بيروت – السابعة الاخباري
كارمن لبس، في مشهد مؤثر خطف أنظار الجمهور والإعلام، ودّعت الفنانة اللبنانية كارمن لبس رفيق عمرها الموسيقار والمبدع الراحل زياد الرحباني خلال مراسم دفنه التي أقيمت في كنيسة “رقاد السيدة” للروم الأرثوذكس في منطقة بكفيا، وسط حضور شعبي وفني واسع. وقد بدت كارمن في حالة انهيار تام، حيث ظهرت وهي تبكي بحرقة وتحتضن نعش زياد وسط أجواء من الحزن العميق، في وداع لحب دام أكثر من 15 عامًا.
كارمن لبس تظهر في بكاء وانهيار أمام النعش
رصدت الكاميرات لحظة مؤثرة لكارمن لبس وهي تقبّل النعش، تبكي، وتغرق في حالة من الذهول، في مشهد اختصر الكثير من الذكريات التي جمعتهما، والعاطفة التي لم تخفت رغم الانفصال. ظهرت مكسورة، متألمة، عاجزة عن التماسك، وسط همسات المعزين وصوت أجراس الكنيسة.
وفي منشور سابق لها، عبّرت كارمن عن شعورها بعد وفاة زياد بكلمات حزينة:
“ليش هيك حاسة إنو كل شي راح؟ حاسة فضي لبنان.”
وأضافت: “فكّرت بكل شي… إلا إنو يجي نهار الناس يعزّوني فيك. الوجع بقلبي أكبر من إني أقدر أوصفو.”
علاقة حب بدأت من خشبة المسرح
كارمن لبس وزياد الرحباني عاشا علاقة حب طويلة بدأت من لقاء فني بسيط، تحول مع الوقت إلى شراكة عاطفية وفنية استمرت لسنوات. تروي كارمن عن لحظة تعارفها به، عندما كانت فتاة شغوفة بالتمثيل، وأراد أحد أصدقائها أن يعرّفها عليه بعد عرض مسرحي في منطقة الحمرا.
انتظرته ساعات على درج المسرح، وعند خروجه، عرّفه صديقها عليها، فرحب بها زياد بلطف قائلاً: “أهلًا بكِ”. ومن هنا بدأت القصة.
قالت كارمن في وقت سابق: “أنا كنت خجولة جدًا، ما قدرت حتى أحكي معه… بس هو رحّب فيني، وأعطاني رقمه، وقال لي اتصلي فيني بكرا. ومن بعدها بدأ كل شي.”
زواج غير موثق وتعهد أمام الله
رغم العلاقة الطويلة التي جمعتهما، إلا أن كارمن لبس أكدت أنها وزياد تزوجا أمام الله من خلال تعهد خطي بينهما، لكنه لم يكن زواجًا موثقًا رسميًا. وتبرر ذلك بأن زياد حينها كان يمر بمرحلة طلاق ولم يُنهِ إجراءاته بعد، ولذلك لم يكن بإمكانه الإقدام على زواج قانوني في تلك الفترة.
تقول كارمن: “الناس بتسأل كتير عن علاقتنا… نعم تزوجنا، بس مش بالمحكمة، كتبنا تعهد على ورقة بيني وبينه قدام الله. هيدا الشي بيكفيني.”
وأضافت: “ما في خيانة، وما في حرام، كنا حرّين، ومش مؤذيين حدا. العلاقة كانت بصدق وحب.”
أسباب الانفصال: المال، الضغط، وغياب الوعي
لكن مع مرور السنوات، بدأت العلاقة تواجه صعوبات. بحسب كارمن، كانت الأسباب متعددة، وأبرزها العامل المادي. قالت إنهما كانا يدخلان كل عام في مشروع مسرحي يتوقعان أن يُحقق أرباحًا، لكن النتائج كانت دائمًا خاسرة.
كما أشارت إلى وجود أشخاص محيطين بزياد كانوا ضد علاقتهما، وكانوا يضعون العراقيل باستمرار، ويؤثرون عليه نفسيًا، ما أدّى إلى تراكم الخلافات.
والأهم من ذلك، تعترف كارمن بأنها لم تكن تملك الوعي الكافي في ذلك الوقت لتُعبّر عن احتياجاتها بشكل واضح، معتقدة أن زياد، بذكائه، سيفهم ما يؤلمها دون أن تتكلم.
قالت: “كنت بفتكر إنو لازم هو يعرف لحالو شو مزعوجني… بس كنت غلطانة. لو كنت أنضج، كنت عبّرت أكتر، وقلتلو شو بدي.”
قرار الانفصال… ونكران المقربين
مع كل هذه الضغوط، شعرت كارمن أن العلاقة لم تعد تُشبهها، فاتخذت القرار الصعب بالانفصال، رغم الألم الكبير الذي رافق هذه الخطوة.
المؤلم أكثر بالنسبة لها، كما قالت، لم يكن فقط الانفصال عن زياد، بل صمت الأصدقاء المشتركين الذين غابوا تمامًا عن حياتها بعد ذلك، ولم يتصل أحد منهم للاطمئنان عليها، رغم أنهم كانوا جزءًا من حياتها اليومية.
تقول بمرارة: “الناس يلي كانوا عايشين معنا بالبيت، وكانوا أصحابنا لـ15 سنة، ما حدا سأل عني بعد الانفصال. وكأنو فجأة صرت غريبة.”
زياد الرحباني… فنان استثنائي
رحل زياد الرحباني عن عمر يناهز 68 عامًا، بعد معاناة صحية طويلة، وهو الذي كان يعتبر ظاهرة موسيقية فريدة، وامتدادًا مختلفًا للتجربة الرحبانية. جمع بين السياسة والفن والموسيقى، وصنع أعمالًا تركت بصمة واضحة في الوجدان اللبناني والعربي.
أمه الفنانة الكبيرة فيروز، التي وصفته ذات مرة بـ”العبقري”، حضرت الجنازة برفقة ابنته ريما، في مشهد نادر وهادئ أضفى طابعًا مؤلمًا على مراسم الوداع.
حب لم ينتهِ رغم الفراق
قد تكون العلاقة بين كارمن لبس وزياد الرحباني قد انتهت رسميًا منذ سنوات، لكنها ظلت محفورة في وجدان كارمن حتى لحظة رحيله. الانهيار الذي بدت عليه لم يكن تمثيلًا ولا لحظة ضعف مؤقتة، بل كان تعبيرًا حقيقيًا عن وجع خسران إنسان عاش معها تفاصيل العمر، الفن، الشغف، والحياة.