اليمن – السابعة الاخبارية
مأساة، دهست سيارة تابعة لأحد القيادات الحوثية، تحمل لوحة رسمية، رجلًا وطفلين من بائعي الرمان أثناء عملهم في أحد الأسواق الفرعية جنوبي محافظة إب، الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي باليمن. هذا الحادث البشع كان بمثابة مأساة وأعاد إلى الواجهة ظاهرة الاستهتار بحياة المدنيين في مناطق النزاع، ولا سيما أولئك الذين يكسبون قوت يومهم بصعوبة.
وبحسب شهود محليين، فإن السائق، الشاب الذي يقود السيارة المرتبطة بالقيادي الحوثي، فقد السيطرة على المركبة التي انطلقت بسرعة جنونية في منطقة مزدحمة، ما أدى إلى صدم العربات الصغيرة المخصصة لعرض وبيع الرمان، وأسفر عن انفجار مشهد من الدماء والمأساة أمام أعين الأهالي.
مأساة وضحايا في حادث السيارة باليمن
نتج عن الحادث وفاة ثلاثة أفراد على الفور: رجل كبّير وطفلان يمتهنان بيع الرمان لكي يدعما أسرتهما في ظل الظروف الاقتصادية القاسية. لقطات مشهد الجثث المنتشرة وسط العربات المتضررة تنبئ بمدى الفاجعة، وتبرز أن الضحايا لم يكونوا مجرد أرقام، بل أشخاصًا يعيشون على الهامش، وحقق الموت إسقاطًا وحيدًا على كرامتهم.
وإلى جانب الخسائر البشرية، تضررت سيارة أجرة كانت متوقفة، وسقطت دراجة نارية من جانب الطريق، ما عمّق الشعور بالفوضى التي عاد من جديد لتخترق حياة المدنيين الذين لا يملكون إلا قوت الرزق الذي يجمعونه بأيديهم كل يوم.
رد فعل المجتمع: من الإنكار إلى المطالبة بالعدالة
ظلت منطقة الحادث صامتة لدقائق، وظهر السائق في حالة من الصدمة، محاصراً داخل مقود السيارة، لا يدرك ما أحدثه، حتى تدخل المواطنون وطالبوه بالاستسلام، وتم تسليمه إلى مركز الشرطة المحلي. هذا المشهد يعكس تململ المجتمع من سطوة غير المقيّدة، وسعيه للاستجابة للحدث رغم الخوف.
وعلم أن سلطات الأمن المحلية، بدورها، لم تتجاهل المجزرة، بل عملت على التحقيق في الأمر وتسليم السائق إلى الجهات القضائية المختصة، في محاولة لمنع تفشي نوع من الإفلات من العقاب الذي ينعكس دمارًا على الثقة والعدالة.
السياق: متوسط سرعة القطارة وحياة الباعة المهددة
في اليمن، حيث الحرب أبرزت هشاشة بنية الدولة، يظل بائعو الفاكهة ومواد البسطات مصدر رزق محدود، لكنهم تحت رحمة البيئات الأمنية المتدهورة. يتحركون بين أسواق صغيرة وحارات ضيقة، بينما الحرية الأمنية تُمنح لأكثر من يتناول السلطة، وحتى عندما يتسببون بأضرار، فإن المحاسبة تصبح استثناءً لا قاعدة.
السائق يتنقل بسرعة مفاجئة في سوق ضيق؟ هذا واقع طبيعي في ظل ما وصفه السكان بـ”التصيّف الحوثي” الذي لا يقارب فيه الحفاظ على حياة المدنيين. الحادث كشف هشاشة التعامل مع أرواح الضعفاء، ودلل على الحاجة الملحّة لتطبيق قواعد السلامة والسرعة في المدن التي تخضع لتحكم الحوثي.
مسؤولية القيادي.. هل هي شخصية أم توجيهية؟
الحادث لا يمكن اعتباره حادثًا فرديًا اعتياديًا، خاصة وأن السيارة تحمل لوحة رسمية، مما يطرح علامات استفهام حول مسؤولية الحديث عن “قيادي” زرع بيئة يحيد فيها القانون أمام نفوذه. المجتمع ينظر إليه في كثير من الأحيان كجهة فوق القانون، وهو ما يكرّس تعريف “إفلات من العقاب” الذي يُرعب الجميع، حتى أولئك الذين يسيرون بخطواتهم الخاطئة.
هذه اللحظة تستدعي إجراءات شفافة ومحاسبة حقيقية، ليست فقط من أجل الضحايا، بل أيضًا لإعادة بناء ما تبقى من ثقة مجتمعية بقوة القانون، حتى في مناطق النزاع.
مقاربة إنسانية أولًا
بينما تُتقدم التحليلات السياسية، هناك دعوة لتسليط الضوء على الوجع إنسانيًا. أولئك كانوا أطفالًا يبنون مستقبلهم من خلال عرباتهم المتواضعة، ورجل كبير عليهم برسمي عائلة، وكل ذلك انتهى فجأة بلمسة قدم سباقة لا ينتبه لها أحد. هؤلاء يستحقون أكثر من أخبار عابرة، بل قصص حقيقية تُروى وتُعالج، لأن الإنسان هو أولى خدمات الدولة والاجهزة الأمنية.
دعوات للالتزام بقوانين السير وحماية البسطات
الحادث يدعو لتفعيل قوانين السير بصرامة، وتقييد استخدام السيارات الحكومية في الأسواق والأسواق الفرعية. خاصّة لو كانت السرعة مفتوحة والمواقع مكتظة، لا بد من مسارات آمنة للمواطنين، وقيادة يحاسب عليها القانون. إن ضمان الحياة للمواطنين – خاصّة الأطفال – يجب أن تبدأ بانتهاج نهج الأمن والحماية، وليس السماح بالنفوذ الذي يتخطى القواعد.
خلاصة وخاتمة
مأساة رجل وطفلين يمتهنون بيع الرمان، دهسًا على يد سيارة قيادي حوثي بسيطة في الأسواق الفرعية، هي أكثر من حادثة. إنها تذكير بالتحديات اليومية التي تواجهها المدن اليمنية تحت سيطرة الميليشيا. هي دعوة لوقف الإفلات من العقاب، ولإعطاء قيمة رغيف وأمن البيوت والحياة التي تُنهب دون وازع.
وليت الحادث يكون نقطة تحول: تطبيق قانون، احترام للمدنيين، حماية للأطفال، وأن لا تكون السرعة وسعت السلطة مبررًا للقتل والعنف، أيا كانت التسمية أو اللوحة التي يحملها السائق.
لعل هذه الكلمات تحمل تذكيرًا بالإنسان، قبل أن يكون حدثًا، قبل أن يصبح رقمًا، بل قصة مؤلمة قابلة للاحتضان بالحق والعدالة.