تركيا – السابعة الإخبارية
تتسع دائرة فضيحة المراهنات في كرة القدم التركية بوتيرة متسارعة، بعدما أعلنت وسائل إعلام محلية، نقلًا عن مصادر قضائية، عن أوامر جديدة باحتجاز عشرات الأشخاص، بينهم لاعبون محترفون ومسؤولون سابقون في أندية كبرى، في واحدة من أخطر القضايا التي تهز المشهد الرياضي في البلاد خلال السنوات الأخيرة.
وذكرت محطة NTV التلفزيونية، إلى جانب وسائل إعلام أخرى، أن المدعين العامين في تركيا أمروا اليوم الجمعة باحتجاز 29 شخصًا إضافيًا، ضمن التحقيقات الجارية حول التورط في مراهنات غير قانونية مرتبطة بمباريات كرة القدم المحلية. وأوضحت القناة، نقلًا عن بيان رسمي لمكتب الادعاء العام، أن السلطات تمكنت من احتجاز 24 مشتبهًا بهم من أصل 29، من بينهم إردن تيمور، المسؤول التنفيذي السابق في غلطة سراي.
ولم يصدر تعليق فوري من تيمور أو من إدارة غلطة سراي بشأن الاتهامات، في وقت أكد فيه البيان الرسمي أن عمليات البحث لا تزال مستمرة عن أربعة مشتبه بهم آخرين، بينما كان أحد المتورطين قيد التوقيف بالفعل على ذمة قضايا أخرى.

لاعبون في قلب العاصفة
وأفادت التقارير بأن 14 من المشتبه بهم الذين شملتهم التحقيقات الأخيرة هم لاعبون شاركوا في البطولات المحلية التركية، دون الكشف عن أسمائهم حتى الآن. ووفقًا للمعلومات المتداولة، فإن ستة من هؤلاء اللاعبين يُشتبه في تورطهم بالمراهنة على مباراة في الدوري التركي الممتاز جمعت بين قاسم باشا وسامسون سبور في أكتوبر/تشرين الأول 2024، ما يثير مخاوف جدية بشأن نزاهة المنافسة في المسابقة الأعلى بالبلاد.
وتأتي هذه التطورات بعد ساعات من إعلان اعتقال 35 شخصًا آخرين، بينهم لاعبان أحدهما من غلطة سراي والآخر من فنربخشة، إضافة إلى رؤساء ثلاثة أندية تنشط في دوري الدرجة الثانية، في إطار التحقيق نفسه الذي بات يطال مختلف درجات كرة القدم التركية.
أزمة تضرب القاعدة والقمّة
ولم تقتصر تداعيات الفضيحة على أندية القمة، إذ كشفت تقارير إعلامية عن معاناة نادي أجري سبور، المنافس في دوري الدرجة الرابعة، من نقص حاد في عدد اللاعبين خلال التدريبات، بعدما جرى إيقاف 17 لاعبًا دفعة واحدة بسبب شبهات تتعلق بالمراهنات، ما اضطر الفريق إلى التدرب بسبعة لاعبين فقط في بعض الحصص.
وفي سياق متصل، كان الاتحاد التركي لكرة القدم قد أعلن الشهر الماضي إيقاف 149 حكمًا ومساعد حكم، بعد ثبوت تورطهم في المراهنة على مباريات كرة قدم، في خطوة غير مسبوقة تعكس حجم الأزمة واتساع رقعتها.
أرقام صادمة وإجراءات صارمة
ووفقًا لما أوردته التقارير، فإن التحقيقات الموسعة أسفرت حتى الآن عن إيقاف 1024 لاعبًا من مختلف البطولات المحلية، واعتقال ثمانية أشخاص إضافيين، من بينهم رئيس نادٍ في دوري الأضواء. كما سبق للمدعين العامين، في وقت سابق من الشهر الجاري، إصدار أوامر باعتقال 46 شخصًا، شملت لاعبين، ورؤساء أندية، ومعلقين رياضيين، وحكمًا، على خلفية التورط في مراهنات داخلية.
وفي تطور لاحق، قضت محكمة تركية بسجن 20 مشتبهًا بهم، من بينهم لاعبون ينشطون في الدوري الممتاز، لحين بدء محاكمتهم، في إشارة واضحة إلى تشدد القضاء التركي في التعامل مع هذه القضايا التي تمس نزاهة الرياضة.

سمعة اللعبة على المحك
وتحذر أوساط رياضية وقانونية من أن استمرار هذه الفضيحة دون حسم جذري قد يلقي بظلال ثقيلة على سمعة كرة القدم التركية، محليًا ودوليًا، خاصة في ظل مشاركة أنديتها ولاعبيها بانتظام في البطولات الأوروبية. كما تؤكد أن المرحلة المقبلة ستكون حاسمة، ليس فقط من خلال العقوبات، بل عبر إصلاحات شاملة لمنظومة الرقابة ومنع تضارب المصالح، لضمان عدم تكرار مثل هذه القضايا مستقبلاً.
وبينما تتواصل التحقيقات، تظل كرة القدم التركية أمام اختبار قاسٍ، عنوانه الأبرز: استعادة الثقة وحماية نزاهة اللعبة من أخطر تهديد واجهته منذ سنوات.
