مصر – السابعة الإخبارية
متلازمة داون.. أثار مقطع فيديو لعروس من محافظة الشرقية في مصر وهي تُزف إلى شاب مصاب بمتلازمة داون حالة كبيرة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، بين مؤيد يرى في الأمر صورة إنسانية مبهجة، ومعارض شكك في قانونية وشرعية هذا الزواج.

وبينما انشغل الرأي العام بالتعليقات والتفسيرات، خرج الدكتور إبراهيم سليم، رئيس صندوق المأذونين الشرعيين، ليحسم الجدل ويوضح الموقف الشرعي والقانوني من هذه الحالة، مستندًا إلى فتاوى رسمية صادرة عن دار الإفتاء المصرية.

متلازمة داون ..فتوى دار الإفتاء تحسم الجدل منذ 2005 الخاص بـ متلازمة داون
خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامية آية شعيب، في برنامج “أنا وهو وهي” المذاع على قناة صدى البلد، أوضح الدكتور سليم أن زواج الشاب المصاب بمتلازمة داون من فتاة سليمة يُعد صحيحًا من الناحية الشرعية، طالما أن الفتاة راضية وموافقة على الزواج، وهو ما أكدته فتوى دار الإفتاء المصرية رقم 441، الصادرة عام 2005.
وأضاف أن هذه الفتوى تُجيز زواج من يُعاني من إعاقات عقلية أو ذهنية، ما دامت أركان الزواج متوفرة، وهناك حرص من ولي الأمر على مصلحة الطرفين، مع وجود إشراف يضمن أن العلاقة تقوم على المودة والرحمة، كما نصّت الشريعة الإسلامية.
الزواج ليس فقط للإنجاب
أحد أبرز المفاهيم المغلوطة التي تناولها الجدل المجتمعي حول هذه الحالة هو الربط بين الزواج والإنجاب، حيث رأى البعض أن زواج شاب مصاب بمتلازمة داون قد يؤدي إلى إنجاب أطفال قد يعانون من نفس الإعاقة، وهو ما رد عليه الدكتور إبراهيم سليم قائلًا:“الزواج لا يُختزل فقط في مسألة الإنجاب، بل هو مؤسسة تقوم على الأنس، والرحمة، والمودة، والدعم النفسي والمعنوي، وهو حقإنساني شرعي لكل شخص.”
وأشار إلى أن وجود إعاقة أو حالة صحية خاصة لا تمنع شرعًا من إقامة علاقة زوجية طالما كان الطرف الآخر موافقًا ومُدركًا لما يقوم به.

شرط الرضا أساس صحة الزواج
شدد الدكتور سليم على أن الإجبار يُبطل العقد الشرعي، وفقًا لما يقره المذهب الحنفي الذي تعتمد عليه قوانين الأحوال الشخصية في مصر، موضحًا أن أي فتاة بالغة وعاقلة ورشيدة لا يجوز شرعًا ولا قانونًا إكراهها على الزواج.
وأكد أن المأذون الشرعي، بحكم عمله كمُوثق للزواج، يقع عليه عبء التحقق الكامل من رضا الطرفين، وخاصة في الحالات التي قد يثور حولها جدل أو شكوك، موضحًا أن التوثيق لا يتم بمجرد الحضور أو التوقيع، بل بعد التأكد من الأهلية والوعي والرغبة المتبادلة بين الطرفين.
الوليّ قد يُبرم العقد نيابةً عن الشاب
في حالة كان أحد طرفي العقد من ذوي الهمم أو غير قادر على التعبير الكامل عن إرادته، فإن وليّه الشرعي، كالوالد، يجوز له أن يُجري عقد الزواج نيابة عنه، بشرط أن يرى في ذلك مصلحة واضحة للابن، وأن يكون الزواج خاليًا من أي مظاهر استغلال أو إكراه.
المجتمع بين الرؤية الشرعية والنظرة الاجتماعية
ما كشفه هذا الحدث هو فجوة بين الفهم الشرعي والنظرة الاجتماعية، حيث لا تزال بعض الفئات تنظر إلى الأشخاص من ذوي الهمم نظرة دونية أو تنتقص من قدراتهم على اتخاذ قرارات مصيرية، مثل الزواج، رغم أن الشريعة الإسلامية قد كفلت لهم حقوقًا متساوية في كل ما يتعلق بالكرامة والعيش الكريم.
وتدعو هذه الواقعة إلى مراجعة المفاهيم المجتمعية السائدة حول ذوي الإعاقات، وإعادة بناء تصور أكثر إنصافًا وإنسانية، بعيدًا عن الأحكام الجاهزة أو التحيزات غير المبررة.

خاتمة: موقف شرعي واضح ودعوة للتفهم
ختامًا، فإن تصريحات الدكتور إبراهيم سليم جاءت لتعيد التوازن للحديث العام، ولتؤكد أن الشرع لا يمنع زواج ذوي الاحتياجات الخاصة ما دام العقد مكتمل الأركان، والرضا قائم، والمصلحة واضحة. كما وجّه دعوة ضمنية إلى احترام خصوصية الأفراد وعدم تحويل قصصهم الشخصية إلى مادة للجدل أو التنمر.
وإذا كان هذا الزواج قد أثار الجدل، فإنه في الوقت نفسه سلط الضوء على قضايا مهمشة، وفتح الباب لحوار مجتمعي أوسع حول مفاهيم الحقوق، والمساواة، والرحمة في العلاقات الإنساني.

زواج مثير في مصر.. العروس تبكي و العريس من ذوي متلازمة داون#إرم_نيوز #متلازمة_داون #مصر pic.twitter.com/XpBeofOqES
— Erem News – إرم نيوز (@EremNews) June 10, 2025