لبنان – السابعة الإخبارية
فضل شاكر.. في مشهد طال انتظاره لسنوات، عاد اسم الفنان اللبناني فضل شاكر إلى الواجهة القضائية، بعد أن مثل صباح الأربعاء، 22 أكتوبر 2025، أمام محكمة الجنايات في بيروت، في جلسة استجواب تمهيدية شكلية تمهيدًا لمحاكمته المرتقبة. الجلسة، التي عُقدت وسط إجراءات أمنية مشددة في قصر العدل، لم تأتِ بجديد في مضمون التهم، لكنها شكّلت الخطوة الرسمية الأولى في مسار قضائي مفتوح ومعقد، يمتد منذ أحداث عبرا الدامية عام 2013.
جلسة شكلية.. وإجراءات روتينية
بحسب مصادر قضائية مطلعة، اقتصرت الجلسة على إجراءات إدارية تمهيدية، دون الدخول في تفاصيل الاتهامات. فقد استمع القاضي بلال الضناوي، رئيس محكمة الجنايات، إلى أقوال فضل شاكر حول اسم محاميه الرسمي، وما إذا كان تعرض لأي ضغوط أو تهديدات قبل بدء المحاكمة، إضافة إلى التأكد من رغبته في المضي قدمًا في الإجراءات القضائية.
وخرج شاكر من المحكمة بعد فترة وجيزة دون توقيف أو تمديد للاستجواب، فيما تم تحديد تاريخ 15 ديسمبر 2025 موعدًا لانطلاق جلسات المحاكمة الفعلية.

السياق الأمني والسياسي المحيط
حضر فضل شاكر إلى المحكمة في الساعة 8:30 صباحًا، وسط إجراءات أمنية مشددة، تؤكد حساسية الملف الذي ينظر فيه القضاء. وتزامن الاستدعاء مع اهتمام إعلامي وشعبي واسع، نظرًا لما تمثله قضية شاكر من تشابك بين الفن والسياسة والدين والأمن، في بلد لا يزال يعيش تداعيات تلك المرحلة الأمنية الدقيقة.
يُذكر أن شاكر كان قد سلم نفسه قبل أشهر عند حاجز الحسبة في صيدا، بعد سنوات من الاختباء داخل مخيم عين الحلوة، في خطوة رأى فيها كثيرون “اعترافًا ضمنيًا” برغبته في مواجهة التهم وتصفية ملفه القانوني.
خلفيات القضية: أحداث عبرا وملفات معلّقة
تعود التهم الموجهة إلى شاكر إلى عام 2013، حين اندلعت مواجهات مسلحة بين عناصر تابعة للشيخ أحمد الأسير والقوات اللبنانية في منطقة عبرا – صيدا، في ما يُعرف بـ”أحداث عبرا”، وأسفرت عن استشهاد عدد من الجنود وإصابة آخرين، إلى جانب سقوط قتلى من المدنيين والمسلحين.
ويُتهم شاكر بأنه كان مقربًا من الأسير وشارك إعلاميًا وميدانيًا في تأجيج الأوضاع، رغم تأكيده المتكرر بأنه “انسحب قبل اندلاع المعارك” ولم يكن مشاركًا فيها.
أحد الملفات المطروحة حاليًا يتعلق بدعوى قضائية رفعها أهالي مدني قُتل بطلق ناري خلال تلك الأحداث، يتهمون فيها كل من الأسير وشاكر بالتسبب غير المباشر في مقتله، وهو ما تنظر فيه محكمة الجنايات حاليًا.

المحامية أماتا مبارك: موكلي بريء والقضية مسيّسة
محامية الدفاع عن فضل شاكر، أماتا مبارك، أكدت في تصريحات لوسائل الإعلام أن موكّلها ينفي بشكل قاطع أي صلة له بالموقوفين أو المسلحين الذين شاركوا في معركة عبرا، مشددة على أن “ملف شاكر منفصل تمامًا عن ملف أحمد الأسير”، وأنه يتعرض لحملة تشويه منذ أكثر من عقد.
وقالت مبارك:”شاكر اختار تسليم نفسه منذ فترة، في خطوة تنم عن رغبته في المثول أمام القضاء اللبناني وإغلاق هذا الملف بما يليق بفنان معروف”، مضيفة أن “الظروف الحالية تضمن محاكمة نزيهة وعادلة، دون تأثيرات سياسية أو شعبية”.
15 ديسمبر.. جلسة مفصلية قد تواجه شاكر بالأسير
الجلسة المقبلة قد تكون أكثر تعقيدًا، حيث يُتوقع أن تشهد مواجهة مباشرة بين فضل شاكر والشيخ أحمد الأسير، إضافة إلى استدعاء شهود، منهم عسكريون ومدنيون عايشوا أحداث عبرا. وقد يتم عرض فيديوهات وتسجيلات صوتية كان لها أثر كبير في توجيه الاتهام إعلاميًا ضد شاكر في تلك المرحلة.
وبحسب المصادر، فإن المحكمة ستنظر أيضًا في اتهام إضافي يتعلق بمحاولة قتل المدعو هلال حمود، وهي تهمة ينفيها شاكر بشدة، مؤكدًا أنه لم يكن في موقع الحدث لحظة وقوعها.
جدل في الرأي العام.. بين مؤيد ومعارض
منذ لحظة تسليمه نفسه، انقسم الرأي العام اللبناني والعربي بين من يرى أن فضل شاكر تاب عن مرحلة سياسية خاطئة في حياته ويستحق فرصة جديدة، وبين من يعتبره شريكًا في التحريض على العنف ويجب أن يُحاسب كما غيره.
في المقابل، يتابع جمهوره الفني محنته القضائية بأمل في أن يعود قريبًا إلى الساحة الفنية التي غاب عنها منذ أكثر من عقد، حيث لا تزال أغانيه القديمة تلقى رواجًا واسعًا بين فئات مختلفة من الناس.

خاتمة: العدالة على المحك
لا شك أن جلسة المحاكمة المقبلة ستكون محورية في تحديد مسار مستقبل فضل شاكر، فإما أن تفتح أمامه باب البراءة والعودة إلى الفن، أو تؤدي إلى إدانة قضائية تعزله نهائيًا عن الحياة العامة. وبين طيّات الأوراق القضائية، ينتظر فنان شهير حكمًا قد يغير مسار حياته بالكامل.
في بلد تداخلت فيه السياسة بالدين، والفن بالقانون، لا يبدو أن ملف فضل شاكر سيتوقف عند قاعة المحكمة فقط، بل سيبقى محل جدل اجتماعي وإعلامي طويل الأمد.