الإمارات – السابعة الإخبارية
يوم التروية.. يعد يوم التروية من أهم الأيام في التقويم الهجري، وأحد المشاهد العظيمة في شعيرة الحج، التي تمثل الركن الخامس من أركان الإسلام.
يقع هذا اليوم في الثامن من شهر ذي الحجة، ويُعد بمثابة التحضير الروحي والعملي للوقوف بعرفة، الذي يُعد أعظم أركان الحج. لكن لماذا سُمي بهذا الاسم؟ وما الأعمال التي تُؤدى فيه؟ وما فضله في ميزان العبادة؟ إليك كل ما تحتاج معرفته.

لماذا سمي “يوم التروية” بهذا الاسم؟
يرتبط اسم “التروية” بالتاريخ القديم لمكة المكرمة ومشقة السفر في أداء مناسك الحج، حيث كان الحجاج في العصور القديمة يتزودون بالماء في هذا اليوم استعدادًا للانتقال إلى صعيد عرفة، الذي لم يكن تتوفر فيه المياه آنذاك. فكلمة “تروية” تعني “الارتواء”، وقد أطلق عليه هذا الاسم لأن الحجاج يرتوون بالماء من مكة ويحملونه معهم إلى منى تحسبًا لما قد يواجهونه من مشقة في الأيام التالية.
كما ذُكر في بعض الروايات أن إبراهيم عليه السلام، رأى في هذا اليوم الرؤيا التي أمره الله فيها بذبح ابنه إسماعيل، فكان يتروّى في أمرها – أي يتأمل ويتفكر – ولذلك أُطلق عليه اسم “يوم التروية”.
ما هو فضل يوم التروية؟
رغم أن يوم عرفة يُعد من أعظم أيام العام من حيث الأجر والمغفرة، فإن يوم التروية لا يقل شأنًا، خاصة بالنسبة للحاج، إذ يُعد بداية الدخول في النسك الفعلي للحج. من فضائل هذا اليوم:
أنه من أيام العشر من ذي الحجة، والتي أقسم الله بها في القرآن الكريم: ﴿وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ﴾ [الفجر: 1-2]، وهي أيام عظيمة تُضاعف فيها الأعمال الصالحة.
أنه يُمثل البداية العملية لشعائر الحج، ويؤذن بدخول الحاج في حالة إحرام، وبدء النية الصريحة لأداء هذا الركن العظيم.
أنه يوم يُستحب فيه الإكثار من الذكر والدعاء والاستغفار.

أعمال الحاج في يوم التروية
في هذا اليوم، ينتقل الحجاج من مكة إلى منى، وهي أول محطة في رحلة الحج بعد الإحرام. وتُؤدى فيه الأعمال التالية:
الإحرام بالحج (لمن لم يكن قد أحرم مسبقًا):
من كان متمتعًا، يُحرم بالحج من مكانه بعد الاغتسال والتطيب ولبس ملابس الإحرام.
من كان قارنًا أو مفردًا، يستمر في إحرامه من بداية النسك.
التلبية:
بعد الإحرام، يبدأ الحاج في التلبية قائلًا: “لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك.”
الذهاب إلى منى:
بعد الإحرام، يتوجه الحاج إلى مشعر منى في وقت الضحى، ويُستحب أن يصلي فيها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصرًا بدون جمع، كل صلاة في وقتها.
المبيت بمنى:
يُعد المبيت بمنى ليلة التاسع من ذي الحجة سنة عن النبي ﷺ، حيث بات فيها قبل أن يتوجه إلى عرفة في اليوم التالي.

أهمية منى في يوم التروية
منى ليست مجرد محطة انتقال، بل تُعد مشعرًا من مشاعر الحج العظيمة، وتقع بين مكة ومزدلفة. ورغم أن مناسكها الأساسية تأتي في أيام التشريق (رمي الجمرات)، فإن المبيت فيها في يوم التروية سنة نبوية تُؤدى استعدادًا ليوم عرفة.
وكان النبي ﷺ قد قال في حجة الوداع: “خذوا عني مناسككم”، وقد ثبت أنه بات في منى يوم التروية، وأدى فيها الصلوات الخمس، ثم انطلق إلى عرفة بعد شروق شمس اليوم التالي.
هل يُشرع صيام يوم التروية؟
بالنسبة لغير الحاج، يُستحب صيام يوم التروية، لأنه من أيام العشر، لكن لم يرد في السنة النبوية فضل خاص بصيام يوم التروية تحديدًا، إلا أن بعض الفقهاء رأوا أنه من الأيام التي يُرجى فيها الأجر العظيم لمن صامها.
أما بالنسبة للحاج، فإن ترك الصيام أولى، حتى يتقوّى على الوقوف بعرفة اليوم التالي، خاصة أن النبي ﷺ أفطر في حجة الوداع بعرفة، فكيف بمن يصوم يومين متتاليين أثناء أداء المناسك؟
يوم التروية 🩶 pic.twitter.com/gGuwihlFWu
— أذكارك (@ii_e19) June 3, 2025
يوم التروية ليس مجرد محطة انتقال للحاج، بل هو بداية الانخراط في قدسية شعائر الحج، وتحضير جسدي وروحي للوقوف بعرفة، والانطلاق في رحلة العودة إلى الله. في زمن يشتد فيه التعلق بالماديات، يأتي هذا اليوم ليذكّرنا بالنية، بالطهارة، وبالرحلة التي تبدأ من القلب قبل الأقدام.
فليكن يوم التروية لحظة تأمل، سواء كنت حاجًا على أرض منى، أو مسلمًا يتوق بقلبه إلى بيت الله الحرام.