الكويت – السابعة الاخبارية
محمد المنيع، في لحظة مؤثرة، ودّعت الكويت والخليج العربي أحد أعمدة الفن والمسرح، برحيل الفنان القدير محمد المنيع، الذي توفي عن عمر يناهز 95 عامًا، بعد صراع مع أزمة صحية أدت إلى تدهور وظائف الكلى والكبد. برحيله، يُغلق فصل من فصول الفن الأصيل الذي شكّل جزءًا من الهوية الثقافية الكويتية والخليجية.
محمد المنيع في ذمة الله.. صاحب “بس يا بحر” وذاكرة المسرح العربي
حددت عائلة الفنان الراحل موعد دفنه مساء السبت 9 أغسطس/آب 2025، بعد صلاة العشاء، في مقبرة الصليبيخات، أحد أكبر وأهم المقابر في الكويت. كما سيُقام عزاء الرجال في منطقة الشامية، يومي الأحد والاثنين، من بعد العصر.
وقد توافدت الشخصيات الفنية والرسمية إلى مقر العزاء، حيث عبّر الجميع عن حزنهم العميق لفقدان شخصية بحجم محمد المنيع، الذي ترك إرثاً فنياً وإنسانياً لا يُنسى.
وزير الإعلام ينعى رائد المسرح الكويتي
نعى عبدالرحمن المطيري، وزير الإعلام والثقافة الكويتي، الفنان الراحل بكلمات مؤثرة، قائلاً إن المنيع كان من رواد الفن الكويتي والخليجي، ومن الشخصيات التي أثرت المشهد الفني لعقود طويلة. وأضاف أن الراحل كان مثالاً للفنان المخلص، الذي ظل وفيًا لجمهوره ورسالته الفنية، وساهم في تأسيس قواعد العمل المسرحي والدرامي في الكويت.
من لحام في النفط إلى نجم على خشبة المسرح
رغم أنه ارتبط في أذهان الجماهير بالأضواء والكاميرا والمسرح، إلا أن بدايات محمد المنيع كانت مختلفة تمامًا. فقد بدأ حياته العملية في قطاع النفط، حيث عمل في مهن شاقة، منها لحام الأكسجين وإصلاح الخزانات، قبل أن يتولى مهامًا إشرافية في مناطق مثل الأحمدي والشويخ.
لكن شغفه بالفن لم يفارقه، وفي عام 1961، انضم إلى المسرح الشعبي، لتبدأ رحلة فنية طويلة استمرت أكثر من ستة عقود. وفي عام 1964، ساهم مع مجموعة من رواد المسرح في تأسيس فرقة المسرح الكويتي، وتدرّج في مناصبها حتى شغل منصب نائب رئيس مجلس الإدارة.
بصمات لا تُنسى في المسرح والتلفزيون
على خشبة المسرح، كان المنيع حاضرًا بقوة، مقدماً أعمالاً شكلت علامات فارقة في تاريخ المسرح الخليجي، منها:
- “حظها يكسر الصخر”
- “علي جناح التبريزي وتابعه قفه”
- “فرسان”
وتُعد هذه الأعمال من الركائز التي ساهمت في بناء المسرح الكويتي الحديث، حيث تميزت بالعُمق الفني والطرح الاجتماعي، ما جعلها تُدرّس في المعاهد الفنية وتبقى في ذاكرة الجمهور.
مسيرة درامية غنية.. وحضور مميز في السينما
لم يتوقف عطاء محمد المنيع عند المسرح، بل امتد إلى الشاشة الصغيرة، حيث شارك في عشرات المسلسلات الدرامية التي لاقت نجاحًا واسعًا، منها:
- “الداية”
- “غصون في الوحل”
- “زمان الإسكافي”
- “عبرة شارع” (كان آخر ظهور درامي له عام 2018)
كما كانت له بصمات بارزة في السينما الكويتية، من خلال أفلام مثل:
- “بس يا بحر” – أحد أهم الأفلام في تاريخ السينما الخليجية
- “أوراق الخريف”
أثبت من خلال هذه الأعمال قدرته على تجسيد مختلف الأدوار بواقعية وصدق، ما جعله فنانًا شاملاً يجمع بين الأداء المسرحي والدرامي والسينمائي.
تكريمات ومحبة جماهيرية لا تنتهي
طوال مسيرته، نال الفنان محمد المنيع تكريمات عدة من جهات رسمية وفنية داخل وخارج الكويت، تقديرًا لإسهاماته الثرية في الحقل الفني. إلا أن أكبر تكريم تلقاه كان محبة الجمهور، وارتباط اسمه بالصدق الفني والاحترافية.
كما كان يُعرف بتواضعه وحرصه على دعم المواهب الشابة، فكان بمثابة الأب الروحي للكثير من الفنانين الكويتيين الذين نشأوا على يده.
وداعًا محمد المنيع.. صوت المسرح وذاكرة الدراما الخليجية
برحيل محمد المنيع، تفقد الساحة الفنية الخليجية أحد رموزها الكبار، رجل جمع بين الإخلاص الفني والصدق الإنساني، وترك وراءه إرثاً سيظل يُروى للأجيال. ورغم أن الجسد قد غاب، إلا أن أعماله ستظل حيّة في ذاكرة الفن الخليجي، تروي قصة فنان بدأ من القاع، ووصل إلى القمة دون أن يفقد بساطته أو محبته للجمهور.