كاليفورنيا – السابعة الإخبارية
في حادث مأساوي أعاد إلى الواجهة التساؤلات حول سلامة تصميم سيارات “تسلا”، لقيت طالبة جامعية تبلغ من العمر 19 عاماً مصرعها بعد أن علقت داخل سيارة “تسلا سايبرتراك” التي اشتعلت فيها النيران عقب اصطدامها بشجرة، مما أدى إلى وفاتها حرقاً واختناقاً، رغم أنها لم تتعرض لإصابات بالغة نتيجة الاصطدام نفسه.
الضحية، كريستا ميشيل تسوكاهارا، كانت طالبة في سنتها الثانية بجامعة سافانا للفنون والتصميم، وقد توفيت في نوفمبر الماضي في مدينة بييدمونت بولاية كاليفورنيا. الحادث أسفر عن مصرع ثلاثة شبان كانوا داخل السيارة، بينما نجا راكب رابع بإصابات خطيرة.
وبحسب ما ورد في الدعوى القضائية التي رفعها والدا الضحية، كارل ونويل تسوكاهارا، فإن ابنتهما كانت عالقة في المقعد الخلفي للسيارة، ولم تتمكن من الخروج بعد اندلاع النيران، بسبب عطل في نظام الأبواب الذي يعمل بالكهرباء. ووفقاً للدعوى، فإن السبب الرئيسي في وفاتها لم يكن الاصطدام، بل فشلها في الخروج من المركبة المحترقة نتيجة تعطل أبواب “تسلا” التي لم تفتح عند انقطاع الطاقة.
الأبواب الذكية.. مأساة قاتلة عند انقطاع الكهرباء
اعتمدت شركة “تسلا” منذ سنوات على أنظمة فتح الأبواب المعتمدة بالكامل على الطاقة الكهربائية، وهو ما يمثل تطورًا تقنيًا في عالم صناعة السيارات، لكنه أثار انتقادات واسعة خاصة عند فشل هذه الأنظمة في حالات الطوارئ.
في حالة كريستا، أوضح محامو العائلة أن الباب لم يُفتح بعد اصطدام السيارة بالشجرة، مشيرين إلى أن المقبض اليدوي للطوارئ الموجود داخل السيارة “يصعب الوصول إليه”، خصوصاً في المقعد الخلفي، ما جعل من المستحيل على الضحية الهروب من اللهب المتصاعد.
وقال محامي العائلة، روجر دريير، إن وفاة كريستا كانت “قابلة للتجنّب بالكامل” لو تم تزويد السيارة بنظام طوارئ فعّال لا يعتمد على الطاقة الكهربائية. وأضاف: “نحن لا نسعى فقط للحصول على تعويض، بل نريد تسليط الضوء على مشكلة تهدد حياة الملايين ممن يستخدمون هذه المركبات”.
حوادث متكررة ومطالب بالتحقيق
ليست هذه المرة الأولى التي تواجه فيها “تسلا” دعوى قضائية بسبب نظام الأبواب الذكي في سياراتها. ففي سبتمبر الماضي، وقع حادث مشابه في ألمانيا الغربية، حين فشل بعض المارة في إنقاذ رجل وطفلين من سيارة “تسلا” مشتعلة، بعد أن عجزوا عن فتح الأبواب القابلة للطي، ما أدى إلى وفاتهم حرقاً. ونجا طفل واحد يبلغ من العمر تسع سنوات فقط من الحادث.
كما حكمت هيئة محلفين في ولاية فلوريدا، في أغسطس الماضي، بتغريم شركة “تسلا” بأكثر من 178 مليون جنيه إسترليني كتعويض لعائلة طالب جامعي آخر فقد حياته بسبب خلل في نظام السيارة. وأوضح الحكم أن الحادث وقع أيضاً بسبب عجز الراكب عن فتح باب السيارة في لحظة حرجة بعد اصطدامها.
تسلا تلتزم الصمت.. لكن الضغط يتصاعد
حتى لحظة كتابة هذا التقرير، لم تصدر شركة “تسلا” أي بيان رسمي تعليقًا على الحادث الأخير أو على الدعوى المرفوعة من عائلة كريستا. غير أن الحادثة أعادت تسليط الضوء على مدى أمان تصميمات سيارات تسلا، لا سيما نظام الأبواب الكهربائي الذي كان محور جدل مستمر في السنوات الأخيرة.
يؤكد خبراء في مجال السيارات أن الاعتماد الكامل على الأنظمة الذكية دون بدائل يدوية فعالة قد يمثل خطراً حقيقياً في حالات الطوارئ، خاصة عند اشتعال النيران أو تعرض السيارة لأضرار كهربائية. ويطالب كثير من المهندسين والناشطين في مجال سلامة الطرق، بتشريعات تُلزم الشركات بتوفير وسائل طوارئ سهلة الوصول وفورية الاستخدام في جميع السيارات الذكية.
هل تغير المأساة شيئاً؟
الحادث الذي أودى بحياة كريستا يُعد صدمة مؤلمة ليس فقط لعائلتها وأصدقائها، بل أيضاً لمجتمع التكنولوجيا الذي طالما تفاخر بقدرة “تسلا” على الريادة في مجال النقل الذكي. غير أن الحوادث المتكررة تثير تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الريادة جاءت على حساب سلامة الركاب.
الجدير بالذكر أن القضية المرفوعة قد تمثل نقطة تحوّل في تعامل الجهات القضائية والتنظيمية مع الشركات المصنعة للسيارات الذكية، وربما تدفع نحو مراجعة شاملة لأنظمة الأمان فيها، خصوصاً في ظل ازدياد عدد المستخدمين وثقة المستهلكين بهذه التكنولوجيا الحديثة.
ويبقى السؤال: هل ستدفع هذه المآسي “تسلا” — وأمثالها من الشركات — إلى إعادة النظر في أولويات التصميم، وتقديم السلامة على الابتكار؟ أم أن الطريق لا يزال طويلاً قبل أن تصبح السيارات الذكية أكثر إنسانية في لحظات الخطر؟