الإمارات – السابعة الإخبارية
تصريح معلن.. في خطوة تنظيمية محورية تهدف إلى مواكبة التطورات المتسارعة في صناعة الإعلام الرقمي، أعلن مجلس الإمارات للإعلام عن إطلاق تصريح جديد تحت مسمى “تصريح معلن”، موجه للأفراد الذين يمارسون الأنشطة الإعلانية عبر منصات التواصل الاجتماعي، سواءً بمقابل مادي أو غير مادي.
يأتي هذا الإجراء ضمن رؤية شاملة لتحديث البيئة التنظيمية في دولة الإمارات، بما يضمن تحقيق توازن بين دعم صناعة المحتوى، وضمان حقوق الجمهور والمعلنين وصنّاع المحتوى على حد سواء، في إطار يحفّز الشفافية والمهنية، ويعزز مكانة الدولة كمركز رائد في صناعة الإعلام والإعلان الرقمي على المستوى الإقليمي والعالمي.

تصريح معلن : نموذج إعلامي جديد لزمن رقمي
وفي بيان رسمي، قال محمد سعيد الشحي، الأمين العام لمجلس الإمارات للإعلام، إن إطلاق “تصريح معلن” يمثل نقلة نوعية في تنظيم النشاط الإعلاني الرقمي، ويأتي استجابة لحاجة ماسة إلى وضع أطر قانونية وتنظيمية واضحة لممارسات الإعلان عبر الإنترنت.
وأوضح الشحي أن التصريح يُشكل جزءًا من استراتيجية أوسع لتطوير منظومة إعلامية متكاملة تواكب التحولات التقنية والسلوكيةفي استهلاك المحتوى، وتوفر بيئة تنظيمية تحافظ على التوازن بين حرية الإبداع والمسؤولية المجتمعية.
وأضاف:“نهدف من خلال هذه المبادرة إلى تعزيز الشفافية والمصداقية في الإعلانات الرقمية، وضمان أن تكون العلاقة بين صنّاع المحتوى والمعلنين والجمهور قائمة على أسس مهنية ومسؤولة، ما يسهم في رفع جودة المحتوى ومصداقيته أمام المتابعين.”
التنظيم لحماية الجميع
الهدف الأساسي من التصريح، وفق البيان، هو حماية حقوق المجتمع والمستهلكين وصناع المحتوى معًا، من خلال آليات قانونية واضحة تنظم النشاط الإعلاني على المنصات الرقمية، التي باتت تلعب دورًا مركزيًا في التأثير على قرارات الجمهور الشرائية والاقتصادية وحتى الثقافية.
ويأتي هذا القرار في وقت يشهد فيه الإعلان الرقمي انتشارًا واسعًا، وتنوعًا في الأساليب، من بينها المحتوى الترويجي المبطن، و”الإعلانات غير المعلنة” التي باتت تثير جدلًا أخلاقيًا وتنظيميًا عالميًا. ويسعى تصريح “مُعلِن” إلى مواجهة هذا التحدي، من خلال وضع ضوابط واضحة ومحددة تُلزم المُعلنين بالإفصاح عن طبيعة المحتوى الممول أو المدفوع.

تمكين اقتصادي وتحفيز للمواهب
من جهتها، أكدت ميثاء ماجد السويدي، المدير التنفيذي لقطاع الاستراتيجية والسياسات الإعلامية في مجلس الإمارات للإعلام، أن هذا التصريح لا يهدف فقط إلى تنظيم السوق، بل يُعد آلية تمكينية لصناع المحتوى، تهدف إلى تعزيز جودة الإعلانات المنشورة عبر المنصات الرقمية، ومنح الثقة للجمهور بأن المحتوى الإعلاني يخضع لرقابة ومراجعة مهنية.
وقالت السويدي:“نعمل على تمكين الأفراد المبدعين من ممارسة أنشطتهم بشكل احترافي، يراعي القوانين والمعايير الأخلاقية، وفي ذات الوقت نوفر بيئة محفزة تضمن نمو القطاع واستدامته.”
وتؤمن الجهات المنظمة أن اقتصاد المحتوى أصبح أحد المحركات الأساسية للنمو في العصر الرقمي، حيث تنشط آلاف الحسابات والمشروعات الصغيرة على منصات التواصل الاجتماعي، وتقدم محتوى ترويجيًا، ترفيهيًا أو توعويًا، ما يستدعي وجود مظلة تنظيمية تضمن الاحترافية والمسؤولية الاجتماعية في هذا الفضاء المفتوح.
انعكاسات اقتصادية واستثمارية
يمثل هذا الإجراء فرصة حقيقية لتعزيز جاذبية السوق الإعلانية الإماراتية، واستقطاب المزيد من الاستثمارات في قطاع الإعلام الرقمي. إذ يرى مراقبون أن الخطوة تعزز ثقة الشركات والعلامات التجارية في التعامل مع المؤثرين وصناع المحتوى المحليين، في ظل وجود إطار قانوني واضح يحدد الحقوق والواجبات.
ويُتوقع أن يسهم “تصريح معلن” في تحفيز الشركات العالمية على التعاون مع صنّاع المحتوى الإماراتيين ضمن منظومة تحكمها الشفافية والمصداقية، الأمر الذي يعزز موقع الدولة كمركز إقليمي لصناعة الإعلام.

التنظيم لا يعني التقييد
تُشير تصريحات المسؤولين إلى أن تنظيم المحتوى الإعلاني لا يعني فرض قيود على حرية التعبير أو الإبداع، بل هو جزء من عملية تطوير بيئة رقمية آمنة، عادلة، ومستدامة. ويسعى المجلس من خلال هذا التصريح إلى بناء علاقة واضحة بين الجمهور وصانع المحتوى، تُظهر متى يكون المحتوى إعلانًا ومتى يكون تعبيرًا ذاتيًا، وهو ما يُعزز الوعي الاستهلاكي لدى المستخدمين.
خاتمة
مع تزايد الاعتماد على المنصات الرقمية كوسائل رئيسية للتواصل والتسويق، تبرز أهمية وجود تشريعات حديثة تستوعب طبيعة العصر الرقمي. ويبدو أن “تصريح مُعلِن” خطوة سبّاقة في هذا الاتجاه، تضع الإمارات مجددًا في موقع الريادة على خارطة الإعلام العربي والدولي، من خلال حوكمة ذكية تجمع بين حرية الإبداع ومسؤولية التأثير.