء الوفاة، سواء كانت ناجمة عن مشكلة صحية مفاجئة أو نتيجة سقوط الطائرة.
اللحظات الأخيرة قبل الحادث
قبل ساعات قليلة من الحادث، نشر فيليكس باومغارتنر صورة عبر خاصية “ستوري” على حسابه في “إنستغرام”، تُظهر سماءً ملبدة بالغيوم ورياحًا قوية تهب في المنطقة، مع تعليق بسيط:
“الرياح قوية جدًا”.
كما شارك فيليكس فيديو قصيرًا يظهره وهو يعمل على ضبط محرك طائرته الشراعية، معلقًا:
“رجل في موقع العمل”.
تلك اللحظات كشفت عن احترافيته وحبه للطيران والمغامرة حتى النهاية، مما زاد من صدمة محبيه عقب سماع نبأ وفاته المفاجئ.
فيليكس باومغارتنر: رحلة حياة ملهمة
عُرف فيليكس باومغارتنر عالميًا بعد تحقيقه قفزة تاريخية من طبقة الستراتوسفير عام 2012، حيث أصبح أول إنسان يكسر حاجز الصوت بجسده أثناء سقوط حر من ارتفاع يتجاوز 39 كيلومترًا فوق سطح الأرض في ولاية نيو مكسيكو الأميركية، ضمن مشروع “ريد بُل ستراتوس” (Red Bull Stratos).
خلال سقوطه الحر، وصلت سرعته إلى حوالي 833.9 ميل في الساعة (1,342 كلم/ساعة)، وهو رقم قياسي عالمي في تاريخ القفز الحر. استغرقت الرحلة إلى الأرض 4 دقائق و20 ثانية، قبل أن يفتح مظلته ويسقط بأمان في صحراء نيو مكسيكو، وسط متابعة ملايين الأشخاص الذين تابعوا الحدث مباشرة على التلفزيون وموقع يوتيوب.
القفزة التاريخية وأثرها العلمي والإنساني
بعد إتمام القفزة، قال فيليكس باومغارتنر في مقابلة:
“كانت أصعب مما توقعت. عندما تقف هناك، على قمة العالم، تشعر بتواضع شديد. لم يعد الأمر يتعلق بتحطيم الأرقام القياسية، ولا بالحصول على بيانات علمية. كل ما يهم هو العودة إلى الوطن”.
وقد شكل هذا الإنجاز حدثًا تاريخيًا في مجال المغامرات الجوية، حيث ساهم في تطوير فهم الإنسان لقوانين الفيزياء والقدرات البشرية في ظل ظروف الضغط الجوي المنخفض والسرعات الفائقة، كما ألهم الملايين حول العالم بشجاعته وإصراره على تحقيق المستحيل.
بداياته ومسيرته المهنية
بدأ فيليكس باومغارتنر القفز بالمظلات وهو في سن الـ16 عامًا، ثم انضم إلى فريق العروض والمنافسات في الجيش النمساوي، حيث صقل مهاراته وخبراته في القفز الحر.
منذ عام 1988، بدأ فيليكس بتقديم عروض القفز الحر لصالح شركة “ريد بُل”، ليصبح من أبرز المغامرين في مجال القفز بالمظلات والطيران الشراعي حول العالم، معروفة بحرفيته العالية وروحه المغامرة.
ردود الفعل على رحيله
نعى فريق “ريد بُل” باومغارتنر في بيان رسمي مؤثر، قائلين:
“فيليكس وُلد ليطير، كان ذكيًا، محترفًا، دقيقًا ومنهجيًا – لم يترك شيئًا للصدفة.”
وشهدت منصات التواصل الاجتماعي موجة من التعازي والتعبير عن الحزن من قبل محبيه وزملائه في عالم المغامرات والطيران، الذين وصفوه بأنه أسطورة حية ألهمت الأجيال بقفزته الجريئة وأسلوبه الحي في الحياة.
إرث فيليكس باومغارتنر
ترك فيليكس باومغارتنر إرثًا من الشجاعة والتحدي، حيث جمع بين عشق المغامرة والرغبة في دفع حدود الإنسان، ليكون نموذجًا للمثابرة والنجاح في وجه المخاطر.
لقد ألهمت قصته الملايين حول العالم، وفتحت آفاقًا جديدة في مجال الطيران السريع والقفز الحر، مما جعل اسمه مرتبطًا بالإنجازات الرائدة في علوم المغامرة والفيزياء.
توفي فيليكس باومغارتنر وهو يمارس هوايته وحياته التي أحبها، تاركًا خلفه قصة ملهمة وأثرًا خالدًا في تاريخ المغامرات الجوية.
تظل قفزته الأسطورية من الستراتوسفير مثالًا خالدًا على الجرأة والابتكار، وتجسد روح الإنسان الذي لا يرضى بالمألوف، ويبحث دومًا عن تحديات جديدة تخطّي حدود الممكن.
في ختام حياته، حمل فيليكس شغفه وطموحه حتى النهاية، لينضم إلى قائمة الأساطير التي لا تنسى، ويخلد اسمه في سجلات التاريخ.