الكويت – السابعة الاخبارية
أثار نبأ دخول الفنان الكويتي القدير محمد المنيع إلى المستشفى حالة واسعة من التفاعل على منصات التواصل الاجتماعي، حيث توافدت الدعوات له بالشفاء العاجل من جمهوره ومحبيه في الكويت والخليج العربي، وسط قلق بالغ على حالته الصحية. المنيع، الذي يُعد من أبرز أعمدة الفن الكويتي والخليجي، يخضع حاليًا للعناية الطبية المركزة بعد تعرضه لأزمة صحية حادة وصفت بأنها خطيرة.
محمد المنيع يرقد في العناية المركزة وسط دعوات بالشفاء
وفق المعلومات المتداولة، فإن الفنان محمد المنيع تعرض لما وُصف بـ”الارتكاسة”، وهي حالة صحية تؤدي إلى تدهور في وظائف بعض الأعضاء الحيوية. هذه الأزمة أدت إلى تراجع في وظائف الكلى والكبد، إلى جانب مضاعفات أخرى ترتبط بتقدمه في العمر. الحالة الصحية الحرجة دفعت الأطباء إلى إدخاله وحدة العناية المركزة لتلقي المراقبة الطبية الدقيقة على مدار الساعة، في محاولة للسيطرة على المضاعفات ومنع تدهور الوضع.
العائلة تطلب الدعاء
منذ اللحظات الأولى لدخول الفنان المستشفى، حرصت عائلته على طمأنة الجمهور، لكنها في الوقت ذاته طلبت من الجميع الدعاء له. جاسم المنيع، نجل الفنان، كتب عبر وسائل التواصل الاجتماعي: “دعواتكم لوالد الجميع محمد المنيع.. الله يشافيه”، معبرًا عن قلق العائلة وأملها في تحسن حالته. كما صرّح في أحد اللقاءات أن والده “تحت رحمة الله”، داعيًا محبيه إلى التضرع بالدعاء حتى يعود إليهم سالمًا معافى.
تضامن واسع من الفنانين والجمهور
لم يتأخر الوسط الفني في التعبير عن تضامنه مع الفنان الكبير، حيث سارع عدد من النجوم والشخصيات العامة إلى نشر رسائل دعم عبر منصاتهم. الفنان طارق العلي كتب: “اللهم اشفِ الفنان الكبير محمد المنيع شفاءً لا يغادر سقمًا، وألبسه ثوب الصحة والعافية”. كما شارك فنانون آخرون رسائل مشابهة، مؤكدين على مكانة المنيع الكبيرة في قلوب زملائه وجمهوره، ودوره البارز في تأسيس الحركة المسرحية والدرامية في الكويت.
مسيرة فنية ممتدة لعقود
محمد المنيع ليس مجرد اسم في الساحة الفنية، بل هو قامة فنية ساهمت في إثراء المسرح والتلفزيون الكويتي والخليجي لعقود. وُلد في منطقة القبلة بالكويت، وبدأ حياته المهنية بعيدًا عن الأضواء، حيث عمل في مهن يدوية مثل اللحام، قبل أن ينتقل إلى العمل في شركات النفط. ورغم هذه البدايات، ظل حلم الفن يرافقه منذ الصغر، ما دفعه للانضمام إلى فرقة المسرح الشعبي عام 1956، ليبدأ رحلة طويلة في عالم الإبداع.
من المسرح الشعبي إلى المسرح العربي
بعد انضمامه إلى فرقة المسرح الشعبي، أصبح المنيع أحد مؤسسي فرقة المسرح العربي، وهي الخطوة التي مكنته من تقديم أعمال مسرحية شكلت جزءًا مهمًا من تاريخ الفن الكويتي. على خشبة المسرح، تألق في عدد كبير من العروض التي جسدت قضايا المجتمع الكويتي والخليجي، وعبرت عن هموم الناس وآمالهم بأسلوب درامي مميز.
أعمال درامية رسخت مكانته
لم يقتصر عطاء المنيع على المسرح فقط، بل قدم مجموعة واسعة من الأعمال الدرامية التي لا تزال راسخة في ذاكرة الجمهور. من أبرز مسلسلاته “مدينة الأمان”، “دروب الرجولة”، “طش ورش”، “حال منايير”، “الداية”، “بيت الأوهام”، “أحلام صغيرة”، “الأقدار”، “ساهر الليل”، “أسرار خلف الشمس”، و”سليمان الطيب”. هذه الأعمال، وغيرها الكثير، جعلت منه رمزًا فنيًا يُحتذى به، وواحدًا من أكثر الفنانين تأثيرًا في المشهد الدرامي الخليجي.
أسلوب فني متفرد
تميز المنيع بأسلوبه التمثيلي الهادئ والعميق، وقدرته على تجسيد الشخصيات المعقدة والبسيطة على حد سواء. كان يختار أدواره بعناية، مفضلًا الأعمال التي تحمل رسائل اجتماعية وإنسانية، وهو ما أكسبه احترام النقاد وحب الجمهور. كما عُرف بروحه المرحة خلف الكواليس، وحرصه على دعم الفنانين الشباب، ما جعله أبًا روحيًا للعديد منهم.
حياة أسرية مستقرة
بعيدًا عن الأضواء، عاش المنيع حياة أسرية هادئة ومستقرة. هو متزوج من لميعة المنيع، وله عدد من الأبناء والبنات، من بينهم الدكتور جاسم المنيع الذي يشغل مكانة بارزة في مجاله. على الرغم من انشغاله الفني، كان المنيع دائم الحرص على التواجد مع أسرته، ويولي اهتمامًا كبيرًا للعلاقات العائلية.
الجمع بين الفن والعمل الرسمي
إلى جانب مسيرته الفنية، عمل المنيع في وزارة التربية والتعليم حتى تقاعده. استطاع التوفيق بين عمله الإداري وحبه للفن، مما يعكس التزامه وانضباطه في حياته العملية. هذا التوازن بين الحياة المهنية والفنية كان من أبرز سماته، وجعل منه نموذجًا للفنان المسؤول الذي يقدر قيمة العمل في مختلف مجالاته.
إرث فني وإنساني
اليوم، ومع الأزمة الصحية التي يمر بها، يعيد الكثيرون تذكر إرث محمد المنيع الفني والإنساني. فقد ساهم في تأسيس حركة مسرحية ودرامية ما زالت أصداؤها حاضرة، وترك بصمة واضحة في كل دور جسده وكل عمل شارك فيه. مكانته بين جمهوره وزملائه ليست نتيجة موهبته فقط، بل أيضًا لشخصيته المتواضعة وأخلاقه العالية.
دعوات مستمرة بالشفاء
بينما يواصل الأطباء جهودهم لتحسين حالته، تظل الدعوات الصادقة من الجمهور وأصدقائه في الوسط الفني تتردد على مختلف المنصات. الجميع ينتظر أي خبر يطمئنهم على صحة هذا الفنان الكبير الذي أعطى الكثير لفنه ووطنه. ومع كل رسالة دعم، يتجدد الأمل في أن يتجاوز المنيع هذه الأزمة ويعود لمتابعة حياته بين أسرته ومحبيه.
محمد المنيع ليس مجرد فنان، بل هو رمز لجيل كامل ساهم في بناء المسرح والدراما في الكويت والخليج. أزمته الصحية الحالية أعادت تسليط الضوء على مسيرته الطويلة والمميزة، وعلى الحب الكبير الذي يكنه له الجمهور. وبين قلق المتابعين وتضرعهم بالدعاء، يبقى الأمل معقودًا على أن يتخطى هذه المرحلة الصعبة ويعود كما عهدناه، صرحًا فنيًا وإنسانيًا شامخًا.