الإمارات – السابعة الإخبارية
يصادف يوم العشرين من شهر يونيو، احتفال الأمم المتحدة باليوم العالمي للاجئين، وذلك لوجود أكثر من ثلاثين مليون لاجئ حول العالم.
يشكل هذا اليوم فرصة، ليس للتذكير بمشاكلهم ولكن لوضع خطط واقعية للتخفيف منها.
ولعل التعليم واحدة من الأدوات الهامة لتمكين اللاجئين خاصة إذا كان من الصعب عليهم العودة لأوطانهم.
وعليه، فإن الإنترنت هو الخيار الوحيد المتاح لهم للاتصال ببقية العالم، ومواصلة تعليمهم والوصول إلى فرص العمل عبر الإنترنت.
فقط ستة في المئة من اللاجئين يحصلون على التعليم العالي، وهذا أقل بكثير من المتوسط العالمي للالتحاق بالتعليم العالي بين غير اللاجئين، والذي يبلغ أكثر من 40 في المائة حول العالم حسب احصائيات الأمم المتحدة.
وتعهدت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ضمان حصول 15٪ من اللاجئين الشباب من الذكور والاناث للوصول إلى التعليم العالي بحلول عام 2030.
حسب الأمم المتحدة فهناك العديد من القصص الملهمة والتي لا حصر لها عن اللاجئين الذين يستفيدون من التعليم عبر الإنترنت لإطلاق العنان لإمكاناتهم.
من تعلم اللغات إلى التدريب المهني والتعليم العالي، فأصبح العالم الرقمي عالمًا من الأمل والإمكانيات.
وصلت أزمة اللاجئين العالمية إلى مستويات غير مسبوقة، حيث يبحث ملايين الأشخاص عن الأمان وفرصة لإعادة بناء حياتهم.
في هذا السياق، الوصول إلى التعليم ليس فقط حقًا أساسيًا من حقوق الإنسان، ولكنه أيضًا عامل محفز للنمو الشخصي، والتنمية الاجتماعية والاقتصادية، والاندماج السلمي.
برز التعليم العالي عبر الإنترنت كأداة حيوية، حيث تكسر الحواجز وتوفر الفرص للأفراد النازحين، بغض النظر عن موقعهم الجغرافي أو القيود التي تفرضها ظروفهم.
قصص النجاح
ياسر الحريري هو لاجئ سوري يعيش في مخيم الزعتري للاجئين في الأردن ويدرس إدارة الاعمال عبر الانترنت مع جامعة University of the people الامريكية وخلال عامين سيتخرج للعمل أيضا عبر الانترنت من داخل المخيم إلا إذا استطاع العودة إلى وطنه والعمل هناك.
قال ياسر: “أتابع دراستي في السنة الثالثة من برنامج بكالوريوس إدارة الأعمال، من خلال المصاعب والتحديات التي واجهتها في رحلتي كلاجئ، تعلمت أهمية الإرادة القوية والمثابرة، أنا متحمس لاكتساب المعرفة وتطوير مهاراتي القيادية، والسعي لبناء مستقبل مشرق لنفسي ولأولئك الذين يمرون بظروف صعبة مثلي، أعتبر التعليم فرصة ثمينة لبناء قاعدة معرفية قوية وتوسيع آفاقي، كما أطمح لأن أصبح رائدا للأعمال التجارية وأن ألهم الآخرين من خلال قيادتي وإبداعي، أعلم أن الطريق قد يكون صعبًا، لكنني مصمم على تحقيق طموحاتي وإثبات قدرتي على تحول التحديات إلى فرص حقيقية”.
لأن ياسر يدرس عبر الانترنت فهو لا يحتاج السفر أو التنقل إلى الحرم الجامعي، وبالتالي هناك توفير في تكاليف السفر والإقامة والمرونة الزمنية التي توفرها الجامعة تتناسب معه كطالب لاجئ.
أضاف ياسر: “أشعر بالاطمئنان والأمل لأنني لست مقيدًا بالعوائق الجغرافية أو الظروف المحيطة بي، وباستخدام التكنولوجيا والتعلم عن بعد، يمكنني تجاوز الحدود والمضي قدمًا نحو تحقيق أحلامي، مما يعكس تصميمي والقدرة على الاندماج في مجتمع التعليم الجامعي وتحقيق نجاحي الشخصي والمهني”.
محمد أحمدي هو لاجئ سوداني، فالأزمة السودانية زادت من أعداد اللاجئين حول العالم خاصة بعد أزمتي أوكرانيا وسوريا والافغانية مؤخراً.
قال محمد: “توقفت جميع المؤسسات التعليمية في جميع الجامعات في البلاد، وأرى الناس يلجؤون إلى مناطق أخرى بحثا عن الأمان، لأن ظروف الحرب صعبة للغاية خاصة عندما يتعلق الأمر بالأطفال والنساء وكبار السن، في مثل هذه الظروف التي نشهدها الآن، أعتقد أنه لا يمكن أن يكون هناك مجال لتعليم في الفصل الدراسي التقليدي، لذلك أعتقد أن الطريقة الرئيسية للتعلم هنا هي التعلم عبر الإنترنت، ولكن هناك بعض المشاكل التي نواجهها الآن وهي عملية قطع الإنترنت والكهرباء، إذا تمكن أي شخص من حل هذه المشكلات، فيمكنه متابعة دراسته، لذلك، يمكن القول إنه إذا أراد الناس الدراسة في ظروف الحرب، فيمكنهم اختيار نظام التعليم عبر الإنترنت”.
درس ماجد خلف المصطفى اللغة العربية في سوريا وبلغ السنة الثالثة في جامعة تشرين في مدينة اللاذقية، نتيجة الأحداث في سوريا لم يتمكن من إكمال الدراسة ولجأ إلى الأردن تحديدا إلى مخيم الازرق ومع ذلك باشر بالدراسة الجامعية عبر الانترنت، قال ماجد: “الدرجة العليا حلم لم يتحقق إلا بعد أن سمعت عن جامعة الناس، فكانت فرصة لتحقيق الحلم رغم معاناة اللجوء التي نعيشها، إلا أن المخيم لم يمنعنا من الدراسة ونحقق أحلامنا رغم التحديات العديدة التي واجهتنا، أدرس في وقت متأخر من الليل بسبب الضغط على الإنترنت وقلة الضوضاء في الغرفة، زادت فرص نجاحي في حياتي، والتقيت بزملاء من جميع أنحاء العالم”.
التعليم أداة لتطوير والاستدامة
المؤسسات التعليمية والمنظمات غير الحكومية والحكومات تعمل منذ سنوات على تطوير التعليم الجامعي عبر الإنترنت للاجئين مما يخلق بيئة تعليمية شاملة تتجاوز حدود مخيمات اللاجئين إلا ان هذه الجهود بحاجة لدعم مالي مستمر لتطوير شبكات الانترنت والتي تنتشر الان بشكل أوسع من ذي قبل وحتى العمل على الاستفادة من الطاقة الشمسية لتشغيل محولات الكهرباء
نمو التعليم عبر الإنترنت بات يشكل حلاً رائعًا لسد الفجوة التعليمية وخلق فرص العمل لاستبدال الاعتماد على المساعدات الإنسانية والاغاثية لمبدأ الإنتاج والاعتماد على النفس وخلق مشاريع مستدامة لربح مما يساعد العائلات على رفع مستواهم المعيشي في المخيمات أو حتى خارجها.
تسعى الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية لرفع الوعي بأهمية التعليم بشكل عام والعمل على فتح المدارس في مراكز اللاجئين حول العالم أينما كان هناك مناطق نزاع.
الإشكالية تكمن في التعليم الجامعي الذي يشكل تحديا صعبا مع رفض العديد من الجامعات ادراج اللاجئين الذين لا يملكون أوراق ثبوتية ناهيك عن عدم القدرة المالية.
لهذا ترى المؤسسات الدولية ان الحل الأمثل هو التعليم عبر الانترنت الذي سيوفر على المدى القريب فرص واسعة لتعليم الجامعي مما سيزيد من القوى العاملة المتعلمة وليس فقط عمال بناء مما سينعكس على حياة اللاجئين ومستقبلهم.