بريطانيا- السابعة الإخبارية
ما زالت دمية لابوبو الشهيرة تتصدر حديث العالم، ليس فقط باعتبارها اللعبة الأكثر رواجًا بين الأطفال، بل أيضًا بسبب الجدل المتصاعد حول النسخ المقلدة منها التي تُهرّب بكميات هائلة إلى الأسواق البريطانية. ومع تزايد انتشار هذه الدمى المزيفة، التي يُطلق عليها اسم “لافوفو”، دقّت السلطات البريطانية ناقوس الخطر، محذرة من تداعيات اقتصادية وأمنية وصحية خطيرة.

ضبط مئات الآلاف من النسخ المقلدة
كشفت قوة الحدود البريطانية هذا العام عن مصادرة مئات الآلاف من دمى “لافوفو” القادمة عبر الطرود السريعة والشحن الجوي، معظمها من دول مثل الصين وهونج كونج وتركيا. ورغم حالة التأهب القصوى التي تفرضها الأجهزة المعنية، إلا أن عشرات الآلاف من هذه النسخ المقلدة تسللت عبر الشبكات غير القانونية الشهر الماضي، لتجد طريقها سريعًا إلى المتاجر والأسواق.
وبحسب صحيفة ديلي ميل البريطانية، تدخل هذه الألعاب المزيفة شبكات التوزيع غير الشرعية وتُباع بأسعار مرتفعة، ما يجعلها مربحة للغاية بالنسبة للمزورين، لكنها في الوقت ذاته تُشكّل تهديدًا على المستهلكين الصغار.
الجريمة المنظمة والاقتصاد في خطر
أحد المحققين السابقين في جهاز سكوتلاند يارد أكد أن تجارة الألعاب المقلدة ليست مجرد نشاط تجاري غير قانوني، بل هي مصدر رئيسي لتمويل شبكات الجريمة المنظمة، والاتجار بالبشر، وأحيانًا الإرهاب. وشرح بالقول: “في كل مرة يُباع منتج مقلد، يتم سحبالأموال من التجار الشرعيين ونقلها إلى أيدي المجرمين الذين يستخدمونها في أنشطة خطرة”.
الأضرار الاقتصادية لا تقل خطورة، إذ يخسر تجار التجزئة الشرعيون ملايين الجنيهات الإسترلينية سنويًا بسبب هذه التجارة السوداء. كما تتأثر سلاسل التوريد الرسمية التي تستثمر في الجودة والامتثال لمعايير السلامة، لتجد نفسها في منافسة غير عادلة مع بضائع رخيصة وخطيرة.

انتشار واسع في أنحاء المملكة المتحدة
لم تقتصر الظاهرة على مدينة أو منطقة بعينها. فبحسب تقارير حديثة، صادرت هيئة معايير التجارة منتجات لابوبو مزيفة في مختلف أنحاء المملكة المتحدة، من ويلز إلى اسكتلندا، مرورًا بمدن كبرى مثل لندن.
في شهر يوليو وحده، صادر مجلس شمال تاينسايد أكثر من 2000 دمية مزيفة من 13 متجرًا خلال ثلاثة أسابيع فقط. وفي العاصمة لندن، ضبطت السلطات في منطقة بيكسلي جنوب شرق المدينة أكثر من 1000 دمية لابوبو مقلدة و128 لعبة أخرى غير آمنة من متجرين فقط خلال هذا الشهر.
مخاطر صحية جسيمة على الأطفال
لا تقتصر خطورة الدمى المقلدة على الجانب الاقتصادي أو القانوني، بل تمتد لتشكل تهديدًا مباشرًا للأطفال. إذ حذرت سلطات السلامة من أن هذه الألعاب غالبًا ما تُصنع من مواد رديئة ولا تخضع لأي فحص للجودة.
بعض الدمى تحتوي على أجزاء صغيرة قابلة للانفصال بسهولة، ما يشكل خطر اختناق على الأطفال الصغار. وفي إحدى الحالات التي وثقتها السلطات، أدى الضغط على دمية واحدة فقط إلى خروج عينها بالكامل، ما يكشف عن هشاشتها وضعف تصميمها.
المستشارة ساندرا جراهام، عضو مجلس الوزراء لشؤون السلامة المجتمعية، صرّحت قائلة: “لقد شهدنا ارتفاعًا مقلقًا في الدمىالمقلدة، وهذه المنتجات لا تستوفي معايير سلامة الألعاب في المملكة المتحدة. نحث أولياء الأمور على الإبلاغ عن أي منتجاتمشبوهة لحماية أطفالهم”.

تحذيرات للآباء والمستهلكين
مع استمرار تدفق النسخ المزيفة، شددت السلطات البريطانية على ضرورة وعي المستهلكين بخطورة شراء الألعاب من مصادر غير موثوقة. وأوصت أولياء الأمور بضرورة التحقق من شهادة السلامة الأوروبية (CE Mark) على العبوات، وتجنب شراء الألعاب من الباعة المتجولين أو المواقع الإلكترونية غير الرسمية.
كما أكدت الجهات الرقابية أن أي لعبة بأسعار منخفضة بشكل مبالغ فيه قد تكون مؤشرًا قويًا على أنها مقلدة. وفي هذا السياق، نصح الخبراء الآباء بتفضيل الشراء من متاجر كبرى أو موزعين معتمدين، حتى لو كان السعر أعلى نسبيًا، لضمان سلامة أطفالهم.
معركة مفتوحة
لا تبدو المعركة ضد دمى لابوبو المزيفة سهلة، فحجم الطلب الهائل على النسخة الأصلية يجعلها هدفًا مغريًا للمزورين. ومع كل شحنة تُصادر عند الحدود، تتسلل أخرى لتجد طريقها إلى الأسواق، في حلقة مستمرة من الكر والفر بين السلطات والمجرمين.
وفي حين تعمل الحكومة على تكثيف حملات التفتيش والتوعية، يبقى الدور الأكبر على عاتق الأسر التي يتعين عليها اتخاذ قرارات شراء مسؤولة لحماية أبنائها من المخاطر الصحية، والمساهمة في وقف تدفق الأموال إلى شبكات إجرامية عابرة للحدود.