بيروت – السابعة الإخبارية
تواصل قضية الفنان اللبناني فضل شاكر تصدّر واجهة الأحداث الفنية والإعلامية في لبنان والعالم العربي، بعد التطورات الأخيرة التي شهدتها خلال الأيام الماضية، عقب تسليم الفنان نفسه إلى السلطات اللبنانية، في خطوة وُصفت بأنها “شجاعة وتاريخية” من نجمٍ أثار اسمه جدلاً واسعاً منذ أكثر من عقد.
وفي تصريحات تلفزيونية حديثة، نفت المحامية أماتا مبارك، وكيلة الدفاع عن الفنان، بشكل قاطع وجود أي صلة بين موكلها والموقوفين لدى الأجهزة الأمنية اللبنانية، مؤكدة أن كل الروايات التي يتم تداولها في هذا السياق “عارية تماماً من الصحة”.

مبارك: فضل شاكر بريء ويطالب بمحاكمة عادلة
قالت المحامية أماتا مبارك إن فضل شاكر بريء من جميع التهم الموجهة إليه، مشددة على أن موكلها لا يطلب سوى محاكمة عادلة، تُجرى في مناخ قضائي نزيه خالٍ من الضغوط السياسية أو الإعلامية التي رافقت قضيته منذ بدايتها.
وأضافت في حديثها:
“فضل شاكر اتخذ قرار تسليم نفسه منذ فترة طويلة، لكنه كان ينتظر الوقت المناسب الذي يضمن له أن تُعالج قضيته ضمن أجواء قانونية متوازنة. واليوم، هناك مؤشرات إيجابية توحي بوجود إرادة قضائية أكثر عدلاً وموضوعية.”
وأوضحت مبارك أن الدفاع على استعداد لتقديم كل المستندات والأدلة التي تثبت براءة الفنان من التهم المنسوبة إليه، مؤكدة أن القضية في جوهرها “أُسيء فهمها” وأن شاكر “لم يكن يوماً طرفاً في أي عمل عدائي ضد الجيش اللبناني”، بل كان – حسب قولها – ضحية ظرف سياسي وإعلامي مضطرب.
أنباء عن قرب صدور حكم بالبراءة
تأتي هذه التصريحات في وقتٍ تتداول فيه بعض وسائل الإعلام المحلية والعربية أنباءً غير مؤكدة عن احتمال صدور حكم ببراءة الفنان فضل شاكر خلال الأسابيع المقبلة، استناداً إلى مراجعات قضائية حديثة أُجريت بعد تسليم نفسه طوعاً إلى الجيش اللبناني.
وبحسب المعلومات المتداولة، فقد بدأت وزارة الدفاع اللبنانية تنفيذ مذكرات التوقيف الغيابية الصادرة بحقه سابقاً، تمهيداً لإحالة الملف مجدداً إلى القضاء العسكري، الذي سيُعيد النظر في القضية استناداً إلى القوانين المعمول بها في هذا النوع من المحاكمات.
خلفية القضية: سنوات من الجدل والانقسام
تعود قضية فضل شاكر إلى عام 2013، حين اتُّهم بالمشاركة في أحداث عبرا في مدينة صيدا، والتي شهدت اشتباكات دامية بين جماعة الشيخ أحمد الأسير والجيش اللبناني.
ورغم نفيه المتكرر مشاركته في القتال، أصدرت المحكمة العسكرية عام 2018 حكماً بسجنه 15 عاماً مع الأشغال الشاقة، بعد إدانته بتهمة “التورط في الأعمال المسلحة ضد الجيش”.
غير أن شاكر ظلّ يؤكد في جميع تصريحاته أنه لم يحمل السلاح يوماً ضد الدولة اللبنانية أو مؤسساتها، موضحاً أنه كان يعيش في منطقة قريبة من مسرح الأحداث دون أي انخراط مباشر فيها.
وفي السنوات الأخيرة، شهدت القضية تطورات متلاحقة، إذ صدرت مؤشرات متزايدة على إعادة النظر في الحكم، خصوصاً بعد أن قدّم فريق الدفاع طلبات استئناف جديدة، مدعوماً بتقارير وشهادات تفيد بعدم وجود أدلة مادية تثبت مشاركته في القتال.

نجل الفنان: والدي بريء والإعلام ظلمنا
وفي سياق متصل، أكّد محمد فضل شاكر، نجل الفنان، في تصريحات صحفية أن والده “بريء تماماً من تهمة القتال ضد الجيش اللبناني”، مشيراً إلى أن الحكم الصادر عام 2018 “لم يحظَ بالتغطية الإعلامية الكافية” لتوضيح الملابسات الحقيقية للقضية.
وقال محمد شاكر:
“لقد عانى والدي كثيراً من الصورة المغلوطة التي رُسمت عنه. اليوم، بعد أن قرر تسليم نفسه، نأمل أن تُنصفه العدالة، وأن تُظهر الحقيقة كاملة أمام الجميع.”
كما أشار إلى أن عائلته تعيش حالة من الترقب والأمل في أن تشهد الفترة المقبلة انفراجة حقيقية في الملف، بعد سنوات طويلة من الغموض والمعاناة.
مؤشرات على تحول في المزاج القضائي
ويرى مراقبون أن تصريحات المحامية أماتا مبارك تعكس وجود تغيّر في المناخ القضائي والسياسي المحيط بالقضية، إذ باتت هناك رغبة لدى بعض الجهات في إغلاق الملفات العالقة بطريقة قانونية عادلة تضمن حقوق جميع الأطراف.
ويعتقد محللون أن تسليم فضل شاكر نفسه خطوة ستُعيد ترتيب أوراق القضية من جديد، خاصة مع ما تحمله من رسالة ثقة في القضاء اللبناني، في وقتٍ يشهد فيه البلد أزمات سياسية واقتصادية معقدة.
فضل شاكر بين الفن والقانون
يُذكر أن فضل شاكر، الذي بدأ مسيرته الفنية في التسعينيات، كان من أبرز الأصوات الغنائية في العالم العربي، واشتهر بأغانيه الرومانسية مثل “حبك خلاني أعيش” و“لو على قلبي” و“بياع القلوب”.
غير أن انسحابه المفاجئ من الوسط الفني عام 2012، وإعلانه التوبة، ثم ارتباط اسمه لاحقاً بأحداث عبرا، جعلت منه شخصية مثيرة للجدل بين مؤيد ومعارض.
ومع عودته إلى الواجهة اليوم، يرى كثيرون أن فضل شاكر يقف عند مفترق طرق جديد في حياته، بين أمل باستعادة حريته وكرامته، وبين رغبة في العودة إلى الفن الذي طالما كان ملاذه الأول.
وبينما ينتظر الرأي العام اللبناني والعربي ما ستؤول إليه التطورات القضائية خلال الأسابيع المقبلة، يبقى فضل شاكر نموذجاً استثنائياً لقصة فنانٍ عاش المجد والسقوط، وعاد اليوم بحثاً عن عدالةٍ قد تُعيد إليه اسمه ومكانته في قلوب محبيه.
