القاهرة – السابعة الاخبارية
لن أعيش في جلباب أبي 2، في خطوة غير متوقعة، أعلن الفنان الشاب عمر محمد رياض عبر صفحاته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي عن تحضيره لجزءٍ ثانٍ من المسلسل الأسطوري لن أعيش في جلباب أبي 2، الذي يعتبر من أعمدة الدراما المصرية في التسعينيات، ومن الأعمال التي ترسّخت في الوجدان العربي لسنوات طويلة.
الإعلان، رغم إيجازه، أثار موجة واسعة من التفاعل بين الحنين، والفضول، والجدل، إذ كتب عمر:
“قالوا إن الحكاية خلصت، بس في حكايات بتختار هي ترجع بنفسها… لن أعيش في جلباب أبي 2.”
لن أعيش في جلباب أبي 2.. حنين إلى الكلاسيكيات هل يعود السحر القديم؟
ليس غريبًا أن يُحدث هذا الإعلان ضجة كبيرة، فالمسلسل الأصلي الذي عُرض لأول مرة عام 1996 ما زال يُشاهَد حتى اليوم على الشاشات ومنصات الإنترنت، ويحقق نسب مشاهدة مرتفعة. وقد شكّل آنذاك نقلة نوعية في معالجة الدراما الاجتماعية المصرية من خلال قصة مستوحاة من الواقع، عن الكفاح، والعائلة، والتقاليد، والطموح، والمجتمع المتغيّر.
وما جعل الخبر أكثر إثارة أن القائم على المشروع هو عمر محمد رياض، نجل الفنان محمد رياض، أحد أبطال الجزء الأول، ما يعزز الترابط بين الجيلين القديم والجديد، ويمنح المشروع نوعًا من الشرعية العاطفية والفنية في آنٍ واحد.
قصة خالدة من زمن الأبيض والأسود
المسلسل الأصلي مقتبس من قصة الكاتب الكبير إحسان عبد القدوس، وسيناريو وحوار مصطفى محرم، وإخراج المخرج الراحل أحمد توفيق. وقدّم العمل آنذاك صورة فنية شديدة العمق عن الصعود الطبقي، والتغيرات المجتمعية، من خلال شخصية عبد الغفور البرعي، تاجر الخردة العصامي، الذي بدأ من لا شيء، وانتهى إلى واحدة من أشهر الشخصيات الدرامية في تاريخ الشاشة.
جسد دور عبد الغفور باقتدار النجم الكبير نور الشريف، فيما قدمت عبلة كامل دور زوجته فاطمة ببساطة وأداء أخّاذ جعله من أكثر الأدوار ارتباطًا بها في أذهان الجمهور. كما برزت العديد من الشخصيات الأخرى التي لا تُنسى، مثل “سنية”، “سعيد”، و”نبيلة”، وأبناء عبد الغفور الذين مثّلوا تنوع الطبقات والطموحات والانكسارات في المجتمع المصري.
جمهور يترقب.. وآخر متحفظ
الإعلان عن الجزء الثاني أثار حماسة شريحة كبيرة من الجمهور الذي أعرب عن اشتياقه للعودة إلى هذه الشخصيات المحبوبة، ومتابعة تطورات حياتها، خاصة بعد مرور ما يقرب من ثلاثة عقود على نهاية الجزء الأول.
لكن في المقابل، عبّر آخرون عن تحفظهم، مشيرين إلى أن جزءًا كبيرًا من سحر العمل الأصلي ارتبط بالزمن الذي عُرض فيه، وبالنجوم الذين جسّدوا شخصياته. وتساءل البعض:
“هل يمكن تكرار النجاح في ظل غياب نور الشريف وعبلة كامل؟ وهل سيكون النص قادرًا على مواكبة التغييرات المجتمعية بنفس القوة؟”
تحديات فنية في استكمال الأسطورة
من المؤكد أن العمل على جزء ثانٍ لمسلسل بهذه القيمة سيواجه تحديات فنية كبيرة، أبرزها:
1. غياب الأبطال الأساسيين
رحيل نور الشريف، وابتعاد عبلة كامل عن الساحة الفنية، يضع عبئًا كبيرًا على فريق العمل الجديد، الذي سيكون عليه أن يقدّم قصة تستكمل حكاية العائلة دون أن تفقد هويتها أو تأثيرها.
2. الجمهور العاطفي
يملك المسلسل جمهورًا عاطفيًا للغاية، ارتبط بالشخصيات إلى حد التقديس. أي تغييرات جذرية أو تحديثات قد لا تُقابل بالترحاب، ما يتطلب من صناع الجزء الجديد توازنًا دقيقًا بين الأصالة والتجديد.
3. العصر الجديد
أحداث الجزء الأول كانت تدور في زمن مختلف تمامًا اقتصاديًا وثقافيًا واجتماعيًا. وفي ظل التحولات الهائلة التي مرّ بها المجتمع المصري منذ التسعينيات وحتى اليوم، سيكون على الجزء الثاني أن يعكس هذه التغيرات بواقعية وعمق، دون أن يسقط في فخ التكرار أو السطحية.
احتمالات القصة في “لن أعيش في جلباب أبي 2”
مع عدم الإعلان عن أي تفاصيل رسمية حتى الآن، تبقى القصة الجديدة في نطاق التوقعات. فهل سيُركّز الجزء الثاني على أبناء عبد الغفور البرعي وما آلت إليه حياتهم؟ أم سيكون لدينا جيل جديد تمامًا يُعيد اكتشاف القصة من منظور معاصر؟
من الممكن، مثلاً، أن يستند الجزء الجديد إلى سيرة أحد الأحفاد، ممن يسيرون على خطى الجد عبد الغفور أو يتمردون عليه، في ظل واقع اقتصادي مختلف، ما يفتح الباب لطرح قضايا مثل:
- الفجوة بين الأجيال
- ضغوط النجاح العائلي
- صراع المال والمبادئ في زمن الحداثة
- سقوط الأخلاق في سبيل الوصول
- العائلة كقيمة تواجه التفكك العصري
هذه المواضيع كلها قد تكون أرضًا خصبة لتقديم معالجة جديدة، بشرط أن تُكتب بحرفية، وتُؤدى بصدق، وتحترم روح العمل الأصلي.
عمر محمد رياض.. شاب على خطى الكبار
يرتبط اسم عمر محمد رياض تلقائيًا بوالده محمد رياض، أحد النجوم الذين أبدعوا في الجزء الأول بشخصية “عبد الوهاب”، الابن المتعلم الطموح الذي تمرد على طريقة والده في إدارة المال والحياة.
واليوم، يبدو أن عمر يسير على خُطى والده، ليس فقط فنيًا، بل في محاولة للحفاظ على الإرث الدرامي، والربط بين الأجيال. وربما يكون هذا الحماس هو ما دفعه لخوض مغامرة استكمال مسلسل بهذه الضخامة.
ولا يُعرف حتى الآن إن كان عمر سيلعب دورًا تمثيليًا في العمل الجديد، أم سيكتفي بدور المشرف أو المنتج أو صاحب الفكرة، لكن المؤكد أن هذه الخطوة ستكون علامة فارقة في مسيرته.
نشاط فني موازٍ: عمر رياض في مسلسل “2 قهوة”
على صعيد آخر، يُشارك عمر محمد رياض في مسلسل “2 قهوة” المنتظر عرضه قريبًا، وهو عمل اجتماعي معاصر يضم نخبة كبيرة من نجوم الشباب، مثل:
- أحمد فهمي
- مرام علي
- نانسي صلاح
- محسن محيي الدين
- مي القاضي
- حازم إيهاب
- هبة الأباصيري
وغيرهم من الأسماء البارزة.
المسلسل من تأليف عمرو محمود ياسين، وإخراج عصام نصار، وإنتاج أحمد عبد العاطي، ويتوقع له أن يُحقق حضورًا قويًا عند عرضه نظرًا لأسماء صُنّاعه وطابعه الشبابي.
“لن أعيش في جلباب أبي”: إرث لا يُنسى
مهما كانت نتائج الجزء الجديد، ستظل النسخة الأصلية من المسلسل واحدة من أعظم الإنجازات الدرامية في مصر والعالم العربي. فقد نجح العمل في رسم صورة حيّة للمجتمع المصري بكل تناقضاته، وجسد صراع القيم والتقاليد، وطرح أسئلة عميقة حول الهوية والطموح والانتماء.
وقد ساهمت شخصياته ومشاهده في تشكيل وعي جيل كامل، وأصبحت بعض جمله مأثورة ومتداولة حتى اليوم، مثل مشهد سوق الخردة، وحوار “ابن الوز عوام”، ومواقف “سنية” التي تحوّلت إلى رمز للكوميديا داخل الدراما.
كلمة أخيرة: العودة إلى الجلباب.. برؤية جديدة؟
يبقى السؤال الكبير:
هل ستنجح هذه العودة في إعادة السحر القديم؟ أم أن محاولة إحياء الكلاسيكيات في زمن السرعة والمحتوى القصير ستفقدنا جمال التفاصيل وبطء الدراما العميقة؟
ما بين الحنين، والتحدي، والتجديد، تبدو مغامرة “لن أعيش في جلباب أبي 2” مغامرة فنية محفوفة بالمخاطر، لكنها أيضًا فرصة لإعادة إحياء واحدة من أعظم قصص الدراما، برؤية تناسب زمننا، دون أن تتخلى عن قلبها وروح