القاهرة، محمد الصو – السابعة الاخبارية
محمد صبحي، شهدت الساعات الماضية حالة واسعة من الجدل حول الفنان الكبير محمد صبحي بعد انتشار مقطع فيديو يظهر انفعاله على سائقه الخاص عقب خروجه من دار الأوبرا المصرية، حيث جرى تكريمه ضمن فعاليات مهرجان “آفاق” المسرحي. وبين التعاطف والغضب، تبدّلت ردود الفعل على مواقع التواصل الاجتماعي، ووجد الفنان نفسه في قلب عاصفة إعلامية غير متوقعة في وقت يعيش فيه مرحلة صحية دقيقة.
في هذا التقرير، نقترب من تفاصيل الواقعة، ونتناول خلفيات التكريم، ونرصد وضعه الصحي، مع تحليل لموجة الجدل التي لا تزال تتفاعل على المنصات الرقمية.
محمد صبحي وفيديو يُشعل السوشيال ميديا… ومشهد يثير الأسى
بدأت القصة حين تداول مستخدمو منصات التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر فيه محمد صبحي أثناء خروجه من دار الأوبرا المصرية، حيث تجمّع عدد كبير من الجمهور والصحفيين حوله لتهنئته على تكريمه. وفي ظل الازدحام، بدا صبحي في حالة توتر واضحة وهو يبحث عن سائقه الذي لم يكن موجودًا داخل السيارة في تلك اللحظة.
يُظهر الفيديو الفنان وهو يصرخ على سائقه المسنّ، مطالبًا إياه بتسليم مفاتيح السيارة، ليتولى قيادتها بنفسه لمسافة قصيرة بغرض الابتعاد عن الزحام الخانق. وبعد ثوانٍ من الانفعال، تحركت السيارة بينما بدا السائق يركض خلفها وسط دهشة الحضور.

هذا المشهد، الذي التقطته الهواتف المحمولة، أثار موجة واسعة من الانتقادات، إذ اعتبر البعض أن أسلوب الفنان لم يكن لائقًا، خصوصًا أن السائق بدا متقدمًا في العمر، ما أضاف بُعدًا إنسانيًا مؤلمًا للمشهد. في المقابل، دافع آخرون عن صبحي، مؤكدين أنه يعيش ضغوطًا صحية ونفسية عقب الوعكة التي تعرض لها مؤخرًا، وأن الانفعال قد يكون نتاج إرهاق لا أكثر.
الجمهور منقسم… والجدل لا ينتهي
انقسمت مواقع التواصل بين معارض شرس ومتعاطف صادق. فريق وصف ما حدث بأنه إساءة لا يُفترض أن تخرج من فنان بمكانة محمد صبحي، وفريق آخر رأى أن الهجوم مبالغ فيه، معتبرين أن المقطع لا يعكس السياق الكامل للواقعة، وأن الفنان مرهق بعد مشاركته في الحدث الفني وتعامله مع الحشود.
وبين هذا وذاك، استمرت التعليقات والتدوينات في تصدّر تريندات السوشيال ميديا، وتحوّلت الواقعة إلى موضوع نقاش عام حول علاقة الفنانين بمن يعملون معهم، والسلوكيات المتوقعة من النجم في المواقف الضاغطة.
رسالة غامضة… ورد غير مباشر من محمد صبحي
ورغم الضجة الكبيرة، لم يخرج محمد صبحي بتصريح مباشر حول الفيديو. لكنه نشر عبر صفحته الرسمية على “فيسبوك” رسالة اعتبرها البعض ردًا غير مباشر، إذ كتب:
“رغم كل الماء العذب الذي تصبّه السماء في البحر، إلا أنه يبقى مالحًا.. فلا تُرهق نفسك، فالبعض لا يتغيرون مهما حاولت.”
البعض رأى في هذه الكلمات تعبيرًا عن استياء الفنان من الانتقادات، بينما رأى آخرون أنها مجرد حكمة عامة لا علاقة لها بالفيديو. لكنّها على أي حال أضافت طبقة جديدة من التأويلات، وربما ساهمت في استمرار الجدل بدل تهدئته.
تكريم كبير في “آفاق” المسرحي… لحظة كان يفترض أن تكون احتفالية
قبل اندلاع الأزمة، عاش محمد صبحي لحظات مميزة خلال حفل تكريمه بمهرجان “آفاق” المسرحي على مسرح الهناجر بدار الأوبرا المصرية. فقد احتفى به القائمون على المهرجان باعتباره الرئيس الشرفي للدورة الحادية عشرة التي تحمل اسم الفنان الراحل عبد الوارث عسر.
وألقى صبحي كلمة عبّر فيها عن امتنانه للتكريم، مؤكدًا أن المسرح سيظل بيته الأول ومصدر شغفه الدائم. وتحدّث عن أهمية المبادرات التي تكرّم رواد الفن، والتي تمنح الفنان دفعة قوية لمواصلة العطاء. كما وجّه رسالة إلى الشباب من المسرحيين، داعيًا إياهم إلى الالتزام والإبداع والسعي لصناعة فن يليق بالجمهور العربي.
كانت لحظات التكريم مشرّفة ومؤثرة، لولا أن الفيديو الذي تلاها حوّل مسار الحديث العام من الاحتفاء بالإنجاز إلى نقد السلوك.
وعكة صحية تفسّر الكثير… وربما تبرّر البعض
قبل الواقعة بأيام، كان محمد صبحي قد تعرض لوعكة صحية مفاجئة في منزله بطريق القاهرة–الإسكندرية الصحراوي. نُقل على إثرها إلى أحد المستشفيات الخاصة بمدينة السادس من أكتوبر، حيث دخل العناية المركزة لتلقي الرعاية الطبية اللازمة.
ظل الفنان في المستشفى عدة أيام، وسط حالة قلق واضحة بين جمهوره وزملائه، قبل أن تطمئن صفحته الرسمية المتابعين بأنه في تحسن مستمر. وبعد استقرار حالته، غادر المستشفى وعاد إلى منزله، مؤكدًا أنه يستعيد طاقته ويستعد لمرحلة جديدة من العمل الفني.
هذا السياق الصحي جعل البعض يتعامل مع فيديو الانفعال بنظرة أكثر تعاطفًا، معتبرين أن الرجل ما زال يتعافى من أزمة مرهقة، وربما لم يتمكن من التحكم في أعصابه خلال لحظة ضغط.

بين الفن والإنسان… صورة محمد صبحي في عين العاصفة
يبقى محمد صبحي أحد أهم رموز المسرح العربي، وصاحب تاريخ طويل من الأعمال المؤثرة. لكن حياة الفنان ليست دائمًا على المسرح، بل تحمل مواقف إنسانية قد تثير الجدل أو التعاطف أو الاستياء.
واقعة السائق تضاف إلى سلسلة من الجدالات التي يواجهها الفنانون بسبب مقاطع مقتطعة أو لحظات انفعال توثّقها الكاميرات دون سياق. ومع ذلك، يظل الحكم النهائي في يد الجمهور الذي يقيم الإنسان كما يقيم الفنان.
ومع بدء صبحي مرحلة صحية جديدة واستعادته نشاطه، سيبقى السؤال: هل ستطغى صورة الفيديو على مسيرته، أم أن الوقت كفيل بطيّ صفحة الجدل؟
الأسابيع المقبلة وحدها كفيلة بالإجابة.
