أديس أبابا – السابعة الاخبارية
مرض التراخوما، في قرية أسانو النائية بإثيوبيا، يعيش المزارع والخباز شيشو شيفا معاناة يومية بسبب إصابته بالتراخوما، وهو مرض بكتيري يصيب العين ويؤدي، في حال عدم علاجه، إلى العمى التدريجي.
إثيوبيا تعاني من إصابات التراخوما وتتصدر عالميًا
نتيجة لإصابته المزمنة، أصبحت عين شيفا اليسرى معتمة وحساسة للضوء، مما يجبره على البقاء في منزله لتجنب أشعة الشمس، وبسبب الألم الشديد، يلجأ إلى اقتلاع رموشه يدويًا لتخفيف الاحتكاك المؤلم بقرنيته.
لكن قصته ليست فريدة، إذ تعاني إثيوبيا من واحدة من أعلى معدلات الإصابة بالتراخوما في العالم، حيث تؤوي أكثر من نصف الحالات المسجلة عالميًا، رغم أن عدد سكانها يبلغ نحو 120 مليون نسمة.
ينتشر المرض بشكل خاص في المناطق الريفية الفقيرة، حيث تنتقل العدوى عبر ملامسة إفرازات العين أو الأنف المصاب، أو من خلال الذباب الذي ينقل البكتيريا بين الأفراد.
كما أن النساء أكثر عرضة للإصابة، نظرًا لتفاعلهن المستمر مع الأطفال، الذين يشكلون بيئة خصبة لنقل العدوى.
أعراض الإصابة بمرض التراخوما
ويؤدي المرض في مراحله المتقدمة إلى انقلاب الجفن إلى الداخل، مما يجعل الرموش تحتك بالقرنية مسببةً ألمًا شديدًا وتشوشًا بصريًا يتفاقم تدريجيًا حتى يصل إلى العمى.
وعلى الرغم من معاناته المستمرة منذ الطفولة، ظل شيفا مترددًا في الخضوع لجراحة بسبب تجربة والدته، التي لم تشهد تحسنًا كبيرًا بعد إجرائها للعملية نفسها.
لكن حملات التوعية التي تقودها منظمات مثل “كريستشن بلايند ميشن” أقنعته بضرورة تلقي العلاج وعدم تجاهل المرض.
وتعمل الفرق الطبية، مثل الفريق الذي يقوده طبيب العيون جيزاتشو أبيبي، على توعية السكان بضرورة غسل الوجه بالمياه النظيفة كإجراء وقائي أساسي.
لكن المشكلة الكبرى تكمن في ندرة المياه الصالحة للشرب في القرى الإثيوبية، إذ يضطر الأهالي إلى السير لمسافات طويلة لجلب مياه ملوثة، تشاركهم فيها الماشية، مما يفاقم انتشار الأمراض المعدية.
إثيوبيا تسعى لحفر آبار مياه نظيفة
وفي مواجهة هذا التحدي، تسعى الحكومة والمنظمات الصحية إلى حفر آبار المياه النظيفة، إلى جانب نشر التوعية حول أهمية الفحوصات الطبية الدورية للكشف المبكر عن المرض وعلاجه قبل أن يصل إلى مراحله المتقدمة.
في المراحل الأولى، يمكن علاج التراخوما بالمضادات الحيوية أو المراهم، لكن في الحالات الشديدة، مثل حالة شيفا، يكون الحل الوحيد هو التدخل الجراحي لإصلاح الجفن ومنع تفاقم الضرر.
في مركز صحي صغير يفتقر حتى إلى الكهرباء، خضع شيفا لجراحة استغرقت 30 دقيقة، ليشعر بعدها بتحسن كبير وأمل جديد في استعادة حياته الطبيعية.
ورغم الجهود العالمية لمكافحة التراخوما، لا تزال إثيوبيا واحدة من الدول الأكثر تضررًا بالمرض، فقد نجحت 21 دولة، من بينها توغو وغانا، في القضاء عليه كمشكلة صحية عامة بحلول نهاية عام 2024، لكن إثيوبيا لا تزال تواجه تحديات كبيرة بسبب الظروف المعيشية القاسية وسوء الخدمات الصحية.
كيفية التغلب على مرض التراخوما؟
ويؤكد الأطباء أن القضاء على التراخوما يتطلب تحسين الظروف المعيشية للسكان، إلى جانب تعزيز الوعي الصحي وضمان وصول الجميع إلى المياه النظيفة والرعاية الطبية.
ورغم أن هذا الهدف قد يستغرق وقتًا طويلاً لتحقيقه، إلا أن نجاح دول أخرى في التغلب على المرض يثبت أنه قابل للتحقيق إذا ما توفرت الجهود والإمكانات اللازمة.