أمريكا – السابعة الاخبارية
كاردي بي، في عالمٍ تحكمه الصور المثالية والفلاتر، حيث تُقاس النجومية بعدد تسريحات الشعر الفاخرة وجلسات التجميل الباذخة، قررت مغنية الراب الأمريكية كاردي بي أن تسير في الاتجاه المعاكس تمامًا — لتكشف أمام الملايين عن أكثر جوانبها إنسانية وبساطة: علاقتها بشعرها الحقيقي.
وخلال بث مباشر عبر حسابها على منصة إنستغرام، أثارت كاردي بي جدلًا واسعًا عندما أعلنت ضاحكة أنها لم تغسل شعرها منذ ما يقارب ثلاثة أشهر، مضيفة بتلقائيتها المعتادة:
كاردي بي: “أعتقد أني وجدت كل أنواع بيض الصراصير والبعوض هناك… كل شيء ممكن يكون في هذا الرأس!”
لم يكن التصريح مجرّد لحظة طريفة من فنانة معروفة بخفة دمها، بل نافذة جديدة إلى واقعٍ نادر ما تتحدث عنه النجمات: الجانب المهمل من الجمال، والرحلة الصادقة مع الذات.
صدمة الجمهور… وجرأة نادرة من نجمة عالمية
بمجرد أن أنهت كاردي بثها المباشر، ضجّت وسائل التواصل الاجتماعي بالتعليقات.
فقد انقسم المتابعون بين من عبّر عن صدمته من تصريحها الغريب، وبين من رأى في كلماتها رمزًا للجرأة والصدق في زمنٍ يعج بالمظاهر المصطنعة.
كتب أحد المعلقين على “إكس” (تويتر سابقًا):
“لا أصدق أن كاردي قالت هذا! لكنها تظل صادقة، ولهذا نحبها.”
بينما علّق آخر:
“هي لا تخاف أن تكون نفسها، وهذا أجمل ما فيها. خلف البريق، هناك إنسانة عادية مثلنا تمامًا.”
في عالم المشاهير، حيث تُخفي الكاميرات كل عيب، جاءت كلمات كاردي بمثابة صفعة على وجه معايير الكمال الزائفة، وأعادت النقاش حول ما يعنيه الجمال الحقيقي في زمن المؤثرين.

كاردي بي وشعرها الطبيعي… رحلة طويلة من الحب والكفاح
لم يكن هذا الاعتراف مفاجئًا لمن يتابع النجمة الأمريكية الحائزة على جائزة غرامي.
فمنذ بداياتها، تحدثت كاردي بي بصراحة عن تحدياتها مع شعرها الطبيعي، خاصة بصفتها تنحدر من أصول مختلطة — والدها من جمهورية الدومينيكان ووالدتها من ترينيداد — وهو ما جعل طبيعة شعرها “مزيجًا فريدًا بين الموجة الإفريقية والملمس الكاريبي”، كما وصفت في أحد لقاءاتها.
في عام 2021، واجهت حملة من الانتقادات عبر مواقع التواصل بعد نشرها صورًا لشعرها الطبيعي دون أي تعديلات أو مستحضرات.
وردّت وقتها برسالة قوية قالت فيها:
“أن تكوني مختلطة لا يعني أن شعرك سيكون دائمًا طويلاً أو ناعمًا. أنا عانيتُ مع شعري منذ الطفولة، وما زلت أتعلم كيف أعتني به.”
كانت تلك الكلمات بمثابة إعلان ثورة على الصور النمطية التي تضع النساء ذوات البشرة الملونة تحت ضغط التجميل الدائم، وجعلت من كاردي بي رمزًا للتصالح مع الذات والجرأة في مواجهة التوقعات المجتمعية.
استعداد لجولة جديدة مع الشعر الطبيعي
في البث الأخير، أوضحت كاردي بي أن سبب عدم غسلها لشعرها طوال هذه الفترة يعود إلى انشغالها وجولاتها الفنية المكثفة، إضافة إلى اعتمادها المستمر على الشعر المستعار.
لكنها أكدت أنها تستعد لتضفير شعرها الطبيعي قريبًا، قائلة:
“حان الوقت لتزييت فروة الرأس وتنظيف الشعر بالكامل. سأدلّله بعد الإهمال الطويل.”
وأشارت إلى أنها تخطط لاستخدام زيوت طبيعية، في خطوة تعتبرها “طقسًا شخصيًا لاستعادة الحيوية”.
تصريحاتها هذه تزامنت مع حملة رقمية أطلقتها بعض المعجبات تحت وسم #NaturalWithCardi، لتشجيع النساء على نشر صورهن بشعورهن الطبيعية دون تصفيف أو مؤثرات تجميلية.
وصفات منزلية… وسحر ماء البصل
بعيدًا عن التصريحات الطريفة، فإن كاردي بي تُعد من أكثر النجمات شغفًا بالوصفات الطبيعية للعناية بالشعر.
ففي عام 2022، كشفت لمجلة بيبول أنها تستخدم ماء البصل المغلي لغسل شعرها، مؤكدة أنه ساعدها في تقوية الجذور وتحفيز النمو.
وقالت وقتها:
“كنت أكره رائحته في البداية، لكني الآن لا أستغني عنه. إنه سرّ شعري الصحي.”
كما شاركت جمهورها وصفة منزلية لقناع طبيعي تصنعه بنفسها من الأفوكادو والعسل وزيت الخروع، وتستخدمه أيضًا لابنتها الصغيرة كالتشر، ذات السبعة أعوام.
اللافت أن هذه الطقوس المنزلية لم تُنقص من فخامتها الفنية، بل جعلتها رمزًا للتوازن بين الشهرة والبساطة.
فلسفتها في الجمال: “لا وجود لشعر سيئ”
خلال البث الأخير، أعادت كاردي بي التأكيد على فلسفتها القديمة التي تتبناها منذ سنوات، قائلة:
“ما في شيء اسمه شعر سيئ. كل شعر جيد بطريقته الخاصة.”
كانت كلماتها بمثابة بيان نسوي جديد يعيد تعريف الجمال بمعاييره الأصيلة.
فمن وجهة نظرها، الشعر ليس مقياسًا للأنوثة، بل انعكاس للهوية، ولرحلة كل امرأة مع نفسها.
هي لا ترى في التجعيدات أو الخشونة عيبًا، بل جزءًا من التفرّد الذي يجب الاحتفاء به، وليس إخفاؤه تحت الباروكات أو أدوات الفرد الكيميائية.
من قاعات المحكمة إلى قاعات الحفلات
من المفارقات أن كاردي بي كانت مؤخرًا تتصدر عناوين الصحف بسبب محاكمتها في قضية اعتداء مدني تعود لعام 2020.
لكن حتى في أجواء المحكمة، لم تتخلَّ عن روحها الساخرة ولا عن عشقها لتغيير مظهرها.
فقد بدّلت شعرها المستعار مرات عدة — من قصة بيكسي سوداء قصيرة إلى شعر أشقر مموج — لتصبح جلسات المحكمة ساحة عرض جديدة لأناقتها.
وحين سُئلت بعد انتهاء المحاكمة عن هذا التبديل المتكرر، أجابت بابتسامة واسعة:
“جبهتي أصبحت خشنة من كل هذا الشعر المستعار… خامة خشنة فعلاً!”
ضحكتها التي تلت التصريح كانت كافية لتذكّر الجميع أن كاردي بي ليست مجرد مغنية، بل شخصية حقيقية تعرف كيف تمزج الجدية بالمرح، وتحوّل المواقف العادية إلى لحظات ترفيهية تعكس ذكاءها وروحها الحرة.
كاردي بي… بين الجرأة والصدق
ليست هذه المرة الأولى التي تثير فيها كاردي الجدل بتصريحاتها الجريئة، لكنها المرة التي تفتح فيها بابًا للنقاش حول الصراحة في ثقافة المشاهير.
في عالمٍ تسيطر عليه الصور المثالية والترويج لمنتجات التجميل، جاءت كلماتها لتقول: “أنا إنسانة، وشعري مثلي… يحتاج إلى راحة أحيانًا.”
هذه العفوية هي ما جعلتها قريبة من جمهورها، بخلاف كثير من النجمات اللاتي يقدّمن نسخًا مصقولة من أنفسهن.
كاردي بي، في المقابل، تقدم نسختها الحقيقية: عفوية، فوضوية، وصادقة حتى النهاية.
من الراب إلى الرمزية… كيف أصبحت كاردي أيقونة جيلها
منذ انطلاقتها المدوية عام 2017 بأغنيتها الشهيرة Bodak Yellow، أثبتت كاردي بي أنها أكثر من مجرد فنانة راب — إنها صوتٌ لجيلٍ كامل من النساء اللواتي يرفضن الخضوع لمعايير الجمال أو الكمال المستحيلة.
نجاحها لم يكن فقط في الموسيقى، بل في قدرتها على تحويل حياتها الشخصية إلى رسالة عامة حول الصدق والتمكين والحرية الفردية.
تصريحها الأخير عن شعرها ربما يبدو تفصيلاً بسيطًا، لكنه في الواقع امتداد لفلسفتها العميقة في التحدّث بلا خوف عن كل ما هو حقيقي، مهما كان محرجًا أو غير مألوف.

رسالة أخيرة من قلب كاردي
في ختام البث المباشر، وقبل أن تودّع متابعيها الذين تجاوز عددهم 170 مليونًا، قالت بابتسامة صادقة:
“أنا مش كاملة، ولا أبغى أكون كاملة. أنا فقط أتعلم أحب نفسي… حتى لما يكون شعري فوضوي.”
كلمات بسيطة لكنها تلخص سرّ كاردي بي — امرأة تعيش بلا أقنعة، وتحوّل ضعفها إلى قوة، وعفويتها إلى طاقة تُلهم الملايين.
في النهاية، يبدو أن اعترافها بعدم غسل شعرها ليس مجرد طرافة، بل بيان تمردٍ جديد ضد ثقافة التجميل المفرط، ورسالة حب صادقة إلى كل امرأة تبحث عن قبول ذاتها كما هي.
لأن الجمال — كما تقول كاردي بي — “مش في الكمال… الجمال إنك تكوني حقيقية.”
