بغداد – السابعة الاخبارية
قاتل حمودي رياض، في مشهد مأساوي هزّ العراق، خسر الوسط الرياضي أحد أبرز نجومه الشباب، حمودي رياض، بطل كمال الأجسام، بعدما قُتل رمياً بالرصاص داخل محطة وقود في أربيل مساء الأربعاء 6 أغسطس 2025. الحادث، الذي بدأ بخلاف عابر على سعر الوقود، انتهى بجريمة مروعة أودت بحياة ثلاثة أشخاص، كان أبرزهم حمودي، الشاب الطموح الذي حصد حب الجماهير قبل أن تخطفه رصاصة غادرة.
قاتل حمودي رياض يترقب محاكمة مشددة.. هل تكون العدالة بحجم الجريمة؟
حمودي رياض، شاب عراقي ينحدر من بغداد، وُلد في أوائل التسعينيات، ونشأ في بيئة متواضعة، لكنه اختار أن يشق طريقه وسط التحديات من خلال الرياضة. تألق في رياضة كمال الأجسام، وحقق نجاحات بارزة في بطولات محلية على مستوى العراق وإقليم كوردستان، حيث حصد عدة ميداليات، وكان مرشحًا ليصبح من الوجوه العربية المعروفة على الساحة الدولية.
ورغم أنه لم يكن نجمًا إعلاميًا من الطراز الأول، فإن وجوده على منصات التواصل الاجتماعي جعله قريبًا من جمهوره، مقدّمًا محتوى رياضيًا وتحفيزيًا جذب آلاف المتابعين، وكرّس صورته كشاب مثالي وملتزم ومصدر إلهام للكثيرين.
ما الذي حدث في أربيل؟
وقعت الجريمة عند التاسعة مساء الأربعاء، في محطة وقود تقع على طريق أربيل – كويسنجق. بحسب شهود عيان، دخلت سيارة يستقلها حمودي رياض وصديقه بهدف تعبئة الوقود، وأثناء التعبئة انسكب القليل من البنزين على الأرض. طالب أحد عمال المحطة العميلين بدفع ثمن الوقود المنسكب، فرفضوا، ليتحول الموقف إلى شجار كلامي تطور بسرعة إلى اشتباك بالأيدي.
في لحظة مفاجئة، ذهب أحد العمال إلى داخل المحطة، وعاد حاملاً سلاحًا ناريًا، ثم بدأ بإطلاق النار عشوائيًا على الجميع. أصابت الطلقات حمودي رياض وصديقه داخل السيارة، بالإضافة إلى شخص ثالث كان واقفًا أمام المحطة. توفي الثلاثة في مكان الحادث أو بعد لحظات قليلة، وسط ذهول المتواجدين.
صدمة وغضب
لم تكن وفاة حمودي مجرد خبر عابر، بل هزّت قلوب العراقيين، خاصة في الأوساط الرياضية والشبابية. وسائل التواصل امتلأت بصوره ومقاطع له أثناء التدريبات والبطولات، مرفقة بكلمات رثاء ودعوات بالرحمة، بينما تصدّر هاشتاغ #حق_حمودي_رياض المشهد في مواقع التواصل، مطالبًا بالعدالة.
اتحاد بناء الأجسام نعى اللاعب بكلمات حزينة، مشيرًا إلى أنه كان مثالًا للالتزام والانضباط، ويمثل خسارة حقيقية للرياضة العراقية.
مصير القاتل
وفق ما أعلنته الشرطة، تم القبض على القاتل في موقع الجريمة، بعد وقت قصير من ارتكاب الفعل. وتم حجز السلاح المستخدم والتحفظ على تسجيلات كاميرات المراقبة التي وثّقت الحادث لحظة بلحظة. ويخضع القاتل حاليًا للتحقيق تحت إشراف الجهات القضائية في إقليم كوردستان.
وبحسب التصريحات الرسمية، فإن القاتل لا يعاني من أي اضطرابات عقلية أو سوابق جنائية. ولا توجد أي معرفة سابقة بينه وبين الضحايا، ما يجعل الدافع وراء الجريمة مرتبطًا بالغضب اللحظي، أو ما يُعرف بـ”الانفعال المفرط المؤدي للقتل”، وهي نقطة ستأخذها المحكمة بعين الاعتبار خلال التكييف القانوني للقضية.
ومن المتوقع أن تُوجه إليه تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار، وهي من أشد الجرائم خطورة في قانون العقوبات العراقي، وتصل عقوبتها إلى الإعدام أو السجن المؤبد، خاصة في حال ثبوت استخدام سلاح غير مرخّص والقتل لأكثر من شخص دون أي تهديد مباشر لحياة الجاني.
التحقيقات لا تزال جارية، وسط مطالبات بنقل المحاكمة إلى بغداد لضمان العدالة، وسط تخوف من تمييع القضية في ظل التوترات الأمنية والإدارية أحيانًا بين المركز والإقليم.
بين الحلم والرصاصة
كان حمودي يحلم بأن يمثل العراق في بطولات كبرى، ويفتح نادٍ رياضي خاص به يضم شبابًا من مختلف المحافظات. كان يردّد دائمًا: “الجسم القوي يصنع عقلًا قويًا”، ويرى في الرياضة ملاذًا للشباب بعيدًا عن السلاح والفوضى والعنف.
لكن المفارقة أن العنف الذي لطالما حذّر منه، اختطفه في أكثر اللحظات عبثًا. رصاصة لم تكن موجهة له تحديدًا، لكنها وجدت طريقها إلى قلبه، فأوقفت نبض شاب حلمه كان أكبر من واقعه.
رسائل مفتوحة
رسالة الحادث لا تخص حمودي وحده، بل تفتح جرحًا أكبر في المجتمع العراقي: لماذا كل هذا السلاح؟ ولماذا تتصاعد الخلافات البسيطة إلى جرائم قتل؟ وهل بات الغضب أسرع من العقل؟
الشارع العراقي غاضب، ليس فقط لفقدان رياضي، بل لأنه يشعر أن حياة الإنسان في خطر دائم بسبب غياب الرادع الحقيقي.
رحل حمودي رياض، لكن رحيله أصبح صوتًا، مطالبة، وقضية. لم يكن يريد أن يكون شهيدًا، بل بطلاً على المنصات. لكنه اليوم بات رمزًا للظلم الذي يُصيب الأبرياء، وشاهدًا على ضرورة أن يتغيّر هذا الواقع قبل أن يحصد أرواحًا جديدة بلا مبرر.
مصير قاتله سيتحدد قريبًا في قاعة المحكمة، لكن مصير الوطن لا يزال معلقًا على سؤال أكبر: متى تتوقف الرصاصة عن سرقة الحلم؟